لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''محمد الدرة''.. حدوتة كل حرب

05:13 م الثلاثاء 30 سبتمبر 2014

محمد الدرة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- ندى سامي

45 دقيقة يتوارى فيها ''خالد الدرة''خلف ساتر أسمنتي يحمي صغيره القابع يمينه من تبادل اطلاق النيران بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينين في محاولة بائسة يرفع يده اليسرى ملوحًا لوقف اطلاق النار إلى أن يغتال الرصاص جسد الصبي وينال الشهادة في أحضان أبيه مشهد التقطته عدسة المصور الفرنسي''تشارلز إندرلين'' ليصبح ''محمد الدرة'' حديث العالم.. تنتهي الحرب وشتعتل غيرها وفي كل واحدة ''درة'' جديد لم يحالفه الحظ بمصور يخلد كادره.

بعد 14 عامًا من مقتل ''الدرة'' تجلس ''أية'' عابسة على كرسيها الخشبى غير مبالية بالدمار الذي طاله، بمدرسة '' شهداء المغازي'' تحكي لها معلمتها عن بسالة ''محمد الدرة''، مرات عدة تلقى على مسامع الفتاه قصة الصبي الذى لم يبلغ من العمر سوى اثنى عشر عامًا ودونت اسمه كتب التاريخ في بقاع عدة، لم تكل الفتاه من سماع تلك القصة ''في كل مرة بسمع فيها عن الدرة ببكي.. بتذكر حال كل أطفال غزة''، أخذت الفتاه تجمع أطفال عائلتها الأصغر منها وتروي لهم ما عرفته عن الصبي منذ عامها الخامس.

مع بداية العام الدراسي الجديد الذي هل على ذات الخمسة عشر عامًا بدون عدد من رفيقاتها الذين استشهدو جراء الحرب الأخيرة على غزة، تتذكر ملامحهم وأحلامهم وبعض التدوينات التي نقشوها سويًا على جدران المدرسة، بدأت الدراسة باللهو والمرح ''بيلعبونا علشان ننسى يللى صار بالحرب'' ففي الإسبوع الأول لم تتلقى ''أية'' أي دروس، مشهد الوداع كان مألوفًا بالنسبة لها فسرعان ما تخطت أحزانها وإندمجت في دروسها لتحقق حلمها بأن تصير طبيبة، تقضي على أنين أهل بلدها.

الوضع يزداد خطورة رصاص العدو يمر من فوق الرؤس، ولا أحد يلبي نداء الأب المسكين الذي تيقن قرب الموت منهما، فاستطاع الرصاص أن يتخلل من بين أيديه ويصيب ''محمد'' في ركبته فيصرخ الصغير ''أصابوني الكلاب'' ويحاول الأب أن يهدأ من روعه ويخبره بسرعة وصول النجده إليه، فتتعالى صيحاته على أمل أن يتم وقف الضرب يربط الفتى على يد والده ''متخافشي أنا هفضل صابر.. شد حيلك متخافش منهم'' لكنه لم يستطع الصمود بعدها بدقائق عدة بعدما اخترق جسده الهزيل بنيران العدو.

تتذكر ''أية'' تفاصيل المشهد كاملأ حتى تمتمة الصغير وهو يصارع الموت، لكنها تسترجع ما هو أكثر سوءًا ما شاهدته بأعينها بينما كانت الطفلة الغزاوية في التاسعة من عمرها، أثناء الحرب على غزة عام 2008، شهدت انهيار منزلها وهربت مع أهلها من الشمال إلى منطقة ''الوسطى''، مشاهد الدمار والموت لم تفارق خيالها خبرتها الكبيرة التى تتنافى مع سنوات عمرها جعلتها تعرف أنواع الصواريخ وأماكن ضربها ''من صوت الصاروخ بنعرف طلع من أي جهاز مثلا من زوارق أو دبابة أو زنانة أو طائرة أف 16 أو هليكوبتر''.

''عنا بغزة آلاف محمد الدرة'' بنبرة اعتزاز قالتها الفتاة مستشهدة ببطولة الشعب الفلسطيني في الصمود أمام العدو، وبسالة صغار غزة الذين لا ترهبهم دبابات العدو''قريبي مات قدامي ومستعدة أموت زيه''، صوت القذائف التي اعتادت على سماعها جعلتها تأبى العيش تحت وطأة الاستعمار، ''وقف الضرب مش معناه انتصار..إحنا بدنا نتحرر''.

شارع ''صلاح الدين'' بغزة ربما في نفس الرقعة التي لطختها دماء ''محمد خالد الدرة''، وفي مختلف بقاع القطاع استشهد العديد من الأطفال الذين لم يطولهم الصمت مثلما فعل ببلدان العالم، غير مكترثين بدبابة أو صاروخ صامدون في وجه بطش العدو، اختلفت أسمائهم وتشاركت آمالهم حاملين اللواء الذي رفعة ''الدرة'' مستبسلين في الدفاع عن كل شبر من أرضهم.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: