لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''عُمر حاذق''.. الإبداع لا يقتله السجن ''بروفايل)

10:13 ص الأربعاء 23 أبريل 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - يسرا سلامة:

الحب والوطن والأمل والألم.. كلها وجدت مكانًا بين أشعاره، إلا اليأس عدوه اللدود، حتى وإن انقضي أمره بين جنبات زنزانة، محتم عليه قضاء فترة عامين، وغرامة 5 آلاف جنيها، لم تمنعه من التفاؤل أو ''وش بيضحك'' التي تمهر رسائله من السجن، إلى خارج حدوده.

''عمر حاذق''.. شاعر مصري سكندري الأصل، اتخذ من اسمه طريقًا، ليكون حاذق بالشعر وماهر به، لم يتعد عمره الثامنة والعشرين عامًا، تدرج في دراسته حتى حصوله على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية، لكن أشعار الحي لا تكفي لسد حاجات أصحابها ، ليلحق بالعمل في مكتبة الاسكندرية كمصحح لغوي.

كانت عروس البحر المتوسط ملهمته الأولى لكتابة الشعر، حتى خطى طريقه إلى شعر العمود والنثر والروايات، ليكتب رواياته الأولي ''لا أحب هذه المدينة''، وكأنه قدر كان يراه، لتنقله المدينة بين عدد من السجون، إثر القبض عليه في ديسمبر قبل الماضي.

ففي الثاني من ديسمبر 2012، كان ''حاذق'' بين عدد من النشطاء في وقفة أمام محكمة جنايات الاسكندرية، والتي كان يحاكم فيها المتهمين بقتل الشاب السكندري ''خالد سعيد''، وعقب انتهاء الوقفة رأي ''حاذق'' ضابط شرطة بركل أحد النشطاء، ليتحدث إليه ''حاذق'' عن الأسباب، لتؤدي المشادة إلي القبض عليه وإيداعه بمديرية أمن الاسكندرية، بحسب ما تروي شقيقته ''زهراء''.

انتقل بعدها ''حاذق'' إلى سجن الحضرة، لم تسمح الاجراءات المشددة عليه سوى بثلاث أو أربع دقائق لأن يشاهده والده ووالدته وشقيقته، تفتيش صارم لكل ما يدخل له، كذلك منعت عنه الاوراق أو الروايات، لكنه كان يرد متفائلًا ''السجن تجربة جديدة وبستفيد منها''.

في الحضرة، تقرب ''حاذق'' من أحد الاصدقاء، ''شريف فرج'' معيد بكلية الفنون التطبيقية، ليكون رفيق يهون عليه ليال السجن الطوال، الزحام الشديد بالسجن لم يمكنه من كتابة الشعر، انزعاجه هناك كان عدم وجود مصباح بالزنزانة، وبالتالي فشله في الكتابة أو القراءة، بجانب صعوبة دخول الأوراق له، والتي تأتي له مهربة.

لم تكن الحضرة مناسبة لكتابة الشعر، زحام شديد ودوشة لا توازى هدوء ورومانسية البحر التي تلهمه، اعتذار قدمه لوالدته في عيد ميلادها، والذي يقدم لها كل عام شعرًا جديدًا، ليعتذر لها بمسبحة صلاة صنعت في السجن كبديل، ''اعذريني يا أمي مش قادر اكتب''، لترد الوالدة المكلومة عليه محفزة ''أنا عايزة شعر يا عمر''.

انتقل ''حاذق'' عقب الحكم إلى سجن برج العرب، ليتبدل زيه من الأبيض إلى الأزرق، ليستقبل الأمر متهكمًا '' هكذا بكل فخر سأترك زي الزمالك إلى زي برشلونة، لكن بدون خطوط حمراء، سترتفع أسعار رواياتي إذن، فاستعدوا''، يري أن حظه التعس وضعه علي بعد أقل من متر بجوار سلة قمامة الزنزانة، ليكتب رسالة من السجن عنوانها '' ''أن تكتب رواية بجوار برميل زبالة لا يغسله أحد''، لكنه استطاع الكتابة لرسائل ورواية يقول بسخرية ''مَنْ كان يتخيل أنني قادر على الكتابة في جوار هذه الصراصير كلها؟!''

يعكف ''حاذق'' في سجن برج العرب الانتهاء من روايته الثانية ''الحياة بالألوان''، بعد أن أصبحت الأمر أسهل في دخول الأوراق والروايات بـ''العرب'' عنه في ''الحضرة''، لم تنقطع عنه أخبار رفيقه ''شريف''، ليصل له رسائل وهدايا من برج العرب إلى الحضرة، من خلال أهليهما.

وعلي الرغم من محبسه، لم يحمل ''حاذق'' هم تواجده بالسجن بقدر ما يحمل لـ''إسلام حسانين''، الطالب السكندري رفيقه في السجن، والذي تم القبض عليه وهو في طريقه للمعهد يوم الامتحانات، يحمل له رسالة طرق بها كل ما أدرك من أبواب، يقول لشقيقته ''أهم حاجة إسلام يطلع''، يقول عن الصبي أنه لا يفقه شيء في السياسة ''ده ميعرفش غير الدراسة وتربية الكتاكيت''.

حزن مضاعف استقر في نفس الشاعر حين علم بوفاة والد رفيقه ''حسانين''، متأثرًا بحزنه على فلذة كبده، وهم أكبر يحمله بين صدره، فأهل الصبي يخفون عليه وفاة والده، ويعرف ''حاذق'' الأمر، مشفقًا عليه، وطارقًا كل الأبواب من خلال شقيقته ليخرج الرفيق.

سبع سنوات هي ما قضاه ''حاذق'' بمكتبة الاسكندرية، بعد أن فصلته إدارة المكتبة في منتصف أبريل الجاري، بسبب الجنحة المخلة بأمن الدولة، وهي التظاهر، بجانب التهم الموجهة إليه التجمهر وقطع الطريق، وحيازة سلاح أبيض، تقول شقيقته أن قرار الفصل كان متوقعًا من ''عمر''، قائلًا لهم في كل زيارة ''هما لسه ما فصولنيش؟!''

تقول شقيقته إن قرار الفصل يسري فقط علي الجناة في قضايا مخلة بالشرف، لتستنكر قرار الفصل الذي تعرض به شقيقها، تري ''زهراء'' أن مواقف ''حاذق'' من التصدي للفساد في مكتبة الاسكندرية في عام 2011، هو السبب الحقيقي في فصله، بحسب رأيها، حيث تم فصله نتيجة لذلك، ويقف معه أصدقائه، ليجبروا الادارة على عودته مرة أخرى للعمل.

يروي لمصراوي الشاعر عبد الرحيم يوسف، صديق حاذق، صداقته معه، والتي بدأت منذ 2002، على الرغم من الاختلاف الشعري بينهما، يقول يوسف ''يتقبل ''حاذق'' لاختلاف الشعري، فهو يكتب فصحي تفعيلة، وأنا أكتب نثر بالعامية، لكنه يرحب دائمًا بالانتقاد، ليختم حديثه دومًا بـ''شكرًا يا صديقي'' مهما كان السجال الأدبي''.

''سفينة نجم شعري صاعد''.. هكذا يصف يوسف مسيرة حاذق الشعرية، وإنه يشق الطريق إلى نجومية واضحة، وكتب عنه عدد من الكتاب مثل بلال فضل وغيره، لتأتي حادثة ''خالد سعيد'' تاركة في نفسه أثر كبير، ليقف مع الثورة منذ أول يوم، متمنيًا أن يحدث التغيير الحقيقي للبلد.

تحذيرات يسردها يوسف أتت إلى حاذق من أجل أن يبتعد عن السياسية، خاصةً عقب تصديه للفساد بمكتبة الإسكندرية، بعد تبين أن هناك وقائع فاسدة بعد الثورة، لكنه أصيب بالإحباط لان الأمر لم يتغير بعد حكم ''مرسي''، ليكتب روايته الأولى ''لا أحب هذه المدينة''، لشعوره بضياع الهوية المصرية، ورغم كتابتها عن الاسكندرية في عهد الرومان، لكنه رأى أن نفس الظروف تمر علي عروس البحر المتوسط.

''عنده أمل إنه يطلع قريب'' .. تقول ''زهراء'' عن شقيقها – الثاني في أبناء العائلة السبعة- أن وضعه لم يدفع لليأس، تقول ''بنبقي منهارين لما نروح نزوره، لكن بيضحكنا وبيكون متفائل ولا كأنه مسجون''، كما يقول الشاعر ''عبد الرحيم يوسف'' أنه شخصية مسالمة وهادئة يملؤها التفاؤل.

عرف الطريق إلى الجوائز منذ شبابه، ففاز مناصفة بجائزة الدكتور عبدالله باشراحيل لإبداع الشباب كأفضل ديوان شعر، عن ديوانه المخطوط ''كما أنت حلوة''، في عام 2005، وكٌرم بدرع ''شاعر الرومانسية'' في مشاركته بمهرجان أمير الشعراء، كما كرمته إدارة مهرجان عكاظية الجزائر للشعر العربي بدرع وزارة الثقافة الجزائرية في مايو 2008.

الجائزة الأولى لمهرجان ''الحب والعدالة والسلام'' كانت من نصيب ''حاذق''، وترجمت بعض قصائده للغة الإيطالية، كما كرمه سمو الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة ضمن مجموعة من الشعراء المصريين الشباب بمكتبة الإسكندرية، ولم يترك رياح الثورات تهب على العالم العربي دون أن يروي للحرية شعرًا، فأصدر كراسة شعرية بعنوان ''نوتا.. فضاءات الحرية'' بالتعاون مع الشاعر السوري عبد الوهاب عزاوي والشاعر الإيطالي نيكي داتوما والشاعر البرتغالي تياجو باتريشيو في 2011

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: