حنين زعبي.. النائبة العنيدة على أرض الكنيست (بروفايل)
كتبت - دعاء الفولي:
تقف بنظارات طبية وثغر متبسم، لا تتلفت يمينًا ولا يسارًا، واثقة الخطى والكلمات، تحكي عن الذين أجرموا بحق الشعب، تخرج في المحافل الضخمة لتكرر قناعاتها، فهي كفلسطينية ليست ضحية "لكننا أصحاب الأرض"، تقف داخل هيئات تابعة للمحتل فتحكي عن جرائمه، يتنمر عليها البعض كونها عربية، فتضحك ساخرة، ويسكب عليها آخر زجاجة مياه، فلا تعبأ به. رغم مآخذ البعض عليها بتواجدها داخل الكنيست الإسرائيلي، إلا أن حنين زعبي على موعد دائم مع العناد ضد المحتل.
2009 كان العام الذي دلفت فيه "زعبي" إلى الكنيست، كأول امرأة فلسطينية ضمن قائمة عربية، وهي حتى الآن من الأقلية النسائية به، رفضت حينها أداء النشيد الإسرائيلي، فهو يمثل عين العنصرية، كما تشعرها كلمة "عرب إسرائيل" بالخزي، فهم فلسطينيون فقط في نظرها دون اقتران سيرة الاحتلال بهم.
بروح تملؤها الحماسة اجتمع 581 ناشط سياسي، ضمنهم كانت "زعبي" على متن السفينة التركية "مافي مرمرة"، التي شقت طريقها إلى قطاع غزة، لكسر الحصار عام 2010، وإمداد السكان باحتياجاتهم من غذاء وأدوية ومواد بناء، غير أن القوات الإسرائيلية باغتت النشطاء السلميين فجر الواحد والثلاثين من شهر مايو، أطلقت عليهم الغاز والرصاص الحي، لتقتل منهم 19 شخصا وتصيب آخرين، ضج الإعلام وقتها بالحادث، اعتذر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان، غير أن الأصوات توجهت إلى الأمم المتحدة لاتخاذ خطوات بشأن إجرام الجيش الإسرائيلي، فلم تستجب الدولة الصهيونية.
بين حالة اليأس التي أحاطت بمن خرجوا على قيد الحياة، حاولت "زعبي" التماسك، لم تنس الجرحى الذين نزفوا أمامها دون إنقاذهم، فرفعت لافتة باللغة العبرية ربما يهتم أحد، صرحت السيدة ذو الـ45 عاما وقتها بأنها "لم تر شيئا مماثلا من قبل"، فتلقت اعتراضات عنصرية من أعضاء الكنيست المتطرفين، إذ قالوا لها "اذهبي إلى غزة يا خائنة" على منبر البرلمان، وطالب آخرون بسحب الجنسية الإسرائيلية منها، وطردها من البرلمان، فلم تُنفذ المطالب، لكن سُحب منها الجواز الدبلوماسي، وميزة الحصول على تمويل للدفاع القانوني عن نفسها.
بمدينة الناصرة وتحت وطأة الاحتلال، وُلدت "زعبي"، درست علم النفس والفلسفة، ثم الإعلام بالجامعة العبرية في القدس، تحاضر في أكثر من مكان، بالإضافة لكونها ناشطة في اتحاد المرأة التقدمي، وحزب التجمع، ربما تستغل عضوة الكنيست كل فرصة لإغاظة المحتل على طريقتها. تفتخر بأنها لا تمثل الصورة النمطية عن المقاومة التي يظن الإسرائيليون أنها أصولية دائما كحماس، فعلى حد قولها "أنا فلسطينية علمانية".
"زعبي" سيدة مكروهة من قبل الإسرائيليين، غير أن ثمة فلسطينيين لا يحبونها كذلك، يرى البعض أنها تسكن في عش الدبابير، فكيف لا تُلدغ منهم؟، أو تتشبه بهم؟، لكنها تعتقد بأهمية وجودها داخل الكنيست، الذي يعقد انتخاباته كل أربعة أعوام، فتحاول صنع انتصارات صغيرة، كأن يتم تأجيل مشروع قانون يسمح بطردها من البرلمان، وهو قانون يسمح للكنيست بفصل أي عضو يعادي الدولة الإسرائيلية ويقف مع الإرهاب، حتى سُمي في الإعلام الإسرائيلي باسم "قانون حنين زعبي"، ظهر في نوفمبر 2014، بعد شهادتها في محكمة إفريقية، بجرائم إسرائيل ضد فلسطين. كما أنها قد لاقت تعنتا مضاعفا من قبل أعضاء البرلمان، بعد رفضها وصف مختطفي 3 مستوطنين إسرائيليين بالإرهابيين لأنها "ضد وصف إرهابي الذي تطلقه إسرائيل على المقاومة عموما".
منذ يومين بدأت انتخابات الكنيست العشرين، شاركت فيها هذه المرة القائمة العربية الموحدة التي تضم أربعة أحزاب، منهم كانت حنين، التي تفاءلت كزملائها بفوز قائمة عربية بـ14 مقعد، دورة جديدة من المعارك ستمر بها السيدة المبتسمة معظم الوقت؛ حماقات زملاءها في الكنيست، ومحاولاتهم الدائمة إذلالها ومن معها، لا يمكن التكهن بما سيحدث، لكن يبدو أنها ستستمر في إيمانها أن الكنيست قد يكون وسيلة لتحقيق غاية.
فيديو قد يعجبك: