حملة ''أنا ضد الإعدام'' ...''حق الحياة مش من حق حد ياخده''
كتبت-رنا الجميعي:
يقضي أيامًا في محبسه الانفرادي في انتظار انتهاء حياته، بالقميص الأحمر لا تعينه قدماه ليصل إلى حجرة الإعدام، رجل دين يقف أمامه ليسأله عن آخر أمنية له بالحياة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ورجل يقف ليُنفذ ما أمر به، لا يأبه بعيون شخص تكاد تخرج من محاجرها لتقول ''أنا برئ''.
''أنا ضد الإعدام''.. حملة توقيعات يقودها العديد من المثقفين والنشطاء بمصر تحت مسمى ''مجموعة من المصريات والمصريين''، ليُعلنوا فيها رفضهم لعقوبة الإعدام، وأحقية بشر في سلب حيوات آخرين، مستندين على الشرائع والأديان السماوية التي تتفق على أولوية حماية حياة ودم الإنسان، وأن العديد من الدول العربية والإسلامية قد ألغت تلك العقوبة ''يطالب الموقعون على هذا البيان السلطات المعنية في مصر بتعليق تنفيذ كافة الأحكام الصادرة بالإعدام وبالامتناع عن إصدار أية أحكام جديدة بالإعدام لحين فتح نقاش مجتمعي واسع يسمح للجميع بتبين أبعاد مشكلات هذه العقوبة، كما يطالب الموقعون جميع المهتمين بالشأن العام بالمساهمة في فتح النقاش حول هذه القضية من أجل حماية حق المصريين في الحياة''.
يؤكد ''جمال عيد''، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، أن الحملة تعبر عن آراء العديد، للفت النظر إلى عقوبة الإعدام ومحاولة منعها، وأن حملة التوقيعات هي مطلب سلمي تبتكر أدواتها لعمل نقاش مجتمعي يدور حول وقف العقوبة.
حملة التوقيعات تلك جذبت ''عبد الله طاهر''، أحد الموقعين، ليُشارك في تأييدها والحث عليها ''عقوبة الإعدام هي اعتداء على حق الحياة، مش من حق حد ياخده''، ويرى أن العقوبة لا تؤدي إلى استقرار العدل، فلا يجوز معالجة جريمة بجريمة أخرى.
وحال القضاء بمصر جعل العقوبة تُستغل بشكل ما في نظر ''طاهر''، وهو ما وصفه بتسييس القضاء، والتي تؤدي إلى تجريم برئ وإطلاق سراح جاني ''واحد مجرم يفلت من العقوبة أحسن من برئ يتعدم''.
بالإضافة إلى التهم العديدة التي يُباح فيها الدفع بعقوبة الإعدام ''فيه تهم متستحق الردع بحكم الإعدام في القضاء المصري زي قضايا التخابر والخيانة''.
يشرح ''طاهر'' رأيه متمثلًا في سرد الكاتب ''ألبير كامو'' برواية ''المقصلة'' حيث يصبح حكم الإعدام رادعًا في حالة ما إذا كان التنفيذ علني، ويعتقد المشارك بحملة التوقيعات أن المحكوم عليه بالإعدام يتعذب مرتين، مرة في انتظار الإعدام والأخرى وقت وفاته.
محاولة انتشار صوت الرافضين على العقوبة هو الهدف الذي يراه ''طاهر'' من حملة التوقيعات ولا يظن أنها يُمكن أن تغير واقعًا، ولكنه يأمل في استمرار الضغط والتعبير عن رفض العقوبة بكافة الوسائل المتاحة كمظاهرة بالقمصان الحمراء في رأي الشاب العشريني، والوصول إلى نتيجة مرضية كتقليل عدد التهم الموجب عليها الإعدام، وعدم التوسع فيها أو تجميدها لحين الوصول إلى حل فعلي ''زي الأردن لما جمدت حكم الإعدام من 2006 حتى توصل لحل''.
نقاش مجتمعي
يقول الدكتور خالد فهمي، رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية، وأحد الموقعين بالحملة، أن الغرض منها هو فتح نقاش مجتمعي متسع حول عقوبة الإعدام ''ومن غير النقاش مينفعش تغيير للقوانين''، وعلامات الاستفهام التي تُثار حول العقوبة فهل تحقق الهدف المطلوب منها أم لا، وأن الحملة أثرها لا يستوجب إلغاء العقوبة في الوقت الحالي حيث إلغاء قانون يستوجب قانون من مجلس النواب ''واحنا معندناش دلوقت''.
ويتساءل أستاذ التاريخ حول عدد أحكام الإعدام التي صدرت في مصر حتى الآن، وما هي الجرائم التي يُعاقب عليها بإنهاء حياة البشر، وتعتبر حملة رفض العقوبة هي الأولى بمصر، على حد قول ''فهمي''، ولكنها حدثت بالدول العربية.
وفضلًا عن الحملة يتم التحرك في اتجاهات أخرى في نظر ''فهمي''، مثل التحاور مع الصحافة، عقد ندوات، القيام بدراسات، وكتابة مقالات، حيث كتب رئيس قسم التاريخ على أحد المواقع معلنًا رأيه ''أحكام الإعدام في مصر بتصدر اعتمادًا على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، وإن عقوبة الإعدام عقوبة فريدة لإنها بطبيعتها لا رجعة فيها، وإن منظومة العدالة اليومين دول مهتزة والمحاكم بتصدر أحكام إعدام بالمئات بشكل البلد عمرها ما شافت زيه قبل كده''.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ''لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة'' رواه البخاري ومسلم، حديث شريف استند عليه الشيخ ''علي أبو الحسن''، رئيس لجنة الفتوى سابقًا، في تأكيده على أن الحدود ومنها القصاص التي تُقر بمفهوم سماوي لا يجوز أن يتدخل بها أحد لتغييرها، والثلاث قضايا التي تقرر فيها الإعدام هي الزاني الذي يُثبت عليه بإعترافه أو بشهادة ثلاث، وقاتل النفس الذي يُثبت عليه القتل ويمكن لولي الدم أن يعفو عنه، وتارك الدين الذي يحارب لدولته وناشر للردة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: