بعد 6 سنوات ..أبناء ''6 أبريل'' يبحثون عن أمل
كتبت - يسرا سلامة:
في نفس ذلك اليوم منذ ست سنوات كان ''وائل'' يحلم بمصنع أفضل، داخل أحد أروقة مصنع ''الغزل والنسيج'' في المحلة الكبرى، يعلن فيه رفضه للخصخصة، و''مصطفي'' يشحذ الهمم داخل جامعة القاهرة لبدء مظاهرة ترفض قانون الطوارئ، ومعهما كان ''وليد'' يستمع عن دعوات الاضراب والاحتجاج من هنا وهناك، دون مشاركة فعلية.
ثلاثتهم لم يعرفوا بعضهم البعض، لكن أحلام بوطن أفضل كانت رابط بينهم، وتاريخ ''6 أبريل'' في حياة كل منهم يوم لا يُنسي، علي الرغم من عدم اكتمال أحلامهم بمصنع أفضل أو حرية أكبر أو مطالب لم تُكتب لها التحقق بالكامل حتى الآن، أمال وأحلام تتوزع بين ثلاثتهم، رغم اختلاف درجات الأمل فيما بينهم.
البداية كانت من ''وائل حبيب''، أحد عمال مصنع غزل المحلة، كان وسط زملائه في الدعوة للإضراب يوم ''6 أبريل'' عن العمل، اختاروا ذلك اليوم لأنه عقب قبضهم لمرتباتهم، وحتى لا يكون فرصة لأن يعتقد الجميع أنهم خرجوا للانتفاض من أجل الأموال، لكن من أجل مصنع يرفض أن يدخل تحت إطار الخصخصة.
''اضربنا زي كل الناس ما اضربت لكن المصنع ماوقفش''.. يقول ''حبيب'' الذي يعمل منذ 21 عامًا بـ''النسج'' أن دعوات الاضراب في ذلك اليوم كانت أن يتوقف العمال بالكامل ليحتجوا أمام مصنعهم علي سوء أحوالهم، لكن الأمر تغير بعد أن وجد العمال قوات الأمن المركزي لأول مرة داخل أروقة المصنع، فقرروا أن يكون العمل مستمر ''عشان مصلحة البلد''.
''البلد كلها كانت برة مستنية العمال هتعمل إيه''.. مشهد غير متوقع واجه ''حبيب'' بعد انتهاء العمل داخل المصنع يوم ''6 أبريل''، ليجد هو وزملائه بعض من أهالي المحلة بالغربية أمام المصنع، ''عشان تشوف العمال هيعملوا ايه''، وقتها اندلعت الاشتباكات بين الثلاثة، العمال وأهالي المحلة من جانب، ورجال الأمن المركزي من جانب آخر.
مُعدات قديمة ترجع إلي عصر الستينات هي تركة ''حبيب'' وزملائه في العمل، يتمني أن تحل محلها أدوات جديدة، وفي ''6-4'' كما يقول علي ذلك اليوم، كان يتمني العمال أن تبدي الإدارة أو الحكومة أسباب خسارته، والتي قُدرت بـ122 مليون جنيه بعد عام واحد من اعطاء الحكومة أموال بقيمة 220 مليون جنيه لرئيس المصنع حينها '' فؤاد عبد العليم''، بحسب قوله.
''إحنا مش بلطجية، وكل همنا أن المصنع يشتغل بكامل طاقته'' .. لا يزال حلم الرجل لمصنعه منذ ''6 أبريل'' كما هو، بجانب مواد خام من الأقطان ليست كافية لطاقة المصنع، ''العمال محتاجين مرتبات لكن دي مش مطالبنا بس، نفسنا يشتغل المصنع بكل طاقته''، أمنيات أن ينصلح أحوال المصنع وأبنائه يحملها ''حبيب'' إلي المستقبل، ''ربنا يخلصنا من الفساد'' يقولها ''حبيب'' متمنيًا أن تُنفذ وعود قطعتها حكومة ''محلب'' أثناء لقائها بالعمال بعد إضرابهم الأخير في مارس المنصرم.
و من حلم العامل، كان الطالب ''مصطفي ماهر'' يستعد مع بعض الشباب يوم ''6 أبريل'' من أجل فاعليات اليوم في جامعة القاهرة، كان هو من ضمن منسقي الحدث بين طلابها، استعد فيها ابن كلية التجارة ببعض أعلام مصر، وشارات سوداء لرفض قانون الطوارئ في حينها، قائلًا: ''الحركة استمدت الحماس والحركة من إضراب عمال الغزل في المحلى''.
من خلال مجموعة عبر موقع التواصل الاجتماعي ''فيسبوك'' كانت الأفكار والإبداعات تنتفض من الشباب، قبل أن تولد للحركة كيان تنظيمي كامل، أعلام لمصر في البلكونات، و''تي شيرت'' أسود يرتديه بعض الشباب في ذلك اليوم، بجانب دعوات ''خليك بالبيت'' للإضراب التام والمكوث بالمنزل، للعمل مع بعض من حركات سياسية أخري مثل الاشتراكيين الثوريين والجبهة الديمقراطية وجماعة الإخوان المسلمين.
انحصرت الأنشطة جميعها داخل أسوار جامعة القاهرة، عكف فيها ''مصطفي'' علي بدء الفاعليات التي كانت أيضًا تضامنًا مع ما يحدث للفلسطينيين والعراقيين على أرضهم، ''كان بيحركنا حلم واحد، كانت 6 أبريل فكرة ضد النظام القمعي لمبارك''، حلم للشاب لايزال يري أنه لم يتحقق، وأن النضال الذي بدأه منذ 6 سنوات لا يزال ينبض، لتخرج بعدها حركة ''6 أبريل'' للنور.
''حق المواطن وحياة كريمة للمصريين'' .. يقول ''ماهر'' إنه لايزال يتمني ذلك في وطنه، رافضًا أن يكون للسلطة رفض لحقوق المواطن، ويؤمن من داخله أن حلمه سيتحقق، ''للأسف النظام زي ما هو دون أي تغيير''، قليل من التفاؤل طغي علي ''ماهر''، خاصًة وشقيقه يقضي أيامه في السجن، بعد الحكم عليه بثلاث سنوات إثر التظاهر دون ترخيص.
ومنذ ستة أعوام، كان ''وليد شوقي'' طالبًا بكلية الطب، لم يشارك حينها في دعوات للإضراب أو الاحتجاج في ''6 أبريل''، استمع فيها إلي الدعوات مثل كثير من الشباب، ''تابعت الإضراب وقتها زي أى حد عادي''، صدق الشاب وقتها حلم تغيير البلد، لينوي عقبها الانضمام إلي الحركة.
وبعد ذلك اليوم بستة أشهر، كانت بداية انضمام ''شوقي'' إلي الحركة، ليصبح بعدها عضو المكتب السياسي للحركة، بعد أن بدأت ملامح التنظيم في الظهور، ''كنت بحلم بثورة على الفساد وعلي نظام مبارك'' يقولها ابن المنصورة عن حلمه من الانضمام لـ''6 أبريل''، ''ما كنتش اعرف وقتها أن الثورة هتتحقق بعد سنتين بس''.
عدم وجود أيقونات أو تابوهات أو وصايا هو ما دفع ''شوقي'' للانخراط داخل ''6 أبريل''، رأي من خلالها فرصة تجمع أبناء جيله من الشباب ''كان نفسنا نبني البلد ونديها أكتر من كدة''، يري الشاب أن سقوط مبارك لا يزال انجازًا رأه بعينه وحقق جزء منه، علي الرغم من أنه لا يزال ينتظر حلمه للبلد الكثير.
''التمويل والعمالة والتشويه''.. ثلاثة يكرهها ''شوقي'' في الانتقادات التي توجه للحركة، ''كلام بقي مستهلك ودون دليل'' يقول ''شوقي'' أن الحركة وطنية، ولا تزال بها كفاءات من الشباب، وأنه إن تكرر الزمن فإنه سيشارك في إضراب ''6 إبريل'' منذ البداية، يقول ''شوقي'' أن الحركة لا يزال بها أمل في تغيير الوضع، معلقًا ''احنا نتحمل جزء من أخطاء ما حدث، لكن ليس وحدنا''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: