لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''المطعم اللي مش مصري''.. خير بلدك بأيادي ''سويدية''

02:21 م الإثنين 05 نوفمبر 2012

''المطعم اللي مش مصري''.. خير بلدك بأيادي ''سويدية''

كتبت - يسرا سلامة:

''خسرنا قد إيه من الأراضي الزراعية؟ وإيه اللي بنقدمه بالظبط؟ احنا أصلاً بناكل إيه؟''.. كلها أسئلة تدور في مخيلتك عن طبيعة الغذاء الذي يتناوله الشعب المصري، لتدور تلك النقاشات أيضاً داخل ''المطعم اللي مش مصري'' .

فعلى أغنيات ''الست أم كلثوم'' ووسط جدعان الحارة المصرية في منطقة ''أرض اللواء''، يقف مجموعة من الطاهيات الأجنبيات، في ركن يُسمى ''أرت اللواء'' يطهين مجموعة من الأكلات المصرية البسيطة، والتي تجذب سكان المنطقة الشعبية الشهيرة ليقفوا مندهشين من الأمر في البداية، سرعان ما تتلاشى بمعرفة الأمر؛ فهم ثلاث سيدات يطبخن في ''المطعم اللي مش مصري'' وكأنهم ''ستات بيوت'' مصريات، يطهين ويتناقشن في كل هذه الأسئلة عن غذاء المصريين وأكثر.

عنوان المشروع ''المطعم المش مصري'' يشير إلى الإحساس الذى يشترك فيه العديد من المصريين، إننا لا نعيش فى بلد نملكها، وأنها بلد في أيادي ''شخص آخر''؛ فالمطعم البلدي الصغير يستخدم أطعمة مزروعة في مصر ومخصصة فقط للسوق العالمي والتي نادراً ما تتوفر للسكان في مصر، فهي ''من خير البلد وليست لأهل البلد''، ليتعرف المصريون على خير بلدهم من خلال هذا المطعم لأول مرة.

الشيف السويدية '' أسو  نسيون مولينوس'' - إحدى شيفات ''المطعم المش مصري'' - تقول أن الفكرة ليست فقط فى تناول أطعمة من أطعمة المصريين التى لا يتذوقونها، وإنما أيضاً فى أن المطعم أداة تحليلية نقدية شعبية تساعد على فهم الأسباب المؤدية لنقص الطعام المتاح للمصريين، والتعامل مع قضايا متصلة بسياسات ''الاستيراد والتصدير'' التى تتبعها الدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار الجانبية للنمو العمراني غير المنضبط  للضواحي على حساب الأراضي الزراعية، والمنتشر فى مدينة أرض اللواء أيضاً.

''أسونسيون'' تتمتع بالمرح وسط زبائنها، تقدم لهم الأطباق الشهية وتأخذ قسطاً من الراحة لتتناول وجبتها، تتحدث عن الفكرة بسعادة، وبلغة أجنبية لا تخلو من كلمات عربية حفظتها عن ظهر قلب، تشجع زميلتها من الشيفات على العمل فى تقديم الوجبات، تضع فى وسط المطعم على الجدران صورة لجدها الأسبانى الفلاح ''جوردو'' الذى علمها حب الطبيعة، وكل ما تنتجه من غذاء في ضواحي الريف الأسبانى، لا ترفض تقديم وجبة بدون مقابل إلى بعض من فقراء ''أرض اللواء'' كمعظم المطاعم المصرية.

تركز ''أسونسيون'' في أعمالها على الآثار الاجتماعية والثقافية للطعام، وتستخدم الفوتوغرافية والفيديو والأعمال التركيبية والوسائط الأخرى لاستكشاف النطاق الريفي والقضايا الفلاحية من منظور عابر للقومية، وتعيش وتعمل حاليا بين القاهرة في مصر وبلدتها الأم ''جوزمان'' في مقاطعة ''بورجوس'' في إسبانيا والتي يبلغ تعداد سكانها 80 نسمة.

عند ذهابك للمطعم ستنبهر بعدد المصريين المرحبين بالفكرة بجانب الأجانب أيضاً، ''أبو محمود'' جاء هو وابنه إلى المطعم؛ فمحمود شارك فى أنشطة جمعية ''أرت اللواء'' من قبل فى الرسم، ألح على أبيه فى الحضور والمشاركة فى الحديث والأكل طبعاً .

يقول ''أبو محمود'': ''الفكرة حلوة وبيعرفوك أن بلدك كلها خير من المحاصيل الزراعية.. لكن كمان بيفهموك أنك مضطهد فى بلدك أنك مش بتاكل من خيرها.. أو أنك مش عايش من الخير ده''.

''أبو صهيب'' جاء على ''موتوسيكل'' إلى المطعم بعدما استوقفه الزحام والأجانب أمام المطعم، ليلح عليه ولده هو الآخر ليشتري له وجبة ''أورجانيك'' يتشارك فيها مع والده، ويأخذ قسطاً من اللعب مع الأطفال أمام المطعم، ويقول ''المطعم بالرغم أنه صغير لكن شكله يشد.. طريقة التقديم كمان مختلفة بالرغم أن سعر الوجبة رخيصة''.

لم يخل المشهد بالطبع من بعض الأجانب، ''ليسى'' فتاة إسبانية أتت بعد دعوة من سفارتها بالقاهرة للمشاركة فى تلك الاحتفالية الغذائية الثقافية، وتعبر عن إعجابها بالفكرة، ويتشارك معها صديقها المصري ''طه'' الذى أبدى اهتمامه بالزراعة والغذاء المصري البعيد عن المبيدات والكيماويات، ويقول :''أتيت بعد دعوة من خلال موقع ''فيس بوك'' عشان أتذوق أحسن أكل مصر أنتجته لإنه أكيد مختلف''.

''المطعم اللي مش مصري'' مستمر حتى نهاية شهر نوفمبر، ولكن فى كل أسبوع له برنامج مختلف عن الآخر؛ ففى الأسبوع الأول يقدم أطعمة مزروعة فى مصر والنادر الحصول عليها لأنها مخصصة للتصدير، فى الأسبوع الثاني سيتم طبخ على أساس ميزانية أسرة مصرية في اليوم وستساعدهن في ذلك أربع سيدات مصريات.

وفى الأسبوع الثالث سيكون الطهو باستخدام ما ينمو أو يوجد على الأرض حول المطعم والتي كانت فيما سبق أرضاً زراعية، من خلال حصاد بعض المحاصيل في دائرة مساحتها 100 متر، وستتم زيادة هذه المساحة يومياً حتى تبلغ كيلومتر واحد في اليوم الرابع، أما فى الأسبوع الأخير سيكون تمرين في ''الزراعة التنقيبية''؛ حيث سيتم البحث عن الطعام تحت الأرض عبر القيام بسلسلة من حملات التنقيب واستكشاف أسطح الجيران في المنطقة؛ حيث يقوم الناس بتربية الدجاج والبط والأرانب والحمام للبيع وللاستهلاك المنزلي، وفى هذين الأسبوعين ستكون الوجبات للعرض فقط وليست صالحة للأكل.

في ''المطعم اللي مش مصري'' تتجاذب أطراف الحديث حول المحاصيل الزراعية التي يأكلها المصريون، ويرفع المطعم في وجباته شعار ''المحدودية''، أي تقديم كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الانسان في الوجبة الواحدة دون اللجوء إلى كميات كبيرة من الطعام، أى الاعتماد الكلى على ''كيفية'' الأكل، الأمر الذى يجعل أيضاً سعر الوجبة رخيصاً، فهي تتكون من ''أرز وقطعة كفتة وخضار وكوب طحين'' تكتمل فيهم العناصر الغذائية.

المطعم
المطعم
المطعم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان