حوار- رافع الأذان داخل "الكنيست" الإسرائيلي: أزعجت نتنياهو
حوار-محمد مهدي:
غضب في فلسطين، بعد طرح قرار في الأوساط الرسمية الإسرائيلية، بمنع رفع الأذان داخل المدن الفلسطينية بالقُدس عبر مكبرات الصوت، باعتبارها تُسبب إزعاجا للإسرائيل. عَبرّ العديد من الفلسطينين عن رفضهم لهذا القرار بأشكال عدة. من بين هؤلاء الدكتور أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير، العضو العربي في البرلمان الإسرائيلي، الذي احتج ضده وقام برفع الأذان داخل الكنيست.
مصراوي تواصل مع الطيبي، للتعرف على تفاصيل الموقف الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، كيف تعامل معه الإسرائليون داخل الكنيست، ما هي تحركاته مع زملائه لوقف طرح القرار في البرلمان.
كما يتحدث العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي، عن الإجراءات التي سيتبعها في حالة تنفيذه، وكذا علاقته السابقة بالرئيس الراحل ياسر عرفات، وتعليقه على من يعتبر مواقفه داخل الكنيست "عنترية".
بداية. ما هو الوضع الحالي داخل البرلمان تجاه "منع الآذان"؟
نحن نبذل كل جهدنا لوقف هذا القانون البغيض المعادي للعرب والمسلمين، حيث جلسنا مع وزير الصحة "يعقوب ليتسمان" وأوضحنا له خطورة هذا القانون حتى لا يدعمه، وقدم اعتراضه عليه بدوافع يهودية تتعلق بالسبت.
وفي أعقاب ذلك تعَرض البرلمان للضغط من قِبل رئيس الحكومة نتنياهو مع إجراء تعديل في نص القانون بحيث يستثني صفارة دخول السبت بغية الحصول على موافقة ودعم الأحزاب اليهودية المتدينة.
ومتى يُطرح القانون للتصويت؟
يوم الأربعاء القادم، ولكننا مستمرون في معارضة طرحه، وفي حالة إقراره سنتوجه إلى المحكمة العليا.
- بماذا شعرت أثناء إلقاء كلمتك ورفع الأذان داخل الكنيست؟
نحن نتكلم بلسان شعبنا وننطق من حناجره. ذلك الشعب الذي أرسلنا نيابة عنه إلى الكنيست لنطالب بحقوقه ونرفع صوته عاليا في وجه الظلم والتمييز.
في ذلك الخطاب تحديدًا شعرنا أننا ندافع عن مساجدنا المُستهدفة ونوضح لهؤلاء المتطرفين أن لا شيء يستطيع أن يُسكت الأذان، لا قوانينهم العنصرية ولا محاولاتهم البائسة.
-البعض حاول التشويش عليك.. ماذا جرى داخل القاعة؟
نعم كانت هناك نداءات مقاطعة لخطابي وصراخا من قبل نواب اليمين خاصة أنهم فوجئوا من ردة فعلي على هذا القانون البغيض.
رفع الأذان داخل الكنيست بمثابة صفعة على وجه محاولاتهم لإسكاتنا، لذلك حاولوا مقاطعتي حتى أنه تم إغلاق الميكروفون في مرحلة ما حتى لا يُسمع الأذان، ورسالتي من الموقف كانت مُضاعفة: رسالة ترفض القانون من جهة ورسالة تحدي من جهة أخرى لهؤلاء المتطرفين.
-هل تعرضت لأية مضايقات بعد نزولك من المنصة؟
بدأت موجات مهاجمتي واتهامي بالتحريض والمطالبة بتداول الموضوع في لجنة السلوك البرلمانية، كما أن صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت امتلأت بالتحريض ضدي والمطالبة بطردي من الكنيست.
مدى تأثير كلمتك في قانون "الأذان"؟ هل تعتبره معنوي فقط؟
الخطاب البرلماني هو جزء من كل، بمعنى أننا استطعنا من خلاله إثارة الرأي العام العالمي وأوضحنا القضية في أعقاب نشره في العديد من المواقع الاخبارية ومحطات التلفزة وعبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وهذا النشر الكبير لابد أنه يزعج نتنياهو كونه يؤثر سلبًا على صورة إسرائيل أمام العالم التي يحاول مراوغًا أن يبين أنها دولة تسامح مع جميع الأديان، كما أن هذا الخطاب عزز نفوس ومعنويات العرب في البلاد حتى لا يخشوا هم أيضًا من رفع الآذان والاعتزاز به.
-كيف ترى قانونية الموقف الإسرائيلي؟
في الساعات الأخيرة تداولت أوساط مقربة من المستشار القضائي للحكومة بأن هذا القانون غير دستوري أي أن هذا يعزز من موقفنا في محاربته، وهو لن يمر بسهولة وسيواجه عقبات عديدة إلى حين إقراره إذا اقرّ أصلاً.
-وما التصرف في حالة إقراره وتطبيقه؟
سنتوجه إلى المحكمة العليا كما ذكرت، وننادي شعبنا لعدم احترام هذا القانون، لابد من رفضه وعدم تطبيقه مهما كان الثمن. هذه ستكون سابقة خطيرة سيواجهها المواطنون العرب بشدة دفاعا عن دينهم ونحن لا نريد أن نصل إلى وضع من المواجهات والعنف حفاظا على شبابنا.
- هل تحاول مع آخرين في الكنسيت تكوين جبهة لوقف القرار؟
نعم نحن في القائمة المشتركة المكونة من 4 أحزاب نعمل معًا للتصدي لهذا القانون. ونحاور نواب من كل الكتل الاخرى للتصدي للقانون.
- هل نجحت من قَبل في وقف قرار من الحكومة أو قانون مقترح؟
نحن حزب في المعارضة، وعادة عندما تقرر الحكومة تمرير اقتراح قانون فإنها تنجح في ذلك من الناحية العددية، ولكن هناك بعض الأمثلة مثلاً عندما جمدت مؤخرا قرارًا بتحويل 35 مليون شيكل لوزير السياحة ردًا على وصف الوزير ليفين لمجزرة كفر قاسم "بالكذبة".
-هل هناك مواقف أخرى مشابهة؟
هناك تجربة أخرى عندما أسقطت المعارضة قانونًا اقترحته الحكومة حول حضانة الأولاد، وهذا نادرًا ما يحدث وكانت فيه رمزية هامة، وقد نجحنا بتغيير بعض القوانين ولم ننجح بالعديد من التي تم اقرارها.
- ما رأيك في قيام مواطنين فلسطينيين برفع الأذان من أسطح منازلهم؟
نحن نحب سماع الأذان من المساجد، هكذا كان وهكذا نريد أن يكون، وأن تبقى أماكن العبادة منارة للمؤمنين ومنها يخرج نداء "حي على الصلاة .. حي على الفلاح "، ولكنها خطوة رمزية فيها تحدي وعزة.
- نوهت إلى ضجيج النفخ بالبوق أيام الجمعة والسبت -طقس يهودي- ومنع السفر في الأعياد. هل تُفكر في طرح قانون لمنعهما؟
نحن لا نقابل العنصرية بالعنصرية، ولا نقابل العداء تجاه الطقوس الدينية بالمثل، بل نرد وفقًا لما ينص عليه ديننا وما علمنا إياه الرسول الكريم، نحن سنواصل بذل جهدنا لكي يبقى الأذان يصدح في قرانا ومدننا ولن نسمح بإسكاته، رسالتنا أننا نحترم جميع الديانات الأخرى وواجب عليهم احترام ديننا أيضًا.
-كيف تدور الجلسات داخل الكنيست؟
يعقد الكنيست جلساته أيام الأثنين والثلاثاء والأربعاء بناء على جدول أعمال وقضايا يتم طرحها، كما ان هناك جلسة استجوابات للوزراء، وطبعاً خطاباتنا تندمج في جميع هذه الجلسات.
هناك أنظمة وصلاحيات بأيدي رئيس الكنيست ونوابه الذين يترأسون الجلسات، وأنا واحد منهم، حول إنزال نائب عن المنصة أو طرده من القاعة في حال كان تصرفه لا يتلاءم مع أنظمة وقوانين الكنيست.
-ذكرت أن هناك حملات ضدك من اليمين الإسرائيلي. اذكر لنا أبرزها وكيف تتعامل مع هذا الهجوم؟
حملات اليمين ضدي كثيرة حتى أنهم اطلقوا علي لعنة ما يُسمى عندهم " بولسا دي نورا " لإهدار دمي، إضافة إلى مهاجمتي جسديا فمثلاً سكب يهودي متطرف على وجهي شاي ساخن أثناء مشاركتي في إحدى المظاهرات، وتصلنا تهديدات بوتيرة عالية من قبل متطرفين، ونحن في مكتبي البرلماني لا نستهين بهذه التهديدات.
-حدثنا عن "الحركة العربية للتغيير".. دورها في "الكنيست" وأهم القضايا التي تتولاها عن العرب؟
الحركة العربية للتغيير حزب تأسس عام 1999 ودخل الكنيست مع أجندة سياسية واجتماعية نحن مستمرون في العمل عليها. حاليًا نحن ممثلون من خلال عضوين، نحن والنائب أسامة السعدي، نتولى القضايا الاقتصادية، دمج الأكاديميين العرب في القطاع العام، التمويل لكافة مناحي حياة المواطنين العرب، قضايا طلاب الجامعات، مكافحة العنف، عمل السلطات المحلية والعديد من القضايا التي تهم الحياة المدنية للمواطنين العرب. وأيضًا دستور الحزب ودوره السياسي العام ولاسيما بالنسبة للقضية الفلسطينية وما نطرحه عبر المنابر الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
-أين تعيش.. وهل تعمل بالطب بجانب السياسة؟
أنا أسكن ما بين بلدتي الطيبة في المثلث وبين القدس مكان عملي. لا أعمل بالطب حالياً لأن قوانين الكنيست تحظر على عضو الكنيست بأن يشتغل أي شغل آخر.
-هل تتعرض أسرتك لأي مضايقتك بسبب عملك السياسي؟
بالنسبة لعائلتي فهي طبعاً تدفع ثمن عملي السياسي، التهديدات التي تصلني تقلقهم إضافة إلى انشغالي الدائم خارج البيت الأمر الذي أحاول تعويضه قدر المستطاع.
-عملت لفترة كمستشار سياسي للرئيس ياسر عرفات.. حدثنا عن دورك ولماذا تركت المنصب؟
من أجمل وأهم فترات حياتي، أن ترافق الرئيس القائد العظيم ياسر عرفات هذه تجرية فريدة من نوعها، هو كان بمثابة الأب والمعلم والصديق والقدوة، وما قمت به في حينه تقديم الاستشارة في عدد من أهم محطات تاريخ الشعب الفلسطيني في فترة المفاوضات والاتفاقيات.
ولقد تركت المنصب عندما قررت خوض الانتخابات للكنيست، وحتى يومنا هذا وفي جلسات الكنيست كثيرًا ما يتوجه إلى نواب اليمين بمستشار ياسر عرفات ويطالبونني بأن أذهب إلى غزة أو رام الله، وردي لهم بفخري أنني كنت إلى جانب هذا القائد الكبير.
-يتهمك البعض بأن دورك في "الكنيست" افتراضي ومجرد "عنتريات".. ما ردك؟
نحن نستغل كل آلية مُتاحة للعمل من أجل شعبنا، والكنيست هي إحدى هذه الآليات الى جانب العمل الشعبي والميداني.، ومن خلال الكنيست نجحنا في تمرير قوانين استفاد منها العرب، تحصيل ميزانيات عبر لجنة المالية التي أنا عضو فيها، ولجنة التحقيق البرلمانية التي ترأستها وعقدت40جلسة مع وزراء وكبار المسؤولين حول توظيف العرب في القطاع العام.
هذا جزء صغير جدًا من عملنا البرلماني، نحن هناك لخدمة شعبنا وتوجد قضايا لا تستطيع العمل عليها وتحريكها بدون ان تكون داخل الكنيست، ولكن أنا أجزم أن "عنتريات" عنتر أفضل بكثير من كذب مسيلمة لدى البعض من المفلسين والمحبطين.
فيديو قد يعجبك: