لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

جهود مكافحة الفساد في مصر حبر على ورق

10:27 ص الأحد 06 مارس 2016

من جلسات محاكمات مبارك ونجليه

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- علياء أبوشهبة:
88 هو ترتيب مصر في مؤشر مدركات الفساد من بين 168 دولة لعام 2015، والذي أعلنته مؤخرا منظمة الشفافية الدولية، في حين كانت في المركزالـ94 في عام 2014 و المركز الـ114 في عام 2013.

ومؤشر مدركات الفساد هو مؤشر للشفافية بين 168 دولة، بحيث تعتبر الدولة التي تحتل المركز الأول هي أفضل الدول من حيث الشفافية والدولة ذات المركز الأخير هي أسوأ الدول من حيث الشفافية ومن حيث إدراك الفساد.

ولكن لماذا لا يوجد انعكاس مباشر لهذا التقدم في مؤشر مدركات الفساد، وخاصة في ظل تتابع اللجان والهيئات الرسمية التي تشكل من أجل مناقشة كيفية القضاء على الفساد، وأخرها لجنة النزاهة والشفافية، وهى إحدى اللجان المستحدثة في البرلمان والتي قوبلت برفض من بعض الأعضاء.

"مصراوي" يستعرض اللجان الحكومية المتعددة لمكافحة الفساد، ودورها الفعلي، ونبحث الإجابة عن السؤال الأهم وهو كيف يشعر المواطن بوجود جهود ملموسة لمحاربة الفساد.

تعريفات الفساد
منظمة الشفافية الدولية هي منظمة دولية غير حكومية معنية بدعم جهود مكافحة الفساد عالميا ومقرها مدينة برلين في ألمانيا، وفقا للتعريفات المذكورة في الموقع الالكتروني للمنظمة يصنف الفساد إلى فساد سياسي وفساد بيروقراطي أو إداري ، ويعرف الفساد السياسي بأنه إساءة استخدام السلطة العامة الحكومية لأهداف غير مشروعة، لتحقيق مكاسب شخصية، وأهم أشكاله المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب.

أما الفساد الصغير أو الإداري هو ممارسة المعاملات الفاسدة في الادارة ، وقد يأخذ شكل تبادل مبالغ نقدية أوتوظيف الأقارب والأصدقاء في مراكز غير قيادية، إضافة إلى الشفافية في الإعلان عن البيانات الرسمية، والحق في الوصول للمعلومات، وحق الشكوى، وحماية الشهود والمبلغين.

إتفاقية الأمم المتحدة
في عام 2003  وقعت مصر على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ودخلت حيز التنفيذ في عام 2005، وتنص على مجموعة من البنود منها تأسيس جهة مستقلة لمحاربة الفساد، ووجود قانون لمحاربة الفساد، إلا أن مصر ليست طرفا في إتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية لمكافحة الرشوة، وإتفاقية الإتحاد الأفريقي لمنع ومكافحة الفساد.

وتضم اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد 71 مادة مقسمة إلى 8 فصول، وهي اتفاقية متعددة الأطراف تتفاوض بشأنها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتهدف إلى منع الفساد وتجريم بعض التصرفات، وتعزيز إنفاذ القانون والتعاون القضائي الدولي وتبادل المعلومات لتنفيذ الاتفاقية.

لا يوجد قانون خاص بمحاربة الفساد في مصر، ولكن يوجد نصوص في قانون العقوبات المصري تجرم الرشوة وإساءة استخدام المنصب واستخدام الموارد العامة لتحقيق مكاسب خاصة والابتزاز.

كما يجرم قانون مكافحة غسل الأموال لعام 2002 والتعديلات اللاحقة به جريمة غسل الأموال، لكن لا يشير هذا القانون إلا إلى الفساد في القطاع العام و القطاع الخاص، ويغفل الإشارة إلى الفساد داخل قطاع  الأعمال.

في شهر أغسطس عام 2014 وقعت مصر على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، والتي وقع عليها 19 دولة عربية من إجمالي 22 دولة.

حقيقة مؤشر الشفافية
أوضح الدكتور أحمد صقر عاشور ممثل مصر في منظمة الشفافية الدولية السابق، وأستاذ الإدارة بجامعة الإسكندرية، أن ترتيب مصر تحسن في مؤشر الشفافية الدولية لكن هذا التحسن بسبب المعايير التي تأخذ بها الشفافية الدولية نتيجة المكاشفة عن حالات الفساد والقضاء يتداول قضايا فساد للمسؤولين أيام مبارك بعيدا عن تتبع نتيجة هذه المحاكمات، كما أن المؤشر تحسن بسبب أن النظام الحالي أعلن عن واقعة فساد بالقبض على وزير الزراعة السابق، وأضاف أنه مؤشر مضلل لأنه لا يوضح منبع الفساد ولا يحدده لكنه يرصد الفساد المتوسط، ولا يحدد القطاعات الأكثر فسادا وبالتالي لا يمكن من التشخيص، ولذلك هو مؤشر انطباعي غير مبني على الخبرة، ويسمى مؤشر مدركات الفساد، أي أنه الفساد الذي نظن أنه موجود.

وقال:"علميا الفساد ليس شيئا واحدا لأننا لدينا عدة مظاهر له منها الرشوة والتربح وتبادل وتعارض المصالح والمجاملات والمحسوبية، بالتالي لا يمكن وضع كل هذه الظواهر في سلة واحدة".

مضيفا أن الفساد ليس فقط فساد مالي، ويوجد صورة ذهنية أن الفساد رشوة، لكن يوجد صور أخرى عديدة مثلا في التعليم الدروس الخصوصية ليست انتقال موارد الدولة إلى جيوب خاصة لكن إنهيار منظومة التعليم وجودة التعليم ومصداقيته وأيضا احتياج الجامعات وهي مسألة أخطر مما يتم في مراحل التعليم الجامعي والدرجات العليا أيضا من الماجستير والدكتوراة من يفحص ما يجري يجد تردي وإهمال وفساد لكنه لا يأخذ صورة رشوة لأنه فساد منظومي مقنن برامج تؤسس في الجامعات مفيدة فقط للقائم عليها ولا تفيد المتدرب.

كما أشار إلى أن هذا المؤشر لا يقترب من الفساد السياسي أو المنظومي الخاص باقتناص الدولة وسيطرة عائلات معينة على المميزات في الدولة، وأيضا تزاوج السلطة والثروة والذي كان سائدا في مصر قبل الثورة.

لجنة الشفافية والنزاهة
في عام 2007، تم تأسيس لجنة الشفافية و النزاهة  التابعة لوزارة الدولة للتنمية الإدارية، وذلك بهدف تعزيز الشفافية والمساءلة وجهود مكافحة الفساد في القطاع العام، وأصدرت اللجنة 3 تقارير حددت مظاهر الفساد والطرق المثلى لمكافحتها.

ومن أشهر التقارير التي نشرتها لجنة الشفافية والنزاهة التقرير الذي تضمن دراسة أعدها دكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع في جامعة القاهرة، وعميد كلية الأداب سابقا، تحت عنوان "الأطر الثقافية الحاكمة لسلوك المصريين واختياراتهم"، ومن نتائجه أن ٦٤.٣% من المصريين، أى حوالى الثلثين، يخافون من المستقبل وأن أهم أسباب الفساد هى انخفاض المرتبات ٨٩.٥% وضعف أداء الأجهزة الرقابية ٨٩.٣، وعدم قيام مجلس الشعب بجهد كاف لمراقبة الحكومة %٨٤.٩ ونقص المعلومات الصحيحة ٧٥% وتضارب وتعدد القوانين والاختصاصات ٧٤.١% وضعف المشاركة السياسية ٧١.٤%.

وتوقفت أنشطة اللجنة التي اتهمت دوما بعدم الشفافية بعد قيام ثورة 25 يناير، وكان من أبرز أعضائها ماجد عثمان وأنيسة حسونة وعبدالفتاح الجبالي.
وعقب ثورة 25 يناير أنشأت وزارة الدولة للتنمية المحلية  فرع للتفتيش ومراقبة، الذي بدأ إجراء كل عمليات التفتيش المنتظمة والمفاجئة لمتابعة شكاوى الفساد.
فيما يتعلق باللجنة قال دكتور ولاء جاد، رئيس مؤسسة "شركاء من أجل الشفافية"، إن لجنة الشفافية والنزاهه التابعة لوزارة التنمية الإدارية كان يفترض أن تقوم بمراجعة القوانين والتشريعات والسياسات العامة التي لها علاقة بالفساد على الأقل داخل الجهاز الإداري للدولة، لكن اللجنة لم يكن مرضي عنها من نظام مبارك.

اللجنة التنسيقية لمكافحة الفساد
وفي عام 2010 أنشأت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزير التنمية المحلية ووزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، ووزير العدل، ورئيس هيئة النيابة الإدارية، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والمخابرات العامة والجهاز المركزى للمحاسبات ووحدة مكافحة غسل الأموال والنيابة العامة.
fasad
وينص الدستورالحالي على إنشاء لجنة جديدة لمكافحة الفساد، وفي شهر ديسمبر من عام 2014 أعلن عن وضع الاستراتيجية المصرية الوطنية لمكافحة الفساد وغسيل الأموال وتحسين أداء الجهاز الإداري بالدولة، والتي أعدها مركز الحوكمة التابع لوزارة التخطيط والإصلاح الإداري وتضم إطارا عاما للخطة الوطنية لمكافحة الفساد للسنوات 2014 - 2018.

وحددت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد المهام المنوط بمجلس النواب القيام بها، سواء إذا كانت تتعلق بمهام تنفيذية، كمراجعة التشريعيات أو سن القوانين المتعلقة بالفساد، أو إذا كانت المهام تتعلق بالمتابعة كتقديم الدعم للجهات المعنية بمكافحة الفساد.
وفي شهر فبراير عام 2015 أعلنت وزارة العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب عن تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون إنشاء مفوضية مكافحة الفساد.

لجنة الشفافية في البرلمان
وفي 20 فبراير الماضي دعى النائب مدحت الشريف إلى تأسيس لجنة "الشفافية والنزاهة" لكي تختص بمكافحة الفساد، وهو المطلب الذي قوبل برفض بعض الأعضاء منهم النائب كمال أحمد، عضو لجنة إعداد اللائحة الداخلية لمجلس النواب، الذي قال في تصريحات لموقع "البرلمان" :"مصر مرتبطة باتفاقيات مع الأمم المتحدة، ومعنى أن تشكل لجنة خاصة لمكافحة الفساد وتحمل نفس الاسم، فهذا دليل على أن مصر دولة فاسدة، مما يعيق الاستثمار في البلاد، وأن لجنة النزاهة تقوم بنفس الغرض في مكافحة الفساد".

وقالت النائبة مارجريت عازر ل"مصراوي" إن رفض تأسيس اللجنة سببه إن هناك لجان متخصصة كل منها مختص بموضوع ما مثل لجنة الزراعة ولجنة الصناعة وغيرها وتختص بالنظر في قضايا الفساد الخاصة بكل قطاع، إضافة إلى اللجنة المختصة بالمقترحات والشكاوى، وبالتالي سوف تصبح لجنة الشفافية والنزاهة مجرد لجنة إحالة دورها هو إحالة الشكاوى إلى لجان أخرى، لذلك فإن اللجنة ليس لها اختصاصات واضحة وصلاحياتها موجودة في كل اللجان.

حددت اللائحة الداخلية للبرلمان مهام لجنة الشفافية والنزاهة، ضمان الشفافية ودعم مكافحة الفساد، والتعاون مع الهيئات والأجهزة الرقابية المعنية بمكافحة الفساد إضافة إلى الرقابة على منع الممارسات الاحتكارية، والرقابة على تضارب المصالح لشاغلي الوظائف العامة.

لجان صورية لمكافحة الفساد
انتقد دكتور أحمد صقر عاشور، ممثل منظمة الشفافية الدولية سابقا، اللجان التي تأسست لمنافشة مكافحة الفساد في مصر قائلا إنها على اختلافها كلها غير فعالة، وجميعها بحاجة إلى إعادة الهيكلة.

وأضاف عاشور أن رد فعل النواب على لجنة الشفافية والنزاهة يدعوا للحزن نتيجة عدم الوعي، وقال:" لا ينتظر من هذا البرلمان الكثير؛ لأنه جاء بانتخابات بها فساد سياسي متمثل في الرشاوى الانتخابية، ولم تستطع اللجنة العليا للانتخابات أن تراقب الإنفاق الخاص بالمرشحين ويمكن أن يلعب عدد من الأعضاء دور مهم لكن ليس الغالبية كما هو مفترض".

غياب الشفافية
وأكد ممثل منظمة الشفافية الدولية سابقا، على غياب الشفافية في جهود مكافحة الفساد الحالية، قائلا:"لا يوجد بيان واضح عند الإعلان عن أي جهود، كما أن الرقابة الإدارية جهاز يعمل في تكتم شديد، وهو جهاز شبه عسكري لا يوجد به كوادر مدنية ويفترض من أجهزة الدولة أن تتصرف بشفافية وتعلن عن مخططها وأولواياتها خاصة بعد ثورتين، وبعد اجتماع الرئيس السيسي بهم وتأكيده في أكثر من خطاب على أن مكافحة الفساد أولوية".

zein

ولفت عاشور إلى أن الأجهزة الرقابية الحالية تلاحق الفساد بعد حدوثه لكنها ليست للمنع وللإصلاح ولتقليل الفساد.
كما أشار إلى الدور الذي لعبته الهيئات الرقابية في منع قيام هيئة مستقلة لمكافحة الفساد ومنعه، وأن دستور 2012 كان به مشروع لمفوضية لمكافحة الفساد، ولم يكن له الكثير من الصلاحيات، وفي مناقشات دستور 2013 بحضور ممثلين للجهات الرقابية تكاتفوا لمنع وجود مفوضية لمكافحة الفساد.

وكانت رئاسة الجمهورية أطلقت "ديوان المظالم" لتلقي شكاوى المواطنين عام 2013 ولكن سرعان ما اختفت الفكرة، ويقول دكتور أحمد صقر عاشور، عن الأمر :" ديوان المظالم فكرة رائعة وموجودة في الدول الاسكندنافية ويسمى "الامبودسمان" وبعض الدول طبقت الفكرة منها الأردن والمغرب، ويختص باستقبال الشكاوى وتوصليها للجهات المختصة والحصول على رد منها.

دور غير واضح
دكتور ولاء جاد الكريم، رئيس مؤسسة شركاء من أجل الشفافية قال لـ"مصراوي" لدينا أزمة كبيرة في منظومة مكافحة الفساد والتي يجب أن تضم تشريعات وهيئات رقابية مستقلة، تستطيع تحريك دعاوى قضائية، ورؤسائها يعينوا بشكل مستقل من خلال البرلمان ومنظومة قوانين تسد الثغرات وتحارب الفساد، كما أن اللجان دورها غير واضح لأنها لجان شكلية لمكافحة الفساد".

وأضاف:" في ديسمبر 2014 مصر أعدت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وجزء منها أن يكون في كل وزارة لجان لمكافحة الفساد إلا أن هذه اللجان صورية والأزمة أن جانب من العاملين فيها من المتورطين في قضايا فساد".

وأوضح أن اللجنة الحالية برئاسة رئيس مجلس الوزراء ومجموعة من الوزراء ورؤساء الهيئات المختصة بمكافحة الفساد هي في النهاية لجنة حكومية رسمية وتعاونها لجنة تنسيقية بها مجموعة من الخبراء القانونيين لكن في النهاية ليس لهم أي دور فاعل.

قانون لحماية الشهود
وأضاف دكتور ولاء جاد، مدير مؤسسة "شركاء من أجل الشفافية" أن لجنة مكافحة الفساد أو لجنة الشفافية والنزاهة المطروح إنشائها أمام البرلمان يفترض أن تتلقي شكاوى الفساد لكن الأفضل، لكن ما نحتاج إليه وجود لجنة لمكافحة الفساد؛ لأنه من الأولويات، ولدينا الكثير من المشاكل أهمها المطالبة بإصدار قانون وجود قانون لحماية الشهود والمبلغين عن وقائع الفساد، وهو ركيزة أساسية في مكافحة الفساد.

وحتى فكرة الاستقلالية في الهيئات الرقابية لدينا 27 جهاز رقابي، كما لفت إلى أن مصر لديها تصديق على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تنص على وجود هيئة مستقلة لمكافحة الفساد وهي ليست موجودة والدولة تكابر وتقول إن الأجهزة الموجودة تكفي، ولدينا 27 جهاز رقابي لكنها غير كافية، ونحتاج إلى هيئة مستقلة، وقال:"لا يوجد شكل منظم لألية تلقي الشكاوي نحتاج إلى كيان مشابه للمجلس القومي لحقوق الإنسان ويكون دور من أدواره تلقي الشكاوى وتوفير الحماية والدعم القانوني لضحايا مكافحة الفساد". 

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج