لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"توكال" خطاط الدقي.. حيرة في الرزق والمرشحين

03:50 م السبت 17 أكتوبر 2015

كتبت – يسرا سلامة:

منذ أكثر من ثلاثين عاما، تحولت الكتابة من موهبة تعتري "توكل السيد" إلى حرفة، عُرف بها خطاطا في منطقة سليمان جوهر بالدقي، وقبل ساعات من بدء التصويت في المرحلة الأولى للإنتخابات البرلمانية، والتي تشملها محافظة الجيزة، لم يجد توكال سوى الاستفسار عن برامج المرشحين، دون أن يخط أسمائهم بيده.

دورات برلمانية عديدة مرت على الرجل الستيني، والذي أمتهر الكتابة بتجربة جعلته مرة بعد مرة معروفا بكتابة اللافتات، كان موعد الانتخابات في الماضي بمثابة "موسم"، يستعد فيه للألوان والأقمشة الانتخابية التي تعلق وسط الشوارع، لكن انتخابات 2015 جاءت وهو خالي اليدين من لوحة لأحد المرشحين.

أزمة الخطاطين كما يرى توكال لم تبدأ مع هذه الجولة من الانتخابات، ولكن انتشار طباعة اللافتات بالكمبيوتر أوقفت حال الخطاطين بعد ثورة يناير، أصبح توكال بعد خروجه على درجة المعاش لا يملك من موهبته سوى أقلام متنوعة وأقمشة صغيرة، يلبي بها الموهبة للأطفال في المنطقة، أو في لافتة صغيرة لأحد المحلات.

"كل محلات المنطقة كانت بتطلب مني لافتات مبارك في موسم الانتخابات".. وكأنه طقس بات محفورا بذاكرته، كل موسم لانتخابات برلمانية، أو استفتاء للرئاسة – قبل تعديله في 2005، كانت مجموعة المحلات وولاد العائلات الكبار يطلبون من توكال لافتات بصيغ مختلفة، وتبقى فحواها واحدة "عائلة فلان تؤيد وتبايع الرئيس مبارك"، تصبح في انتخابات البرلمان مبايعة لابن عدد من مرشحي الحزب الوطني، واللذين تعددوا في الدائرة، يذكر توكال منهم "كمال الشاذلي وآمال عثمان وسيد جوهر".

لا يتذكر توكال لافتات طُلبت منه لأي من أعضاء جماعة الإخوان، اللذين باتوا المعارضة الأقوى إبان الانتخابات في حكم مبارك، يذكر لافتات لحازم صلاح أبو إسماعيل، والذي كان مدعوما من الإخوان في الدائرة في مواجهة ابنة الحزب الوطني آمال عثمان، ليتحول جميعهم على ذكرى لافتات سطرها بيده، ولم تبق إلا لافتات حديثة تواجهه في شارع عمله.

مقر دائم لـ"توكال" أمام مكتبة حديثة بالدقي، يجلس فيها على كرسي خشبي بأدواته البسيطة، وأمام طاولة خشبية كُتب عليها بقلم أسود "أين برلمان الشعب"، وكأنه يربت بيده على الكلمة التي كتبها منذ عدة أيام، قائلا إنه لا يملك سوى الحيرة من أمر البرلمان الحالي، لم يعرف بعد من سيختار، أو أي اتجاه، يقول إنه يحب السيسي، أيده في الانتخابات، لكنه أملا أكبر كان يملؤه عقب انتخاب السيسي "كان نفسي الوضع يتحسن عن كدة".

لم يجد توكال ما يشفي رغبته في مرشحي دائرته، يقول "كلهم بيعدوا بـ"دي جي وأغاني"، محدش فيهم كلمنا عن برنامج أو رؤية للي عايز يعلمه"، ثقة قليلة في وعود المرشحين تحملة تجربة توكال معهم "كل مرشح بينجح من هنا وبينسى دايرته من هنا، للأسف المرشحين بعيد عن الشارع".

واحدة الأزمات التي يواجهها الرجل الستيني – الذي يقول إنه شارك في حرب الاستنزاف وأكتوبر ببورسعيد- هى بطاقة التموين، فطوال أربعة سنوات هو وزوجته فشلا في الحصول على بطاقة تموينية دون سبب، بات بعدها الحصول على أرغفة الخبز دون بطاقة أمرا صعبا، بعزة نفس يحكي الرجل "الرغيف العيش بجيبه بصعوبة، وبتاع الفرن مش بيدينا عيش إلا لو معانا بطاقة، يا ترى مرشح الانتخابات ممكن يحل أزمتي دي؟".

يرى الخطاط المتقاعد أن الإعلام لم يعطي مهلة كافية للمرشحين لعرض برامجهم، فرغم نزول أكثر من ثلاثين مرشحا على دائرته إلا إنه لم يسمع عن مرشح واحد من التلفزيون، يعرف فقط مرشحا قديما للحز الوطني "سيد جوهر"، تتوارد إليه أسماء مثل ابن رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، لكنه لم يحدد بعد.

يستنكر توكال أن الإعلام اتخذ في الفترة الأخيرة نهجا غير مفهوما، وهو أنه يقول للناس "ما تختاروش السلفيين والإخوان" لكن "محدش قلنا نختار مين"، بحسب رأيه، يسرد إنه استمع إلى هذا في برنامج الإعلامي الذي يتابعه بشدة أحمد موسى، لا لاتجاه سياسي إلا "حب البلد" ينتمي له توكال، "أهم حاجة في المرشح الصدق"، يرى أن تلك فوق البرامج الحزبية.

لم يُرزق توكال بالأولاد، لكن أحاديث الشباب التي تتوارد إلى ذهنه طوال فترة مكوثه في الشارع يعرف من خلالها نبرة يأس، وربما قرار بعدم الذهاب إلى الانتخابات قط، تعليقات سمعها مث "ما طولها زي عرضها، هنروح ننتخب ليه؟"، لا يحمل توكال أية آمال لعودة الانتخابات لحضن الخطاطيين "اللي على قديمه" كما يقول، لكنه يتمنى ألا ينساهم الفائزين بمقاعد البرلمان كمواطنيين من أبناء دائرته، وأن يظل باب البرلماني مفتوحا بعد أن يحظى بـ"الكرسي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان