تعرف إيه عن محاكمة مرسي: مين مرسي ده؟
كتب- محمد منصور:
على الهامش يعيشون، وجودهم الفعلي في مصر يُعبر عنه فقط أرقام وإحصائيات أجهزة الدولة المعنية، أناس يبحثون عن لقمة العيش، وجوههم كالحة بفعل الشمس، وألسنتهم جافة كجفاف بطونهم الفارغة، من الصباح إلى منتصف الليل يجلسون في نهر الطريق، ينتظرون الصفير أو نفير السيارة، ليسرعوا لتنفيذ مهمتهم وعرض خدماتهم، ''الفواعليه'' ينتقون.. فهم المنسيون دائما مما دعاهم لنبذ المجتمع وخلافاته، لا يدركون سوى عدد الجنيهات القليلة التي يتقاضوها مقابل عرق كثير، منفصلون عن الواقع ويعيشون في دنيا السراب.
على جزيرة خضراء في منتصف الطريق تبعد عن مقر أكاديمية الشرطة، التي يُحاكم بها الرئيس السابق محمد مرسى أقل من كيلو مترين، تجلس مجموعات هامشية، بينهم ''عاطف أحمد'' الرجل خمسيني الرفيع القوام القادم من أعماق الصعيد المصري، بابتسامة علت وجهه يجيب عن السؤال الذى يشغل عموم المصريين ''هل ترى أن محاكمة مرسى'' يأتى الرد صاعقاً ''مين مرسى ده؟''.
قبل سنوات طويلة، ترك الرجل الخمسيني بلدته بحثاً عن الرزق، استسلم لنداء ''نداهة القاهرة'' وقرر هجر الفقر، نزح إلى قاهرة المعز بصحبة زوجته وأولاده الثلاث، كان حلمه أن يصير مثل ''الناس اللى فى التليفزيون'' إلا أن قسوة القاهرة لم تعينه على ذلك، فى الأمس القريب كان جسده قوياً إلا أن ''الشيل والحط وهدت الحيل '' جعلوا الجسد الشاب هزيلاً، بعد أن قضى أسابيع فى القاهرة بدون عمل قرر أن يعمل فى مهنة الصعايدة ''المعمار''، سلك الطريق، 19 عاماً قضاها فى العاصمة ممسكاً مطرقة يدق بها على الحوائط محيلاً إياها لمجرد أنقاض، عاش على الحافة وعانى شظف العيش، قبل الثورة، التى يطلق عليها ''عاطف'' لفظ ''الهوجة''، كان يكسب 50 جنيهاً يومياً، إلا أن الوضع فيما بعد يناير صار أسوء ''لو جبت 20 جنيه فى اليوم يبقى رضا''، يقول الرجل الخمسينى مؤكداً أنه منذ رحيل الرئيس الأسبق مبارك لم يعد يعرف ''مين اللى ممشى البلد''، لقمة العيش هى شغله الشاغل ''مش مهم مين اللى فى السجن ولا مين اللى بره، المهم أن أحنا عايزين ناكل.. الناس جعانه والله''.
شاب طويل، ملامحه تعلوها سُمرة خفيفة، يُعرف نفسه بـ''هيثم السوهاجى''، عشرينى العمر وعلى عكس ''عاطف'' يعلم الشاب ما يدور حوله، رغم كونه زميل فى نفس المهنة إلا أن ''هيثم'' يدرى أن ''السياسة هى اللى بتتحكم فى الأرزاق''، يري ''السوهاجى'' أن محاكمة الرئيس السابق محمد مرسى هزلية ''مين بيحاكم مين'' يقول الشاب، مؤكداً أن ماحدث فى مصر ''انقلاباً على السلطة''، رغم ذلك، لا يتمكن ''هيثم'' من المشاركة فى التظاهرات المؤيدة للرئيس ''هنزل أمتى وازاى أنا بخرج من الفجر وبفضل اشتغل أو مستنى شغل لحد الليل'' مستطرداً ''أكل العيش صعب والعيال عايزين يكلوا قبل ما يكونوا عايزين حرية''.
''هو أنت كان عاجبك حكم مرسى يعنى'' يحتج عبد الحكيم أحمد على ''هيثم السوهاجى'' مؤكداً أن فترة حكم الإخوان شهدت ''وقف حال لناس كتير''.. يرغب عبد الحكيم فى حصول الرئيس السابق مرسى وجماعته على أحكام بـ''الشنق'' معللاً ذلك بقوله ''الناس دى قعدت سنة تحكم.. هما عاشوا فى نعيم وأحنا فضلنا ننزل لتحت أكتر''.
يعلو نفير سيارة وتتوقف بجانب ''الفواعليه''، يهب ''عاطف'' واقفاً ويسرع ناحية ''الزبون'' ويتوقف الجميع عن الحديث.. كلمات قليلة يتبادلها مع قائد السيارة ليعود لأقرانه بخيبة أمل ''كان بيسأل على شارع''.. ''أنا مش عايز أعرف حاجه عن مرسى ده ولا عن البلد.. أنا كل اللى بفكر فيه دلوقتى إن ربنا يرزقنى وأرجع للعيال حتى لو بعيش حاف''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: