إعلان

شعراء الصعيد.. الجغرافيا ضد الموهبة

01:46 م الخميس 06 مارس 2014

شعراء الصعيد.. الجغرافيا ضد الموهبة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة – (هنا صوتك):

''الجنوب دائما يطاردني.. لأنه في دمي، يسكن خلاياي، لم أتمكن إلى الآن بعد حوالي خمس عشرة سنة من العيش في القاهرة أن أتأقلم كليا مع حياة المدنية، ما زالت لهجتي تسكن لساني، وطباعي تسكن ضميري، وحقلنا يسكن مخيلتي .. وجلبابي تحت بذلتي ..عندما أسافر إلى ''عرابة أبودهب'' التي تسكن حضن الجبل الغربي من محافظة سوهاج أهرع إلى الجلباب والعمامة، والعصا، وأذهب إلى الجمل ذلك الحيوان الذي أحبه وأحب ركوبه وتربيته..''.

من بمقدوره أن يهرب من الجنوب؟ اسأل نفسك السؤال مرتين، بعد أن تقرأ الكلمات السابقة للشاعر المصري الصعيدي علاء جانب الحائز على لقب أمير الشعراء، في موسم المسابقة الشعرية الشهيرة الخامس.

في مصر، مازالت المسلسلات التي تدور أحداثها في صعيد مصر تحظى بشعبية واسعة، ومازال للكنة الصعيدية سحرها ورونقها لدرجة أن شاعرا ما، ربما أي شاعر!، لو ألقى قصيدة بالصعيدية ستبدو لافتة على نحو ما وجذابة لقطاع كبير من المستمعين.

بل كثيرا ما يتردد في كواليس برامج الشعر والمسابقات ''هل يوجد شاعر صعيدي لإشراكه؟''، هنا يدرك – ببساطة- القائمون على هذه البرامج القيمة الجاذبة في هذه اللكنة وفي سحر الجنوب.

ولكن من يجرؤ على مغادرة الجنوب البعيد والمجيء منفردا للأضواء المسلطة على القاهرة العاصمة فحسب؟

في مصر، ما لم تكن قاهريا أو سكندريا، يصعب أن تصل بموهبتك للجمهور، ويصعب أن تلفت الأنظار إليك مادمت مقصيا بعيدا في الجنوب. كأنك تدفع ثمن الجغرافيا و مئات الكيلومترات التي تفصلك عن العاصمة.

نعود لـ''أمير الشعراء'' علاء جانب الذي يقول :'' في الصعيد لسنا من الأثرياء الذين عندهم هامش مادي يتيح لهم السفر والرفاهية .. ليس عند معظمنا هامش مادي يتح له شراء كتاب باهظ الثمن ، فكيف نملك السفر لمقابلة الشعراء الكبار لنفيد من خبراتهم ، ونستمع إلى نصائحهم .. كنت أنا على سبيل المثال أراسل الصحف وبالطبع .. لم أكن أجدا حتى الرد على رسائلي .. لأن النشر أيضا كانت تحكمه الشللية ككثير من مظاهر حياتنا .. ربما الآن أتاحت الميديا الحديثة فرصا أوسع لتخطي الجغرافيا والاتصال بالمنجز الثقافي والشعري خارج النطاق المحلي''

جنوب محافظة سوهاج التي ينتمي إليها ''جانب'' بنحو 300 كيلو متر، يقف الشاعر الشاب أحمد صلاح ولا يدري أين يوجه بوصلته، إلى محافظة أسوان حيث عاش طيلة عمره، مكتفيا بإلقاء قصائده على سمع أصدقائه، أم إلى القاهرة حيث دور النشر والفضائيات والطريق إلى الرواج والشهرة؟

يقول صلاح :'' في الصعيد يمكن أن تولد وتموت دون أن يسمع أحد بموهبتك، بل يحول الصعيد نفسه بينك وبين الوصول للمركز، فعلى مدار أسابيع يهاتفني معدو برامج تلفزيونية لأجل الحلول ضيفا في برامجهم. وحين أطالبهم باطلاعي على موعد الظهور قبله بـ48 ساعة حتى أتمكن من تدبير تذكرة قطار للقاهرة، يواجهوني بحقيقة أنهم لا يمكنهم فعل ذلك إلا في نفس اليوم، وأن لكل يوم ظروفه!''.

فما الذي يملكه صلاح إذا كانت كل الإحداثيات ضده؟ يقول صلاح '' لجأت لتسجيل قصائدي وبثها عبر موقع ساوند كلاود واستعنت بأصدقائي على فيسبوك وتويتر في نشر أشعاري، لعل الانترنت يداوي جراح الجغرافيا!''.

علاء جانب، كسر الحصار المفروض على الصعيد وجاء للقاهرة وخاض غمار المعركة حتى أضحى واحدا من أبرز شعراء المرحلة، لكن روح الصعيد مازالت تطارده ومازال يقاسي غربته واغترابه بعيدا عن الموئل البعيد في الجنوب.

في حين يقاتل الشاب أحمد صلاح عبر تويتر وفيسبوك وساوند كلاود، بينما مازال غبار الجنوب يتخلل طيات ''لوحة المفاتيح'' التي ينقر عليها أشعاره!

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: