أمام المشرحة.. أي رعب أكبر من هذا سوف يجيء؟
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتب- محمد مهدي:
على بُعد أمتار من مشرحة زينهم، جلس عدد من الأشخاص أمام شاشة تلفاز ضخمة، في أحد المقاهي، يطل منها "أحمد موسى"، مرددا ما جاء على لسان وزير الداخلية، بأن قوات الأمن غير مسؤولة عن سقوط قتلى ومصابين من رابطة "الوايت نايتس"، مؤكدًا أن الضحايا سقطوا نتيجة التدافع، يقف أحد الحضور ضاربا كفا على كف "إزاي يعني.. انتوا عايزين تجننونا" بينما تمر بجوارهم سيارة ملاكي يقودها شاب برفقته سيدة أربعينية وزوجها في طريقهما إلى المشرحة.
تشق السيارة طريقها بين الزحام المرتبك، تخرج السيدة سريعا موزعة نظراتها بقلق على الحضور أمام المشرحة، تتحرك عيناها بسرعة في الأنحاء، قبل أن تلتقي بفتاة تهمس لها بشيء فترد "هو فين.. عايزة أشوفه"، فيما يعلو صوت صراخ شاب يستند إلى حائط المشرحة "مكنش لازم أسيبه يروح لوحده.. فضل يتحايل عليا أروح معاه وأنا رفضت.. مستحيل يكون مات"، يحاول زملائه تهدئته دون فائدة.
داخل المشرحة، الأجواء أكثر كآبة، عشرات من الأهالي والشباب يصطفون أمام نافذة صغيرة يجلس خلفها موظف يحمل بين يديه كشوف بأسماء القتلى، وبجواره شاشة تحوي صورهم، لحظات قاسية تمر ببطء شديد عندما تُعرض الأسماء والصور على السائلين، تزوغ أبصارهم، يتمتمون بكل ما يحفظونه من دعاء، غير أن أحدهم اصطدم بنيران الفقد بغتة فاندفع من أمام النافذة إلى حضن أحد أصدقائه بينما وقف الأخير غير مصدقا "متقوليش إسلام مات"، في الوقت نفسه هتف شخص من الحضور غاضبا "أنا كان ممكن أموت لو معرفتش أنط السور.. كان ممكن أبقى مكان اللي في المشرحة.. انتوا مستنين إيه بعد كل دا؟ عايزنا نبيع جنسيتنا؟".
بين ضجيج الصراخ والبكاء وكلمات المواساة يتجول شاب عشريني بين الجميع في صمت، يحمل بين يديه سلة بداخلها بعض المأكولات، يربت على كتف من يقابله "خُد حاجة تقوي بيها نفسك"، يلح على من أمامه لتناول الطعام، يُقابل الرفض بابتسامة حانية، ثم يُكمل سيره بين الحضور، ويُكرر فعلته "أنا اتعودت في كل حادث كبير أجيب أكل وأنزل أوزعه على الناس رحمة للشهداء.. مع أني معرفهمش".
في منطقة الغُسل، زحام شديد في طُرقة طويلة صغيرة، رائحة الموت تفوح في المكان، الحزن يتسلل في الجنبات، الوجوه شاردة، أحدهم يهز رأسه بشكل هستيري لكنه لا يتفوه بكلمة، آخر يتكور على أرضية المكان باكيا في صمت، رجل ملتحي يصرخ " يا جماعة عايزين نوسع لبعض المكان.. وكل واحد هيأخد الأمانة بتاعته.. اطمنوا" يلتقط شاب الكلمة الأخير كأنها سُبة تُزيد كاهله بأطنان من الغضب فيبتعد عن المكان "كنا مطمنين واحنا رايحين الماتش بس اتغدر بينا".
تتقدم سيارة ملاكي أمام منطقة الغُسل، قبل دقائق من خروج جثمان أحد الشهداء مُحملا على أعناق المتواجدين، ينقلونه إلى السيارة حيث يجلس والديه، ضما ابنهما إلى صدورهما، امسكوا به جيدًا حتى لا يُفلت منهما كما أفلت من الحياة، لم يحتملا فانهمرا بالبكاء، تحركت السيارة، خرجت من محيط المشرحة الممتلأ عن أخره بتفاصيل الموت، بينما أعين شاب تراقبهم وهو يقول "هيفضلوا حاضنين ابنهم وهو ميت لحد ما يوصلوا المدفن.. هو في رعب أكتر من كدا هنعيشه؟!"
تابع باقي موضوعات الملف:
شهداء ''الوايت نايتس''.. السلام أمانة للـ''74'' (ملف خاص)
بالصور: أولها ''غربة''.. وتانيها ''تشجيع''.. وآخرها ''عم أمين مات''
بالصور.. حكاية أصغر شهيدة ماتت في حب ''الزمالك''
مرتضى منصور.. صاحب نبوءة الموت المتحقق "بروفايل"
بالصور.. اللحظات الأخيرة في حياة ''محمد صلاح'' شهيد ''مجزرة الأولتراس''
شريف الفقي.. من الزمالك وإليه نعود "بروفايل"
بالصور.. مصراوي يكشف حقيقة وفاة شقيقين في مذبحتي ''بورسعيد والدفاع الجوي''
بالفيديو.. ''ضياء'' شاهد ''ممر الموت'' في مذبحة الاستاد: الله يرحم اللي عاشوا
أولتراس أهلاوي وزملكاوي: سنظل أوفياء لـ''الدم''
مصراوي يحاور ''أحمد لطفي''.. ''أمين'' خزانة ''مجزرة الدفاع الجوي''
التذكرة.. طريقك إلى الآخرة (بروفايل)
بالصور.. هل ارتكب أبناء ''شبرامنت'' مجزرة استاد الدفاع الجوي؟
أحمد الليثي يكتب.. لماذا قتلت الشرطة ''الأولتراس'' في مصيدة الفئران؟
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: