مصراوي بصحبة ركاب ''الصندوق الأبيض'' وقت قسم الرئيس
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت-دعاء الفولي:
كان موقف المريوطية بالهرم الذي تنطلق جزء من سياراته ''التويوتا البيضاء'' إلى مناطق المعادي وحلوان وما حولهما، خاويًا إلى حد ما؛ فالسيارات متراصّة بشكل منتظم غير معهود، سائقون قليلون واتاهم الصبر كي ينطلقوا بسياراتهم إلى منطقة المطبعة بالمعادي، حيث يقترب الموقف هناك من المحكمة الدستورية العُليا التي يحلف فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي يمين الجمهورية، إذ تم إغلاق طريق الكورنيش المؤدي إلى المحكمة بداية من منزل ''الدائري'' وحتى مابعد مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، قرر ''أسامة محمد'' التحرك ''خليها على الله''، هكذا همس لنفسه، غير عالم أي طريق يسلك وصولًا لوجهته، داخل الميكروباص، أربعة عشر راكب اختلفت ردود فعلهم تجاه غلق الطريق، وبصحبتهم كانت رحلة مصراوي.
استياء وسكون
''هو هيفضل مقفول لإمتى''، قالها راكب فوجئ بالطريق المُغلق قبل التحرك، يرد عليه آخر ''هيفتحوه الساعة 12 ونص لما يخلصوا''، يلتقط ثالث حبل الحديث ''لأ بيقولوا هيقفلوه طول اليوم''، فتاة جانب الباب تتدخل ''أنا قريت إنه هيتقفل لحد الساعة 2 بس''، بين الاستياء والسكون كان حال الركاب، بعضهم لم يمنع نفسه من التفوه بكلمات من قبيل ''طب هو رايح بطيارة أحنا مالنا نتعطل ليه''، لم يمهله الذي جلس بجانبه مرتديًا قميصًا بني اللون حتى قال ''ما هو لازم يأمنوه.. مش الرئيس؟''، في إشارة إلى الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي.
السائق كان صموتًا، بيده عقب الخروج من الموقف، حرك مؤشر الراديو الموجود بالسيارة ''يا بلادي يا أحلى البلاد يا بلادي''، انطلقت تتغنى الفنانة ''شادية''، غيّر السائق المحطة لتنطلق نشرة أخبار جاء فيها ''نحن في انتظار قدوم الرئيس في هذا اليوم التاريخي''، راكب يعلو صوته قليلًا عن البقية ''المشكلة إن مش كل الشعب عايزه''، يبادره آخر يرتدي قميصًا بنفسجي ''بيقولك يا عم 25 مليون انتخبوه ما هو ده رقم كبير برضو''، شاب يقطع حديثهم ساخرًا ''أيوه بس 25 مليون مواطن من أصل85 مليون واحد.. مش رقم كبير يعني''.
اقترب السائق الثلاثيني من منزل الكورنيش، لم يحاول العبور، سأل العسكري الموجود جانب المتاريس أعلى المنزل ''هو مفيش نزلة تانية قدام يا بلدينا؟''، لم يُفده العسكري؛ فاتجه ليحاول الخروج من منزل منطقة دار السلام في الاتجاه العكسي، حتى وجد زحام قريبًا منه، سائق تروسيكل اعترض طريقه اثنان من قوات التأمين اللذان أمسكا بالأسلحة، دفعه ثالثهما الذي ارتدى بدلة سوداء ونظارات مثلها ليتحرك، ارتجف الرجل الأربعيني من الدفعة؛ فذهب سريعًا من المكان ''شوفت عملوله إيه.. بعد ماشيلناهم على كتافنا.. مش هيتغيروا أبدًا''، قالها راكب أربعيني يختلط صوته بالاستياء، ''السيسي حبيبنا ياعم'' جاوبه شاب ضاحكًا.
أين الأوتوستراد؟
بدا السائق محتارًا ''يا جماعة حد عارف نزلة الأوتوستراد إزاي؟''، جاوب رجال السيارة ''خليك علطول وخد النزلة اليمين بعد كده''، طريق طويل قطعه ''محمد'' والأخبار تنهال في الراديو، تقطعها الأغنيات من حين لآخر ''بلادي بلادي يا أم البلاد''، فريق أطفال يشدو بها من الكاسيت الصغير، يتململ السائق فيطفئها، ويستمر حديث الناس داخل ''الصندوق الأبيض''.
''ما هو مرسي كان بيتقفل له الطريق برضو'' قال الراكب ذو القميص البني ليرد الذي بجانبه ''بس مش كده برضو يعني''، فقطع كلامه قائلًا ''لأ كدة وزيادة''، تباطأ الطريق رويدًا بينما السيارة نزولًا من طريق الأوتوستراد، اختنق المرور قليلًا ثم انفتح الطريق ''ودنك منين يا جحا'' هو التعبير الذي أطلقه أحد الركاب غاضبًا، فهدأ عجوز بالسيارة من روعه قائلًا ''كلها ساعة ويفتحوه''، داخل شوارع المعادي الهادئة سار الميكروباص، بدأ الركاب في النزول بالمحطات المختلفة الأقرب لوجهة كلًا منهم.
المحكمة الدستورية منين؟
شاب أسمر يرتدي بنطالا رياضيا فاجأ السائق بسؤال ''أروح المحكمة الدستورية إزاي يا أسطى؟''، من المرآة نظر له السائق مستعجبًا ''مقفولة يا أستاذ إنت مش سامع.. عايز تروح ليه؟''، بضحكة عريضة جاوب ''أصل بيقولوا إنهم بيرموا أعلام من فوق المحكمة على الناس''، رجل يرتدي جلباب صعيدي يجلس في مؤخرة السيارة قال ''وأنت رايح تاخد علم ولا إيه''، التفت الشاب محتفظًا بنفس الابتسامة ''أهو نروح نهيص شوية معاهم.. أصل أنا معرفتش أروح الشغل عشان الطريق فقلت ننبسط''، من المدخل الأقرب للمحكمة الدستورية وقف السائق لينزل الراكب الأسمر ''أهو ياعم ده أقرب حتة.. روح هيّص براحتك''، بينما تنطلق ضحكات الركاب الباقين.
في المطبعة
في موقف المطبعة ركن ''محمد'' الأب لبنت وولد السيارة، هرع له أحدهم يسأله ''مش رايح هرم يا أسطى؟''، يرد ''لأ خلاص مروح بيتنا مش هطلع''، من السابعة صباحًا وحتى قرب الثانية عشر ظهرًا هي وردية عمله ''إنهاردة اليوم اتضرب خلاص اللي بعدي بقى هييجي يستلم''، لم يبدُ عليه الانزعاج رغم الطريق الطويل، بدا مستسلمًا للأمر الواقع، وكذلك فعل ''سعيد حسن''، السائق الخمسيني الذي أسند ظهره إلى مقعد أمام الموقف، نظارات طبية وقميص أبيض، مسكنه القريب من المطبعة سهّل له عملية القدوم على أمل العمل ''بس لما لقيت الوضع صعب قلت آخد أجازة''، لم يفكر الانتظار عقب انتهاء مدة إغلاق الطريق ''هيبقى الطريق زحمة ممكن معرفش أشتغل''، لم يُخف ''حسن'' سعادته بهدوء الموقف المؤقت ''رغم إنه بخسارة''، أما ''محمود'' مُنظم السيارات داخل الموقف فلم يهدأ، بين الحين والآخر يشكو له راكب عدم وجود سيارات ''مفيش عجل والله يا أستاذ حتى الهرم مفهاش عجل كتير.. السواقين خايفين يتحركوا عشان الطريق ميقفلش عليهم''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: