لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''بني وطني'' و''أصابع الخونة''.. أهم ''بيانات الإذاعة'' في 23 يوليو

10:19 م الثلاثاء 23 يوليو 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - نوريهان سيف الدين:

في فترة كانت ''الإذاعة'' هي وسيلة الإعلام الأوسع انتشارًا في البيوت المصرية، ربما أكثر من انتشار الصحف والمجلات، كان لزامًا على ''حركة الضباط الأحرار'' في طريقها للسيطرة على مرافق الدولة الهامة أن تسيطر أيضًا على ''مبنى الإذاعة المصرية''، تمهيدًا لـ''إذاعة بيان الثورة الأول''، والذي قام بكتابته اللواء أركان حرب ''جمال حماد - مؤرخ الثورة''، وقرآه في المرة الأولى ''أنور السادات''.

كواليس إلقاء البيان الأول لم تكن سهلة للغاية، وواجهته عدة عقبات كادت أن تفسد خطة إلقائه، إلا أنها كانت من ''حسن الحظ'' ليتثنى لقطاع واسع من المستمعين الإصغاء إليه.

البداية جاءت مع تحرك الوحدات العسكرية المسلحة في الحادية عشر مساء 22 يوليو 1952، لمحاصرة ''مبنى هيئة أركان الجيش''، ثم التحرك إلى ''قصر عابدين''، وغيرها من المرافق والمنشآت الهامة، ووصل ضباط وجنود الحركة إلى مبنى ''دار الإذاعة بالقاهرة'' الكائن بـ 6 شارع الشريفين بوسط البلد في تمام السادسة صباح يوم 23 يوليو.

كانت ''الفترة الصباحية'' تكاد أن تبدأ، وكان يومها مذيع الفترة هو ''فهمي عمر''، الذي فوجئ بأفراد الجيش المدججين بالسلاح يتوسطهم ''السادات''، طالبًا منه إجراء بعض التعديلات على فقرات برنامج الفترة الصباحية، وأن هناك ''بيانًا هامًا'' مطلوب إذاعته؛ فما كان من ''فهمي عمر'' إلا أن يقول ''الإذاعة تحت أمرك يا سيادة القائمقام''.

فجأة ينقطع إرسال الهواء عن المحطة الرئيسية في ''أبو زعبل''، مما تسبب في تأخير إذاعة البيان، واستمر ''عمر'' يقدم الفقرة الصباحية بشكل عادي لمدة نصف ساعة، حتى أشار له مهندسو البث بعودة ''إرسال الهواء''، فاستعد ''السادات'' لإذاعة البيان، إلا أن الإرسال قطع للمرة الثانية، ويكون السبب هذه المرة من ''مصلحة التليفونات''؛ حيث كانت مشرفة على الإذاعة المصرية وقتها.

يعود الإرسال مرة أخرى بعد حوالي ربع ساعة، ومن حسن الحظ أن عقارب الساعة كادت أن تشير إلى تمام السابعة والنصف صباحًا، موعد نشرة الأخبار، و هو الوقت الأعلى كثافة في الاستماع للإذاعة، وقدّم ''فهمي عمر'' إلى المستمعين بيان ''مندوب القيادة'' عقب إذاعة نشرة الأخبار.

''بني وطني''.. افتتاحية البيان الأول والأشهر لثورة 23 يوليو 1952، أذاعه ''السادات على الهواء مباشرة، موضحًا هوية حركة الجيش وأسبابها، ومحذرًا من محاولة إحباط تلك الحركة، وأن القيادة ستتعامل مع المنقلبين عليها بأقصى الطرق، ومطمئنًا الأمة على أحوالها وأمنها في بيان مدته دقيقتين ونصف تقريبًا، عاد بعده ''فهمي عمر'' للميكروفون ليقدم أخبار ''تشكيل وزارة الهلالي''، ولقائها مع ''الملك فاروق'' ليلة أمس؛ حيث أن ''الأخبار'' لم يتم تعديلها لتوافق آخر التطورات.

أصبح بيان الثورة بمثابة ''ما يطلبه المستمعون''، وتوالت الاتصالات على دار الإذاعة تطلب فيه إذاعة البيان مرة أخرى؛ ليتثنى لجموع الأمة التي فاتها إذاعة البيان الأول الاستماع إليه، ولم يكن البيان قد سُجِل في المرة الأولى لعدم توافر أنظمة التسجيل المعروفة حاليًا، بل استلزام توافر ''أشرطة صلبة'' تدار بماكينات كبيرة، وكان مهندس التسجيل ''أحمد عواد'' يصل الإذاعة ليباشر عمله في تمام التاسعة صباح كل يوم.

تم تسجيل البيان في ''فترة الضحى'' التي تبدأ بإذاعة أخبار العاشرة صباحًا، وأذيع وسُجِل هذه المرة بصوت ''الصاغ محي الدين عبد الرحمن''، إلا أنه كان مليئا بغلطات الإلقاء والأخطاء النحوية، مما دفع المستمعين للاتصال مجددًا بالإذاعة يطلبون إذاعة البيان بشكل سليم، ويذيعه في فترة العصر المذيع ''صلاح زكي''، ثم يذاع بصوت الإذاعي ''جلال معوض'' في نشرة أخبار الثامنة والنصف مساءً.

التسجيل بصوت ''السادات'' جاء لتميزه بصوت قوي ولغة عربية سليمة، ولم يسجله ''السادات بصوته'' إلا في 23 يناير 1953، أثناء الاحتفال بمرور 6 أشهر على قيام الثورة، وبالرغم من شهرة ''بيان السادات''، إلا أنه لم يكن البيان الأوحد للثورة، بل كان هناك ''ثلاثة بيانات'' أخرى بصوت ''اللواء نجيب'' موجهة للقوات المسلحة وموقف الجيش مع ''الملك''، وتشكيل حكومة ''علي ماهر باشا''، محذرًا ''أصابع الخونة'' بالتلاعب بالبلاد.

وكان نص الخطاب الثاني للفريق أول أركان حرب ''نجيب'' هو: ''تعلمون جميعًا الفترة العصيبة، التي تجتازها البلاد، ورأيتم أصابع الخونة تتلاعب بمصالح البلاد، فى كل فرع من فروعها، وتجرأت حتى تدخلت في داخل الجيش، وتغلغلت داخله، وهي تظن أن الجيش قد خلا من الرجال الوطنيين، وإننا في هذا اليوم التاريخي نطهر أنفسنا من الخَوَنة والمستضعفين، ونبدأ عهدًا جديدًا في تاريخ بلدنا، وسيسجل لكم التاريخ هذه النهضة المباركة أبد الدهر، ولا أظن أن في الجيش من يتخلف عن ركب النهضة، والرجولة، والتضحية، التي هي واجب كل ضابط منا والسلام''.

فيديو قد يعجبك: