لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''المناصرة''.. الركود ''سيد الموقف'' والسياسة السبب

12:53 م الأربعاء 11 سبتمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - يسرا سلامة:

منذ خطوتك الأولى داخل منطقة المناصرة بوسط القاهرة، تشعر بعبق المكان الذي يمتلئ بمختلف الأنواع والأشكال من الأثاث المصري، وكأنه متحف انتقل إلى شوارع وأزقة مصر القديمة، في المنطقة التي اشتهرت بأنها ''دمياط القاهرة'' في منطقة المعز القديمة.

لكن شهرة المكان وأصالته وامتلائه بالأيدي الماهرة من مختلف الصناع من ''الكورسجية'' أو ''المنجدين'' و''المذهباتية'' و''الأويمجية'' وغيرهم من العمال لم تشفع له لكي يكون سوقًا به حركة رواج وبيع وشراء مزدهرة،؛ فالركود هو سيد الموقف في شوارع المناصرة، ولأكثر من سبب، يرويه أهل المنطقة.

ارتفاع سعر الدولار الذي أثر بدوره على سعر الخشب المستورد يعتبر سببًا في الركود التي تشهده المنطقة، لكن أبناء المنطقة من العاملين والصنايعية يؤكدون أن الأوضاع السياسية، وحالة عدم الاستقرار في الشارع المصري تعتبر السبب الرئيسي في ذلك الركود، حسب وجهة نظرهم.

المناصرة.. شيوخ صناعة الأثاث بالقاهرة

''عنتر''.. صاحب ورشة أثاث بالمناصرة، يقول إن الركود حلَّ ضيفًا على المنطقة منذ بدية اشتعال الثورة ''للأسف بسبب استمرار المظاهرات، الناس بتخاف تمشى أو تنزل في الشارع تتفرج على الموبيليا، وأن ذلك الركود لم يكن موجود قبل اندلاع أحداث الثورة في 2011''.

''عنتر'' ابن المنطقة منذ أكثر من أربعين عاماً؛ حيث أصبح أحد أكبر شيوخ الصناعة بالمنطقة، ويحتفظ بصورة ''أبيض وأسود'' في محله، كما أنه يعرف الكثير عن المنطقة القديمة، والتي سميت بـ''منطقة المناصرة'' بهذا الاسم نسبة إلى الخليفة المنصور بالله، والد المعز لدين الله الفاطمي، ويرجع تاريخ إنشائها إلى سنة 971 ميلادية الموافق 360 هجرية.

''السبب الأساسي في تفاقم الأزمة بالمنطقة أن كل عامل في سوق المناصرة يعتمد على الثاني؛ فالمذهباتى لا يعمل دون عمل الكورسجي، والاسترجي لا يعمل إلا إذا انتهى المنجد من عمله، وكأنها سلسلة تعتمد كل حلقة فيها على الآخر؛ فالزبون يبدأ من أول السلسة من صانع الأخشاب أوالأنتريهات حتى المذهباتي لاستلامه''.. هكذا تحدث ''عنتر'' عن أسباب الركود في حي المناصرة.

فسوق المناصرة يحكمه ''التخصص'' في المهن، كما يرى ''عنتر'' أن وجود أي تظاهرات في القاهرة، أو بالقرب من المنطقة، كفيلة بأن تشيع القلق بين الناس، وعدم النزول لشراء البضائع، فضلاً عما يضايقه من تضخيم الإعلام لتلك التظاهرات، حسب وصفه ، مما يؤثر على حركة البيع.

ويرى ''عنتر'' أن الإقبال كان متضاعف في السنوات السابقة، مرجعًا السبب إلى غلاء أسعار الخشب ''لأن الذي يأتي مستورد من الخارج، خاصةً خشب الزان لأنه الأفضل والأكثر تحملاً، وبسبب ارتفاع الدولار، وإحباط العملة هي المتسببة في الركود، فسعر الخشب زاد 500 جنيه للمتر''.

كما يوضح ''عنتر'' أن الجاهز من الأثاث أقل في السعر ''أما المفصل اللي بيطلبه الزبون بيكون سعره غالي شوية''، ربما يصل إلى ضعف سعر الجاهز ''لأن الجاهز أقل من حيث المواد المستخدمة في حدود 3 أو 4 آلاف جنيه، لكن التفصيل يصل إلى 6 أو 7 آلاف، أو أكثر.

ولا يجد ''عنتر'' السبعيني سوى كلمات يرسلها لمن يهمه الأمر ''نفسي البلد تهدى من دوشتها، أغلب مَن في المظاهرات ناس مش وراهم حاجة، لما البلد تهدى كل حاجة هتمشى، وربنا يصلح بلدنا''.

''فؤاد المذهباتي''.. وقف حال من ''دمياط'' لـ''المناصرة''

الأمر لم يختلف كثيرًا لدى ''فؤاد'' المذهباتي، والذي يتولى مهمة طلاء الذهب على الأثاث، يتفق مع غيره من ''الصنايعية''، أن المظاهرات ''وقفت حال البلد''، لأن الناس تخاف النزول والشراء، مضيفًا: ''المناصرة هتشحت قريب، لأن مفيش حد بيجي''، كما رفض ''فؤاد'' أن يكون غلاء الأسعار هو السبب، لأن هناك أسعار مختلفة تناسب كل الطبقات من 500 وحتى 40 ألف جنيه.

''فؤاد'' يعمل في مهنة ''المذهباتي'' منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وهو في الأساس ابن محافظة دمياط، جاء إلى القاهرة بحثًا عن ''لقمة العيش'' لأنه كما يقول ''وقف الحال هنا زي هناك في دمياط''، حسب وصفه.

''إحنا كصنايعية الحياة غليت علينا، أنا راجل عندي بيت وطفلين، هناك في دمياط برضه في نفس الظروف، وإذا دمياط واقفة القاهرة كلها توقف لأن العمالة الماهرة في دمياط مش هنا، الصنايعية هنا قاعدين حزانى على أحوالهم''.. هكذا لخص ''فؤاد'' أحوال ''الصنايعية'' في دمياط والمناصرة.

ويضيف ''فؤاد'': ''الحياة كانت ماشية وحلوة لكن بعد الثورة الحياة في النازل، أصحاب المعارض الآن يعانون من قلة البيع والشراء بسبب تكاليف العمال، وربما يتخلى عن عدد منهم فيزيد عدد المبطلين من الأيدي المهرة، أو يدفع لهم دون تحقيق ربح''.

تركت مهنة ''فؤاد'' أثرها على يده بألوان الذهب، كما عبر العمال عن ضيقهم من وقف الحال بعبارة ''يسقط حكم الإخوان'' على باب ورشتهم، على الرغم من أن منهم من لا يعرف القراءة والكتابة'' إحنا كنا في الأعياد طلبات تجديد الأطقم لا تتوقف، والعمل كان متزايد، لكن الآن الدنيا واقفة، دلوقتي الزباين بتقولي أنت شايف الحالة عاملة إزاي، والبلد مفيهاش فلوس''.

يصل إلى ''فؤاد'' والعاملون في الورشة الصالون في هيئته الخشبية حتى يخرج في صالون كامل في صورة أنيقة مذهبة أو ملمعة، ووسط أكوام الخشب المكتظة ومستلزمات تجهيز الأثاث، يتخذون منهاَ مكاناً للنوم، فيوميتهم البسيطة لا تقوى على إيجار شقة لهم، بالإضافة إلى تكاليف المكان من كهرباء أو مياه.

انخفاض الأسعار وغياب الزبون

كما لم تختلف المشكلات كثيراً لدى زبائن أكبر وأشهر أسواق الأثاث في مصر، لكن انخفاض الأسعار نوعًا ما أفاده، ''أم كريم'' جاءت لشراء غرفة نوم ''المناصرة زمان قبل الثورة كان صعب حتى تمشى فيها من الإقبال على شراء الأثاث، لكن دلوقتي الحالة صعبة، نزلوا الأسعار، ربنا يعلم بحالهم، والأسعار أرخص من الأول عشان يبيعوا، ربنا أعلم بظروفهم''.

''كريم''، بائع في أحد المعارض، يقول:'' زمان كنا بنقفل بعد نص الليل من حركة البيع، دلوقتي إحنا بنقفل من الساعة 9، الناس دلوقتي مبتفكرش تشتري أثاث، وكمان الأثاث غالي على الزبون لأن الخشب مستورد، فمثلاً سراير الأطفال تتراوح بين 700 جنيه 1000 جنيه للسرير الواحد''، على حد قوله.

أما ''طارق'' بائع في أحد المعارض بالمنطقة، يقول:'' المفروض في الوقت ده من السنة نبيع أكثر من الأول ، لأن المدارس خلصت واللي عايز يجهز، لكن للأسف لسه الحالة واقفة، البضاعة رخيصة لكن الناس ما بتشتريش لأن الأجور قليلة، والدولار بيعلي سعره، الناس دخلها ثابت، فبيأثر على البيع''.

 

فيديو قد يعجبك: