لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

15 عامًا على الرحيل.. ولا تزال خواطر ''الشعراوي'' تُرشد الأمة

01:37 م الإثنين 17 يونيو 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين:

خطابه يصل لرجل الشارع ورجل السياسة، وكلماته يفهمها البسيط والأمي كما يفهمها المثقف والمتبحر في علوم الشرع والدين، الموعد كان ''الجمعة عقب الصلاة''، وأيام رمضان بعد صلاة العصر، ''الجلوس للاستماع لحلقات خواطره في التفسير''، مشهد تفردت به الأسرة المصرية، وامتد ليشمل المنطقة العربية وجميع أفراد الأمة الإسلامية، كلماته كانت دائمًا نافذة للقلب وتخاطب العقل بمنطق وأدلة، حمل كتاب الله وراية الوسطية؛ فكان بحق من المجددين والمنيرين للطريق لمعرفة الحق والهداية.

15 عامًا على رحيل الشيخ ''محمد متولي الشعراوي''، المفسر الأشهر للقرآن الكريم في القرن الأخير، وعالم الدين ووزير الأوقاف الأسبق .

وُلد ''الشعراوي'' في 15 أبريل 1911 بقرية ''دقادوس'' مركز ''ميت غمر- دقهلية''، في سن الحادية عشر أتم حفظ القرآن الكريم، وأدخله والده للمعهد الأزهري الابتدائي بالزقازيق، وكان الطفل ''محمد'' الملقب بـ ''أمين'' يتهرب من الذهاب للمعهد ويود العمل في ''الفلاحة'' مع والده في بداية الأمر.

في عام 1923 حصل على الابتدائية الأزهرية، وأظهر نبوغًا ونباهة في الحفظ والاستيعاب، بعدها دخل المعهد الأزهري الثانوي واتسعت مداركه فأقبل على الأدب والشعر، وتوسعت علاقاته بين زملائه فاختاروه ''رئيسًا لاتحاد طلاب المعهد'' عام 1934، وبعد إنهائه لدراسة المعهد الثانوي ظن أنه سيعود لحلمه القديم ''زراعة الأرض''، إلا أن والده أصر أن يرسله للدراسة في ''الأزهر الشريف'' ليصبح عالمًا وجيهًا، وشجعه على ذلك بشراء مكتبة تحوي أمهات الكتب في التراث واللغة والأدب والتفاسير والعلوم الشرعية.

تزوج ''الشعراوي'' أثناء دراسته الثانوية بأمر من والده، وكان الوالد يرى أن زواج ابنه المبكر تحصينًا له، خاصة وأنه يقيم متغربًا عن الأسرة في ''دقادوس''، وأنجب ''الشعراوي'' من زوجته أبنائه: البّكر ''الشيخ سامي''، والذي سلك مسلك والده في العلوم الشرعية والعمل بالأزهر، والشيخ ''عبد الرحيم''، والذي حقق رغبة والده في رعاية الأرض والزراعة، والأصغر ''أحمد''، وأيضًا ''فاطمة وصالحة''.

في 1937 التحق ''الشعرواي'' بكلية اللغة العربية، وبدأ يدرك العمل الوطني بعد أن رأي كيف خرجت ''ثورة 1919'' من أروقة الأزهر الشريف، و قال إنه أثناء دراسته بالمعهد في الزقازيق كان يحضر للقاهرة مع زملائه للمشاركة في المظاهرات ضد الإنجليز وتوزيع المنشورات، وجلب بعضها لتوزيعها سرًا بين طلاب المعهد.

تخرج في الكلية عام 1940، وفي 1943 حصل على ''العالمية - تعادل الدكتوراه'' مع إجازة التدريس، وتعين في المعهد الديني بطنطا، ثم في مكان دراسته القديم ''معهد الزقازيق''، وانتقل بعدها للمعهد الديني بالإسكندرية، وبعد سنوات من العمل بالتدريس ذهب لجامعة ''أم القرى – السعودية'' ليعمل استاذًا للشريعة بها عام 1950.

في فترة الستينات حدث اختلاف سياسي بين ''عبد الناصر'' والعاهل السعودي، وقتها قام ''ناصر'' باستدعاء ''الشعراوي''، ومنعه من العودة للعمل في السعودية، وبدلاً من ذلك عينه مديرًا لمكتب شيخ الأزهر ''حسن مأمون''، بعدها سافر ''الشعراوي'' للجزائر رئيسًا لبعثة الأزهر هناك لمدة 7 سنوات، و في تلك الفترة حدثت ''نكسة يونيو 67''، وعاد بعدها للقاهرة ليعمل ''مديرًا لأوقاف الغربية''، ثم ''وكيلاً للفكر  الدعوة''؛ فـ''وكيلاً للأزهر'' قبل أن يعود من جديد للسعودية بعد تحسن العلاقات المصرية معها، ويعمل في ''جامعة الملك عبد العزيز''.

''الوزير الشيخ الشعراوي''.. حمل ''الشعراوي'' حقيبة ''الأوقاف وشؤون الأزهر'' في وزارة ''ممدوح سالم'' عام 1976، وظل بها عامًا أصدر خلالها قرارًا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر ''بنك فيصل'' بتفويض من وزير المالية حينها وموافقة مجلس الأمة.

لا تزال شقته موجودة المطلة على ''الحرم الحسيني'' والقريبة من الجامع الأزهر بحي ''الحسين القديم''، وهي التي كانت دائمًا مفتوحة لاستقبال الناس والمحتاجين والسائلين لعلم ''الشعراوي'' وفتاويه السديدة، قبل أن يقرر افتتاح استراحة خدمية في مسقط رأسه، وبالقرب منها ''مدفنه''.

''الإسلام والفكر المعاصر، الجهاد في الإسلام، الإسلام والمرأة عقيدة ومنهج ، الإنسان الكامل ''محمد صل الله عليه وسلم''.. وغيرها الكثير من المؤلفات والشروح لعلوم الدين والتفسير، بالإضافة لتسجيله حلقات تفسير القرآن الكريم، والتي امتدت إذاعتها من نهاية السبعينات و لحوالي 20 عامًا متصلة على شاشة التليفزيون المصري، وإذاعة القرآن الكريم بالقاهرة واستضافته في عدد من الإذاعات الإسلامية والعربية.

مُنح ''الشعراوي'' ''وسام الاستحقاق'' من الطبقة الأولى عند بلوغه سن التقاعد في 1976، قبل تعيينه شيخًا للأزهر ووزيرًا للأوقاف، كما مُنح ''وسام الجمهورية'' من الطبقة الأولى أعوام 83 و 88، ووسام يوم الدعاة، ومنحته كلية الآداب في جامعتي المنصورة والمنوفية درجة ''الدكتوراه الفخرية''، واختارته ''رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة'' عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر ''الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية''، كما جعلته محافظة الدقهلية ''شخصية المهرجان الثقافي'' لعام 1989 تكريمًا له.

يمرض الجسد ويسافر ''الشعراوي'' للعلاج في الخارج، وهناك تتوالى برقيات التمني بالشفاء له من كافة الشخصيات العالمية والرؤساء والملوك، إلا أن الرسالة القريبة من قلبه كانت تلك التي أرسلها له ''البابا شنودة - بابا الكنيسة المصرية'' آنذاك، والتي جمعت بينهما صداقة طيبة لسنوات طويلة، و يرحل الشعراوي في 17 يونيو 1998، ويشيع في جنازة مهيبة من القاهرة لمسقط رأسه ''دقادوس'' ليدفن هناك.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان