إعلان

بالصور.. ''لما تبقى الجزمة فن''

03:12 م الأربعاء 25 مارس 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

تصوير: محمود بكار

يسير في شوارع القاهرة موجهًا نظره لتلك المادة الاستهلاكية التي يرتديها الناس بأقدامهم، تلك الأحذية التي لا يعيرها الناس انتباهًا، مجرد حذاء يقي القدم، لكنه لا يفكر فيه بهذه الطريقة، هو فن أمام عيناه، له تصميمه الخاص و''قالب'' يوضع فيه، كما أن القدم التي ترتدي الحذاء تُعطي له شكله الخاص.

بجاليري ''التاون هاوس'' بوسط البلد كان ''أحمد ناجي'' يقف بين أحذيته، جالبًا بعض تصميماته والمواد التي يرجع قِدمها لعام 1935 من ورشته، يرتدي حذاء بُني اللون من أحد تصميماته هو، متجولًا بالمعرض يتحدث لوسائل الإعلام عن قصته مع الأحذية.

وقف ''ناجي'' يومًا في رواق المترو يركز نظره على حذاء ''بوت'' ترتديه فتاة، كان ال''بوت'' بجلده ال''شمواه'' جميلًا في نظره، وكل ما أراده أن يصور الحذاء ليرى تصميمه، طلب بكل بساطة من الفتاة أن تخلعه، ''فكرتني متحرش'' هذا ما ظنته الفتاة، لكنها مع إصرار ''ناجي'' على تصويره قامت بنزعه من قدمها وإعطائه إياه، بين نظراتها المستغربة وهو ما لم يأبه به ''في نظري أنا فنان''.

كان الجد، والد الأم، يعلم الفتى صناعة الأحذية ملقنًا إياه ''الصنعة دي ممكن تنفعك في يوم من الأيام''، كانت العصا سلاحه أحيانًا لترهيبه حتى يتعلم تلك ''الصنعة'' رغم الكره الذي يكنه لها طالب الإعدادية وصراخه بأنها ''مقرفة''، لكن ذلك لم يسنِ جده عن أن ''يُشّربه'' مجال الأحذية الذي أخذته العائلة عملًا لها منذ ثلاثينيات القرن العشرين، ويظل ''ناجي'' رغم وفاة جده، ابتعاده عن النِعال ودراسته لفنون مسرحية أن يعود مجددًا كصانع للأحذية بداية من عام 2012.

بعدما شارك ''ناجي'' في وثائقي ضد التحرش بألمانيا، لفت انتباهه تصميمات فنية لأحذية هناك إلا أن ثمنها مرتفع ''180 يورو''، بأحد المرات قام بطلب أحذية ألمانية من صديقته هناك ''فكيتها واحدة واحدة، بوظتها''، حتى يرى المادة المصنوعة منها، وجد ''ناجي'' أنها ليست بجودة المواد المصرية، وهنا قرر أن يصنعها بنفسه.

''سجادة الصلاة'' كانت المادة الأولى التي صنع منها ''ناجي'' الحذاء ''عملت جزمة الوش سجاد، واللي ورا جلد''، لكن رفاقه حذروه من استخدام سجادة الصلاة كمادة للأحذية ''قالولي دا ضد الدين''، وبدأ في عمله من الأغطية والسجاد ثم الأقمشة وعظم السمك، ليُنتج نِعال يخلو وجهها من الجلد وسطحها ملون وملمسه ناعم، أولى تصاميمه كانت له، والآن هناك بعض من تصميماته مُعلّقة في ''فاترينة'' بالتاون هاوس.

لم يُفكر ''ناجي'' أثناء دراسته للفنون المسرحية أن يصمم أحذية ولكن جاء مُرتب ''الحكومة'' ضئيلًا جدًا بعد تخرجه، وهو ما جعله يحول نظره ل''صنعته'' القديمة ساعده في ذلك أدوات الأحذية القديمة التي تخص عائلته، غالبًا ما أخذ آراء أصدقائه الأجانب، الذين شجعوه للاستمرار في ذلك المجال، بينما علّق البعض من أصحابه بأنه ''مجنون''.

تدريجيًا كان ل''ناجي'' ورشته الخاصة به، في البيت أولًا ثم بباب اللوق، إلا أن صاحب العمارة رفع سعر الإيجار، لما علم أن صانع الأحذية أصبح ''عليه طلب''، حوّل ''ناجي'' الورشة لتصير ببيته مرة أخرى.

''سابو'' ذلك الحذاء المُغلق من الأمام ومفتوح من الخلف بكعب عالي، كان لجده أحذية يتذكرها حتى الآن ''ناجي'' منها ذلك ''السابو'' المصنوع من الجلد البقري ممزوجًا به جلد ضاني، ذلك الحذاء كان لوالدته ''كنت بحبه لدرجة إني بلبسه، التصميم بسيط، كان تحفة فنية''.

ثلاث غرف بيضاء اللون وواحدة بلون سماوي في ''هذا المعرض عن الأحذية'' وُضعت بهم كل ما يتعلق بمهنة صانع الأحذية، مقاسات القدم، القوالب، الأرقام والورنيش، كل الأدوات المرتبطة بالحذاء بجانب تصميمات ''ناجي'' المعلقة على الجدران بمسامير أو داخل ''فاترينة''، ومنضدة صغيرة وضع عليها ''ناجي'' بعض أدواته الخاصة التي جلبها من ورشته.

غالبية الطلبات التي يصممها ''ناجي'' لأجانب ''هم اللي بيقدروا حاجة اسمها فن''، ولأنها مصممة بحرفية وليست مجرد حذاء استهلاكي فأسعارها أغلى من الأحذية العادية ولكنها أرخص من أسعار الخارج، فأسعاره تتراوح من 400 جنيه إلى ما قبل الألف ونصف، أغلى حذاء صممه ''ناجي'' كان مصنوع من السجاد الإيراني وهو غالي الثمن مما جعل سعر الحذاء 1400 جنيه.

بافتتاح المعرض الأول ل''ناجي'' بتاون هاوس، توقع كمًا من السخرية والضحك عليه، لكن أوجه الناس امتلأت بالتقدير ''فيه بنت أخدت شوز واتصورت معاه سيلفي''، أسئلة وُجهت لصانع الأحذية منها استفسارات عما يُمكن ارتدائه على هذا الحذاء أو ذاك، ذلك لم يمنع من السخرية أحيانًا خلال المعرض ''واحد جه قالي الجزمة بتاعتي مقطوعة عاوز ألحمها''.

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان