فرنسا.. "مسرح عمليات داعش في قلب أوروبا"
كتب - مصطفى ياقوت:
دخلت فرنسا حيز الدول الأكثر استهدافًا من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة -خاصة في الآونة الأخيرة- في ظل تنامي نبرة التهديد التي يستخدمها تنظيم داعش الإرهابي على وجه الخصوص، بتنفيذ عمليات أكثر دموية، تجاه الدول الأوروبية.
وأضحت عروس أوروبا، مسرحًا للعديد من الأعمال الإرهابية، العاميين الماضيين، كان آخرهم حادث الدهس الذي وقع بمدينة نيس الفرنسية، مساء أمس الجمعة، وأسفر عن مقتل 84 مواطنًا وإصابة نحو 100 آخرين.
يرى اللواء رضا يعقوب، الخبير الأمني، ومؤسس مجموعة مكافحة الإرهاب الدولي، إن الغرب هو من صنع التنظيمات الإرهابي؛ كي تلتهم الأنظمة العربية والمنطقة بأكملها، مشيرًا إلى أن الأنظمة العربية استجابت لـ"الطُعم"، بحسب قوله.
وأكد يعقوب، أن ما تشهده أوروبا الآن، وفرنسا على وجه الخصوص، ما هو إلا انقلاب للسحر على الساحر، لافتًا إلى أن خلايا داعش النائمة في فرنسا، أصبحت تهاجم صانعيها، بعد أن انقلب عليهم الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند.
يرفض مؤسس مجموعة مكافحة الإرهاب الدولي، ربط تواجد باريس بالقوات الدولية المشاركة في الهجمات على داعش بسوريا والعراق، بالأحداث الإرهابية التي تشهدها، حيث أن "الغرب مهمومًا ببقاء داعش دخل الشرق الأوسط، بل ويدعمهم بالأسلحة والذخائر"، وفق قوله.
يخالفه في الرأي، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أحمد عطا، والذي يرى أن "بريطانيا وفرنسيا وبلجيكا" أكبر نقط ارتكاز أوروبية لعناصر التكفيرية، وفقًا لتقرير الأمن القومي الأمريكي الصادر في أغسطس من عام 2015.
أكد عطا، أن فرنسا تضم أهم التنظيمات التكفيرية وهما "فرسان العزة، والسلفية الجهادية"، مشيرًا إلى أن جميع أعضائهما وافدون من دول شمال إفريقيا، ويمكثون ما بين باريس ونيس، والتي تضم أكبر جالية عربية وإفريقية بفرنسا، مشددًا على أن داعش تملك جبهة موحدة مع الحركة السلفية الجهادية بأوروبا، وهو ما دفعهما للتنسيق المسلح، متمثلًا في تحرك عناصر إجرامية داخل دول الاتحاد الأوروبي بهدف تنفيذ عمليات إرهابية.
أبو محمد العدناني، المتحدث الرسمي باسم تنظيم داعش، توعد فرنسا على وجه الخصوص في تسجيل صوتي، صدر عن مؤسسة الفرقان التابعة للمركز الإعلامي للتنظيم، يناير من العام الماضي، دعا فيه أنصار التنظيم قائلًا: "إن استطعت قتل كافر أمريكي أو أوروبي، لاسيما لو كان فرنسيًا حاقدًا وقذرًا، اقتله بأي وسيلة كان".
وأشار الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إلى أن جهاز شرطة الاتحاد الأوروبي، كان لديه معلومات كاملة عن عمليات إرهابية ستنال من فرنسا وبلجيكا وهولندا، خلال تلك الفترة، فيما أسماه قاتدة السلفية الجهادية بعمليات "الورود المفخخة"، لافتًا إلى أن حادث الدهس الذي شهدته نيس الفرنسية يعد تطورًا نوعيًا جديدًا في الشكل والتأثير، الذي يستهدف إحراج القدرات الأمنية للسلطات الأوروبية.
في سبتمبر من العام الماضي، كانت قوات الجو الفرنسية تشارك نظيرتها الأمريكية، في قصف معاقل تنظيم داعش الإرهابي في العراق، قبل أن يتخذ الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، قراراه بالتمدد العسكري لتشمل ضربات فرنسا نقاط ارتكاز التنظيم في سوريا.
يقول، سامح عيد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن فرنسا بمثابة عاصمة الحضارة الغربية، واستهدافها أمنيًا يمثل "ضربة" قوية لمفهوم العولمة ونمط الحياة الغربي، مؤكدًا أن فرنسا هي الأكثر انفتاحًا على الآخرين، دون دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
ويرجع عيد، ما يحدث في باريس، إلى مشاركة فرنسا في الحلف الأمريكي ضد داعش في سوريا، مضيفًا إلى ذلك بقاء فرنسا كقوة استعمارية طويلة الأمد ببلاد شمال إفريقيا، ما جعلها محط أنظار واستهداف الطيور ذوي الأصول العربية المهاجرة لها.
فؤاد يونس، من خلال معرفته بطبيعة الدولة الفرنسية، بحكم منصبه كرئيس مجلس الأعمال المصري الفرنسي، يرى أن باريس ليست وحدها المستهدفة بالأعمال الإرهابية، ضاربًا المثل بالتفجيرات التي شهدتها تركيا وبريطانيا مؤخرًا.
وأوضح يونس، أن النظام الفرنسي يسعى الآن بجهد كبير؛ لاتخاذ الإجراءات الامنية المطلوبة لحماية مواطنيه، في المقام الأول، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن النظرة الشعبية الفرنسية باتت أكثر حد تجاه المسلمين بشكل خاص، جراء تكرار تلك الجرائم الإرهابية، التي تتبناها حركات إسلامية متطرفة.
في الوقت الذي نفى فيه إمكانية تأثير تلك الأحداث الإجرامية على حركة الاستثمارات الفرنسية، أو سوق التجارة والاقتصاد على وجه العموم.
فيديو قد يعجبك: