وجوه في أحداث محمد محمود الأولى والثانية
كتبت - نيرة الشريف:
تمر سنوات، تتحول الأحداث الدامية إلى "ذكرى"، يمكننا فقط إحيائها، يتحول المر بالنسبة للجميع إلى إحياء الذكري، ويبقي فقط من وصل إليه الضرر بشكل مباشر، أم أو أب فقدوا ابنهم، وأخ أو أخت فقدوا أخا كان لهم في الحياة سندا ومن الغد المجهول أمانا، لا يتحول الأمر إلى "إحياء" ذكرى بالنسبة لمن مسه الضرر بشكل مباشر، بالنسبة لمن لازال يدفع الثمن فادحا بإصابة لازال يدفع ثمن علاجها، فهو لن يقف في صفوف من يطلون علينا كل عام وللعام الثالث على التوالي ليقولوا سنحيي الذكرى أم نكتفي الصمت.
مصراوي يرصد وجوه بعض الضحايا حتى لا يمحيهم زحام الحياة ومشاغلها من الذاكرة.
1- أحمد حرارة:
وجه لشاب معاند، طبيب أسنان مصري تخرج من كلية الطب بجامعة 6 أكتوبر، في الثلاثين من عمره، لم يشغله يوماً سوى أن يدافع بكرامة عن وطنه، قرر أن يشارك بما يقتنع به حتى الرمق الأخير، لم يفقد حياته رغم كونه كان على أتم استعداد لتقديمها قربانا في سبيل ثورة آمن بنبلها وأهدافها، لم يتردد في الوقوف في وجه الرصاص منذ بدء ثورة يناير، فقد عينه اليمني يوم 28 يناير المعروف باسم "جمعة الغضب"، ولم يدفعه هذا للاستسلام أو اعتزال الشأن العام أو المشاركات السياسية، لكنه عاد للنزول مرة أخرى في 19 نوفمبر 2011 ليقدم عينه اليسرى أيضا، فداء لوطن لا يزال يأمل فيه خيرا.
2- رضا عبد العزيز:
رضا فقد عينيه ولم يتجاوز عمره التسعة عشر عاما، لم ير من الحياة شيئا بعد، وكان الثمن الذي دفعه جراء مشاركته في أحداث محمد محمود هو أنه سيتوقف عن الرؤية بعينيه – وإن كان يرى ببصيرته - من بعد هذا التاريخ "احنا ابتدينا مشروع عدالة انتقالية وانتم اللي هتكملوه.. انتم لسّة عيونكم موجودة"، يري عبد العزيز أن "الشهيد نام وارتاح لكن المصاب سيظل حيا بعجزه".
لم يكن رضا ناشطا سياسيا ولا ينتمي لأي فصيل سياسي، هو فقط كان يقوم في محمد محمود بمساعدة المصابين وحمل الشهداء، وحينما أصيب في كلتا عينيه دخل مستشفى الدمرداش وفقد احدي عينيه، وبقت له عينا واحدة كان الأمل فيها لكي يرى من الدنيا ولو بصيصا، فسافر إلى ألمانيا محاولا إنقاذها إلا أن العملية الجراحية التي أجراها هناك لم يُقدر لها النجاح، ليكون نصيب رضا عند هذه النقطة أنه قد فقد كامل بصره.
3- أحمد صالح:
لم تتعد سنوات عمر صالح ال21 عاما، الذي أصيب في أحداث محمد محمود الأولى، حيث طاله طلق ناري في الرقبة تسبب في قطع الحبل الشوكي دخل على إثره في غيبوبة، وانتهت غيبوبته برحيله من الحياة.
لم يستمع صالح لنصيحة والدته حيث أخبرته أنها قلقه عليه في هذا اليوم تحديدا، ليرد عليها بثقة تليق بشهيد "كلنا هنموت.. أنا مش بعمل حاجة غير إني بنقل مصابين بس"، وينزل أحمد من بيته ليعود بدلا منه خبر إصابته ونقله إلى القصر العيني في غرفة العناية المركزة مكث فيها أياما طوال حتى رحيله.
4- عادل إمام:
لم يسبق لعادل النزول للمشاركة في أي فعاليات سياسية، لكنه شارك فقط في الوقت الذي أراد له القدر فيه أن يخط اسمه بين أسماء الشهداء. عادل شاب بسيط عمل حرفيا يصنع الأدوات النحاسية بحي خان الخليلي، كان يتقاضى أجرا ضئيلا جدا، وكان راضيا جدا، إلي أن جاء يوما في عام 2011، قرر فيه عادل أن ينزل لشارع محمد محمود وهو يحمل كيسا من الصيدلية به شاش وقطن وأدوية لينقذ من يستطيع انقاذه.
في الطريق وجد عادل مصابت ملقى عاى الأرض لا يستطيع الحركة، ذهب لمساعدته، ليقتنصه أحدهم، لكن عادل كانت إصابته مميتة، أودت بحياته بعد أن قال للشاب الذي ذهب لمساعدته "قول لأمي تسامحني".
5- جابر صلاح (جيكا):
رحل جابر لأنه شارك في إحياء ذكرى أحداث محمد محمود عام 2012 " "أنا نازل عشان خاطر دم أخواتنا وعشان الثورة، نازل عشان أعز صاحب ليا اللي شيلته بإيدي وهو مقتول "أسامه أحمد"،، نازل عشان عيون أحمد حراره، نازل عشان أرجع الثورة اللي راح عشانها آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين، نازل عشان حمو طه وأحمد يوسف صحابي اللي راحوا في بورسعيد، نازل عشان بلدي ترجع لنا تاني."، هكذا شرح الأسباب التي ستدفعه للنزول لإحياء ذكرى محمد محمود في مشاركة أخيرة له على مواقع التواصل الاجتماعي.
شارك جابر، الذي لم يتجاوز عمره التسعة عشر عاما، والذي كان لازال طالبا، في الثورة وفي كل الاحتجاجات التي تلتها، حتى يحافظ على الثورة التي كان يخشي أكثر ما يخشاه ضياعها، شارك في المظاهرات المطالبة "بإسقاط العسكر"، وفي الوقفات المطالبة بتطهير الداخلية حتى اللحظة التي صعدت روحه إلى بارئها، حيث أصيب جابر بطلق ناري في الرأس أثناء الاشتباكات التي وقعت بمحيط وزارة الداخلية يوم "إحياء الذكرى".. لينتقل إثره إلى مستشفى القصر العيني القديم، وتم إجراء عملية جراحية له ثم نقله للعناية المركزة حيث استشهد في المستشفى.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: