إعلان

الطريق إلى ليبيا..البعض يذهب للموت بـ''رجليه''

03:29 م الثلاثاء 05 أغسطس 2014

الطريق إلى ليبيا..البعض يذهب للموت بـ''رجليه''

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:
للموت رهبة مهما كانت درجة إيمان النفس، حين تراه العين لا يحمل الجسد إلا الفرار، هكذا بدا حال كثير من المصريين في طريق عودتهم من ليبيا، لكن في الوقت الذي باتت كلمات ''نار الوطن ولا جنة الغربة'' يقين البعض بعد مشاهد المَنية التي عايشها، غير أن أخرين كانت ليبيا اختيار لا بديل عنه وإن حفته المخاطر، فإلى الطريق ذاته يعود أحدهم ''بحكم أكل العيش'' بعد أن أبصر الموت حتى قرار الرجوع الأخير، وأغُلقت الأبواب بأرض الوطن أمام الأخر وبات الفارق معدوم، ليحدث نفسه في كل مرة ينتظر بها فتح المعبر ''العمر واحد والرب واحد''.

13 سبتمبر 2012 يوم لا ينساه علاء شهاب، المرة الأولى التي يرى الموت يدفعه دفعًا للرجوع إلى مصر، بصحبة جثمان زوج شقيقته عاد، ''إزازة ماية تمنها 2 جنية'' كانت السبب الذي أودى بحياة نسيبه ''هاشم''، زميل لهم بالشقة التي يقطنوها في ''سبها'' انهى شرب زجاجة ماء وألقى بها من الشرفة، فإذا بأحد المارة الليبيبن يصيح ''أنتم المصريين ياللي وسختوا البلد''، أطلا النسيبان ليرا ما يحدث، ثوان فإذا بالشخص ذاته من قذفه للحجارة إلى حمل سلاحًا آليا، مطلقًا 6 رصاصات، اخترقت إحداها رأس ''هاشم'' ليسقط قتيلاً.

شهر ونصف قضاه ''شهاب'' بعد الحادث في مصر، لم يكن يريد العودة لعمله في المقاولة بليبيا الذي لازمه منذ 2006 ''كنت أروح 7 شهور وانزل شهرين''، الشعور بالمهانة وأن الدم المصري رخيص ظل يلازمه خاصة وأن القاتل لم ينل أي عقاب على حد قوله ''اتحبس على ذمة القضية شهر وخرج''، وانعدام أي موقف للسفارة ''قالوا لنا كل اللي نقدر نعمله ننقل الجثة لطرابلس ومنها لمصر''، ما كان الرجل الثلاثيني يعوّل على الموقف الدبلوماسي ''السفارة مالهاش وجود..دي سفارة تشاد أحسن منا''، لم يختلف حالها قبل ثورة يناير وبعدها، فقط الوضع الأمني في ليبيا هو المختلف عقب سقوط نظام القذافي.

ورغم ذلك لم يستطع ''شهاب'' البقاء في مصر وعاد مرة أخرى إلى ليبيا ''كان ليا شغل..آكل العيش ولازم أرجع له''، فمهما كان الحال مع مرور الوقت يتذكر عائلته وابنته التي تحتاج لتوفير احتياجاتها مع اقتراب نفاذ الأموال التي يوفرها، لكن ذلك كان حتى القرار الأخير بالعودة نهائيًا منتصف يوليو الماضي، بعد اندلاع الاشتباكات في طرابلس، فقبل ذلك بأسبوعين، حدث موقف نفذ معه صبره.

أمام مطعم بعد أن تناول الغذاء مع أحد زملاءه، وقفا لدقائق يتبادلا الحديث، فقط ضحكا حسب ''شهاب'' فإذا بأحدهم يقف قائلاً ''بتضحكوا على إيه'' ثم أطلق الرصاص بغتة على قدم زميله، بعدها قرر أن تكون عودته تلك المرة بلا رجعه.

لم يكن طريق العودة يسير، تم قصف مطار طرابلس قبل يوم واحد من رحلة الطيران، التي حدد لها يوم 14 يوليو، ليضطر ''شهاب'' سلوك الطريق البري، كان على علم بعواقبه، لذا لم يأخذ الكثير من الأموال ''قشطونا في الجمارك'' من طرابلس حتى السلوم، بكل بلدة رسوم جبرية بزعم إجراء تحليلات ''مع إني معايا إقامة وشهادة صحية''، لكنه الحال ولا بديل عن الدفع سوى الرصاص.

ترك خريج كلية الآداب الحاصل على دبلومة تربوية، ما تبقى من ''عدة'' –ما يطلق على الممتلكات من عربات وخشب- لشريكه الليبي، لا يأمل بالعودةفي ظل تلك الأوضاع، مؤثرًا البقاء بموطنه ''كفر الزيات''، وإن تمنى هدوء الأوضاع بليبيا ''مصلحة مصر إن البلد دي تستقر.. بلدنا مش هتقدر تتحمل مليون واحد يرجع.. دي كانت شايلة حمل حوالي 6 مليون مصري''.

حالة العمل الدائم بليبيا والحالة الإقتصادية للأفراد التي لا تتأثر بوضع الدولة، هو ما يدفع العديد من المصريين إلى المجازفة، ففي البدء كان الأمر كذلك، تأشيرة الدخول يمكن توفيرها ولو بالدين لبسطاء الحال، لذلك هى قبلة المئات من العمالة المصرية.

إلى الإسكندرية عاد ''ياسرمحمد'' لقضاء عطلة العيد، لم يكن مرغمًا ككثير غيره على العودة، في صيانة الأجهزة يعمل الشاب الثلاثيني قرابة 13 عامًا ''خريج معهد فني صناعي.. مافيش فرصة في البلد غير أننا نطلع شماسي''، لذلك فضل الغربة عن أسرته والعودة كل 4 أشهر بما يكفي المعيشة.

''ببقى نازل من هناك بقول مش هرجع تاني'' يقولها الرجل الثلاثيني لنفسه كل مرة يعود بها إلى مصر، لكن مع مكوثه ومحاولته المستمرة للبحث عن فرصه عمل لكن ''مافيش شغل..مقفولة هنا''، حظر عثر لا يغادره بأرض الوطن، وكلمات الخوف ومطالبته بالبقاء بالنسبة له لا تغني ولا تثمن من جوع ''أصلها مش كلام هى فعل.. محدش هيصرف عليا وعيالي''.

العام الماضي قضى ''محمد'' ليلة لن ينساها، اختطفته إحدى الميلشيات اللبيبة بزعم أنه يحمل شهادة صحية مزورة، ''كل 15 فرد ممكن يعملوا لجنة أمنية..اللي خدوني كانت غرفة شرعية''، 24 ساعة من التعذيب حسب قوله ''لو كانوا هيخدوا فلوس الدنيا كلها عشان ارجع كنت عملت ده''، انتهي الأمر بدفع صاحب العمل الليبي الذي يعاونه 2500 دينار مقابل خروجه، ومع ذلك واصل فنى الصيانة عمله، معتبرًا حاله مثل أي ليبي يمكن أن يتعرض لهذا ''عشان أكل العيش الواحد بيجازف''.

ينتظر ''محمد'' فتح المعبر البري أو خطوط الطيران ليعود إلى عمله بليبيا ''وكتير زيي أول ما يتفتح الطريق هيرجعوا''، المقارنة بين ليبيا وأي مكان أخر عنده متكافئة، احتماليه الخطر والموت متساوية ''ممكن أسافر إيطاليا مثلا وأموت.. وأنا أتعوت على هنا خلاص''، فلولا الحاجة ما سافر ''لو لقيت أكل عيش في بلدي أخد فيه ربع اللي باخده هناك هقعد بس للأسف''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان