أسرة المخرج التليفزيوني المختطف في ليبيا.. ''كعب داير'' بدون إجابة
كتبت-دعاء الفولي:
كانت المكالمة الأخيرة اعتيادية؛ اطمأنت منى موسى، على زوجها محمد يوسف، الذي يعمل مخرجا تليفزيونيا في قناة برقة الفضائية، بدولة ليبيا، ثم لم تعرف عنه شيء منذ اليوم الموافق 4 أغسطس 2014، أحاديث تتطاير هنا وهناك، كلام من أصدقائه الذين كانوا معه وقت اختطافه، رحلات لا تنقطع إلى وزارة الخارجية المصرية، علّها تجد ما يفيد، غير أن الرد دائما ما يأتيها ثابتا ''لو فيه حاجة هنتصل بيكو''، أصبحت حياة الزوجة والابنة ذو الثلاث أعوام ونصف مرهونة بعودة الوالد، وكذلك الأخت الكبرى نيفين يوسف، التي لم تدخر جهدا في البحث، وبعد ذبح 21 مصري على يد تنظيم داعش؛ فالدقائق التي تمر تزيد الأسرة المكلومة خوفا.
في السادس من أغسطس علمت الزوجة وبقية الأسرة باختطاف ''يوسف''، اتصال هاتفي من صديق، أخبرهم عما حدث. ثلاث أوتوبيسات تتبع القناة كانت عائدة من مدينة تبرق، حيث تُقام أول جلسة للبرلمان هناك، إلى مدينة إجدابيا. ''ناس وقفوهم.. الأوتوبيس الأول عدى موقفش والاتنين التانيين وقفوا''، على حد قول ''نيفين''. كان ''يوسف'' في أحد المركبتين بصحبة أربعة من طاقم التصوير، ليبيين الجنسية، أما الاوتوبيس الآخر فقد كان يضم معدات التصوير بشكل كامل ''أخدوا الأوتوبيسين باللي فيهم''.
فريدة هي الابنة الوحيدة لـ''يوسف''، لا تعرف الصغيرة بطبيعة الحال ما حدث، تكرر فقط ما يُقال أمامها ''محمد اتخطف''، لا تفقه معنى الجملة، سوى أن والدها لم يعد يسأل عنها، تباغت الأم بسؤال بين حين وآخر ''هو بابا زعلان مني؟''، تنفي منى قائلة إنه في سفر وسيعود سريعا ''وهجيبلك حاجات حلوة''.
بعد أن تأكدت الأسرة من خبر الاختطاف، هرعت الأخت والزوجة إلى وزارة الخارجية، طلبوا منهم تقديم كافة البيانات وما يعلمونه، ليدخل الأمر من وقتها في دائرة بيروقراطية لا تنتهي ''كلمنا طوب الأرض عشان نعرف حتى مين اللي خطفه ومعرفناش''، ما إن تحاول الأخت التي تكبره بـ13 عام التواصل مع أحد الجهات الأمنية، حتى يُفضي بها الحال في النهاية إلى الخارجية المصرية، كانت تتواصل بشكل مباشر مع السفير المصري هناك، وكذلك مع محافظ أسوان، غير أن شيئا لم يحدث. ''المسئولين المصريين بيشتغلوا مطيباتية''، على حد تعبير الزوجة، ومع الوقت بدأت نيفين تشعر بضغط أعظم ''الحكومة نايمة.. فين الكرامة بتاعة المصري؟''، ترى أن أخيها لن يعود إلا إذا وصلت قضيته إلى رئيس الجمهورية ''هو الوحيد اللي هيعرف يحلها''.
عمل ''يوسف'' بأكثر من قناة تليفزيونية قبل ذهابه إلى ليبيا، لم يكن الإعلام مجال دراسته، فقد تخرج في كلية الآداب، قسم فلسفة، إلا أنه أحبه كما فعلت الأخت الكبرى والأخ الأوسط، ورغم أنه نشأ في محافظة أسوان، إلا أنه عاش مع الزوجة في القاهرة.
لم تترك ''منى'' بابا إلا وطرقته؛ بداية من الوسائل الإعلامية الرسمية والخاصة، وحتى شيوخ القبائل العالمين ببواطن الأمور في ليبيا ''احنا روحنا مرسى مطروح عشان نسأل عليه''؛ فلم يقدم لهم أحد إجابة شافية، لكن الزوجة ظلت على عهدها، تذهب كل عدة أيام إلى وزارة الخارجية، فيتسم الرد أحيانا بالقسوة ''في مرة قالوا لي لو لقيناه في الجثث هنقول لكو''.
ليبيا كانت خيارا أخيرا لـ''يوسف'' عقب ضيق الحال هنا، كان ينتوي العودة على حد قول زوجته، إلا أن صعوبة الوضع الأمني قبيل اختطافه حالت دون ذلك، أما ''نيفين'' فقد طلبت منه مرارا أن يعود ''آخر مكالمة كانت في العيد الصغير.. قولتله ارجع يا محمد الدنيا عندك والعة، قالي ومين هيأكل بنتي؟''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: