بعد تصريح "شكري".. هل هناك سبيل لـ"حل الدولتين" ؟
كتبت- رنا الجميعي:
أثار وزير الخارجية "سامح شكري" خلال زيارته لإسرائيل خيار "حل الدولتين"، وهو الاقتراح المُتجدد بين قوى المنطقة، حيث صرّح شكري خلال مؤتمر صحفي عقد يوم الأحد الماضي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي "بينامين نتنياهو"، أن رؤية حل الدولتين ليست بعيدة المنال. ومع المحاولة الحالية لتحريك المياه تلك، كانت آخر جولات محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل بإبريل 2014، الخيار الذي طرحه شكري ليس جديدًا، حيث تظهر تلك الرؤية من آن لآخر، غير أن العديد لا يرى أنه يُمكن تنفيذ حل الدولتين على الأرض، مع تزايد أعداد المستوطنات، والوصول بمشكلة اللاجئين لأفق مغلق.
وتعليقًا على الزيارة التي أجراها وزير الخارجية، قال دكتور "أسامة شعث"، مستشار العلاقات الدولية الفلسطينية، إن زيارة شكري ضرورية باعتبار تولي مصر رئاسة المجموعة العربية بجامعة الدول المعنية بمسألة التسوية السياسية، ويرى أن مصر تتبنى الإجماع الرسمي الفلسطيني والعربي القائم على مبادرة السلام العربية التي أقرت في 2002، بقمة بيروت.
ومنذ أقل من شهر نقلت وسائل اعلام إسرائيلية عن نتنياهو ووزير الدفاع "أفيجدور ليبرمان" تأييدهما لـ"حل الدولتين"، وفي تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي قال فيه "ملتزم بتحقيق السلام مع فلسطين وجيراننا"، كذلك خاض بشأن المبادرة العربية، وبرر رفضه لها بالاستعداد للتفاوض لتعديلها، وأضاف أيضًا الحفاظ على الهدف المتفق عليه، وهو "حل الدولتين".
فيما يأمل "عبد الناصر فروانة"، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق بهيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن تؤسس زيارة وزير الخارجية المصري لمرحلة جديدة من المفاوضات وتحقيق السلام، ويزيد على ذلك أن جميع الفلسطينيين يؤمنون بأهمية حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية على حدود 1967، لكن من بينهم ما يرى، بحسب حديث فروانة لمصراوي، أنه حل مؤقت ومرحلي، ولا ينهي الصراع الاستراتيجي على فلسطين التاريخية.
ويذكر المؤرخ الفلسطيني "عبد القادر ياسين" أن طرح ذلك الحل قيل منذ زمن، ومن بين من اتفقوا عليه سابقًا كان المثقفون الفلسطينيون، كما أعلن المجلس الوطني الفلسطيني خيار الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وذلك في عام 1988 بالجزائر، لكن المؤرخ الفلسطيني يؤكد على أن هناك إجماع صهيوني على أربع نقاط هي؛ ألا تكون هناك عودة لحدود 1967، و لا توجد إعادة للقدس، كذلك لا توجد نية لوقف زحف المستوطنات، أو عودة للاجئين.
كل ذلك يضع "حل الدولتين" أمام جدار مسدود، وهو ما تعتقده أيضًا دكتورة "أهداف سويف"، المحللة السياسية والأديبة، فبسبب سياسات اسرائيل في بناء المستوطنات وكل الإنشاءات التحتية بفلسطين المحتلة، حسب قولها، حيث ترى أن المتابع للشأن الفلسطيني يعرف أن هذا الخيار لم يعد ممكنًا عمليًا منذ أكثر من عشر سنوات، وتضيف أيضًا "بصرف النظر عن افتقاره للعدالة أساسًا".
مع مطلع الشهر الجاري صدر تقرير اللجنة الرباعية الدولية، المعنية بعملية السلام في الصراع العربي الإسرائيلي، ومن بين ما أقرت به اللجنة هو أن التحريض واستمرار الاعتداءات ضد مدنيين يُضعف عملية السلام، كما يؤدي لنفس النتائج أيضًا استمرار سياسة البناء والتوسع الاستيطاني، كذلك الانقسام الفلسطيني.
ضمن العُقد التي لا تحل الخيار المطروح هو تزايد أعداد المستوطنات، وخلال الأسبوع الماضي أعلنت الجامعة العربية أن الاستيطان تضاعف في عهد نتنياهو بنسبة 55%، فزادت أعداد المستوطنين من 280 ألف في عام 2008، إلى 440 ألف مستوطن، يصف "ياسين" رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه "رجل مراوغ وكذاب"، كذلك لا يمكن تقديم مشروع للتسوية بينما "حذاء عدوي على رقبتي"، بحسب حديثه، ويتساءل المؤرخ الفلسطيني عن السبب الذي يدعو إسرائيل القبول بذلك الخيار وأمامها الدول العربية لا تُقدم سوى التنازلات.
أما عن تحرك مصر الحالي فيراه "شعث" بأنه إلقاء حجر في المياه الراكدة، وشعور الدولة بالقلق على القضية الفلسطينية التي من الضروري قيامها على الحدود الشرقية، والتي تعتبر جزء رئيسي للأمن القومي المصري، ولا يعتقد مستشار العلاقات الدولية أن اسرائيل جادة في حل الأزمة، والسبب في ذلك أنها أضاعت ربع قرن في المفاوضات بلا جدوى، وهو ما تتفق عليه دكتورة "سويف"، وترى أن رغبة اسرائيل بالاستمرار في المفاوضات هو "نوع من الغطاء" فحسب.
خيارات أخرى
الخيارات محددة كما يرى دكتور "شعث"، فلا سبيل سوى بتصعيد المواجهة الفلسطينية والعربية، يشرح مستشار العلاقات الدولية أن حدوث المواجهة ستكون بتوحيد القوى، ووجود ضغط عربي ودولي من الدول الصديقة على إسرائيل، ومن ناحية أخرى لا يطرح الواقع أداء دبلوماسي قوي عربيًا، ويضيف شعث أن الشعب الفلسطيني يُعاني من الموقف العربي، وحتى الأداء الفلسطيني "ضعيف أيضًا".
بعام 2012 كتب "أحمد قريع"، رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، والذي شارك بجولات مفاوضات عديدة، مقالًا تحت عنوان "حل الدولتين بين الفشل والتفشيل"، يستعرض فيه الظروف التي طرح خلالها خيار الدولة الفلسطينية المستقلة، ووصف فيه أن مشروع حل الدولتين أصبح "الخيط الناظم" لكل المبادرات والمساعي الدبلوماسية المبذولة، ويشرح كيف سقط هذا الحل عبر سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ومن بين سطور المقال:
"قد كان الشعب الفلسطيني يرى بأم عينه عمليات تهويد القدس وتغيير معالمها التاريخية والثقافية والدينية، إضافة إلى مشاريع الاستيطان اليهودي الجارية على قدم وساق، جنباً إلى جنب مع خطة إسرائيلية معتمدة منذ أمد طويل لتهميش السلطة الفلسطينية، دون أن يلقي ذلك كله أي ردود أفعال جادة، الأمر الذي أوصل كثير من الأوساط السياسية والثقافية الفلسطينية إلى قناعة مبكرة مفادها أن إسرائيل قد شرعت فعلاً في قتل مشروع حل الدولتين".
فيديو قد يعجبك: