أبرز الدول التي أجرت انتخابات رئاسية مبكرة
كتبت – هبه محسن:
يعتقد البعض أن مطالب المعارضة بانتخابات رئاسية مبكرة ''بدعة'' مصرية، لكن في الحقيقة أن الانتخابات المبكرة تعتبر مطلب ديمقراطي وحل سلمي للعيديد من الأزمات السياسية التي تمر بها الكثير من بلدان العالم، وقد استجاب بالفعل عدد من الحكام لهذا المطلب بعد تراجع شعبيتهم وتعالي النبرات المطالبة برحيلهم.
ويرى محللون سياسيون أن الانتخابات الرئاسية المبكرة أمرا متعارف عليه في النظم الديمقراطية حول العالم، ولكنها أكثر شيوعاً في الدول البرلمانية، نظراً لأن هذه الدول تتشكل الحكومات فيها من قبل البرلمان ويكون من حق الشعب أن يسحب الثقة من الحكومة عن طريق البرلمان مما يجبر رئيس الوزراء –صاحب السلطة الفعلية في النظام البرلماني- على حل البرلمان.
وتجرى انتخابات مبكرة في هذه الدول لتشكيل البرلمان الذي يشكل الحكومة الجديدة، وكل هذا يتم بمعزل عن الرئيس الذي يحكم البلاد بشكل شرفي، ومن أبرز الدول البرلمانية التي تشهد انتخابات مبكرة بشكل مستمر إسرائيل وإيطاليا واليونان وإسبانيا وهولندا.
أما الدول التي تتشابه في نظام حكمها مع مصر –نظام الحكم فيها رئاسي أو شبه رئاسي-، فلم يكن بها إقبالاً على خطوة الانتخابات الرئاسية المبكرة ولكنها كانت في بعض هذه الدول مخرجاً أمناً للأزمات التي عاشتها شعوبها.
وفي الدول العربية لم يتم رصد أي حالة انتخابات رئاسية مبكرة، نظراً لطول فترات الحكم في الدول الجمهورية العربية، أما الدول الملكية فنظام الحكم فيها لا يسمح بإجراء انتخابات على الرئاسة.
''مصراوي'' قام بجولة تاريخية في عدد من دول العالم ليتعرف على أبرز الدول التي أجرت انتخابات رئاسية مبكرة أو اضطر رؤساءها لتقديم استقالاتهم تحت ضغوط شعبية وسياسية، والظروف التي جعلتها تقدم على تلك الخطوة، خلال القرن المنصرم.
فرنسا 1969
ينظر الفرنسيون إلى الرئيس شارل ديجول باعتباره مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة وصاحب الفضل في استقلال بلادهم بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1969 قرر الرئيس الفرنسي ديجول الدخول في معركة لتعديل تشكيل مجلس الشيوخ الفرنسي وتقليل صلاحياته، هذا القرار أثار جدلاً سياسياً وشعبياً كبيراً في فرنسا.
ولكن الرئيس الفرنسي لجأ إلى خيار ديمقراطي وهو استفتاء الشعب على القرار، وقال آنذاك إن ''رفض الشعب لهذا القرار سيعتبر بمثابة رفض لشخصه وسيتقدم باستقالته''.
ولم تمر أيام حتي أُجرى الاستفتاء الشعبي الذي جاءت نتيجته لصالح ''ديجول'' ولكن بنسبه قليلة 52 بالمئة وهي نسبة لم ترضيه، واعتبرها رفض له ولحكمه فتقدم باستقالته على الفور.
وخرج ''ديجول'' ببيان مقتضب إلى الشعب جاء فيه ''أُعلن توقُّفي عن ممارسة مهامي رئيساً للجمهورية، ويصبح هذا القرار نافذاً عند ظهر اليوم 29 إبريل 1969''، ثم أجريت انتخابات رئاسية مبكرة في فرنسا.
الولايات المتحدة 1974
وصل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى البيت الأبيض عام 1969 وظل في الحكم حتي عام 1974، ولكنه اضطر لتقديم استقالته على خلفية الفضيحة السياسية الأشهر ''قضية ووترجيت''.
شهدت فترة حكم ''نيكسون'' للولايات المتحدة تطوراً على مستوي العلاقات الخارجية الأمريكية بفضل وزير خارجيته هنري كسينجر، حيث استطاع تخفيف حدة التوتر بين بلاده وعدد من الدول، ووقع اتفاقاً لتسوية الحرب مع فيتنام.
ولكن ''فضيحة ووترجيت'' عام 1973 اطاحت به من منصبه بعد فوزه بفترة ولاية ثانية لبلاده، حيث قام الرئيس الأمريكي بزرع أجهزة تنصت على مكاتب الحزب الديمقراطي –الحزب المنافس- في مبني ووترجيت للتجسس على قيادات الحزب المنافس له، وبعدها تم اكتشاف الأمر ووجهت لـ''نيكسون'' استدعاءات للإدلاء بشهادته في الواقعة ولكنه لم يستجيب.
وفي عام 1974 وجه الكونجرس الأمريكي لنيكسون عدة اتهامات وهي إعاقة العدالة واساءة استخدام السلطة الرئاسية وعدم الامتثال للاستدعاءات القضائية، وضغط الكونجرس على ''نيكسون'' تقديم استقالته في ذلك الوقت.
وبالفعل تقدم ''نيكسون'' باستقالته في 5 أغسطس 1974، وعكف على كتابة مذكراته وكان له عدد من المؤلفات المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية.
الأرجنتين 1989
عاشت الأرجنتين فترة طويلة تحت الحكم العسكري إلى أن جاء الرئيس راؤول الفونسين إلى سدة الحكم من عام 1983 لينهي الحكم العسكري للبلاد ويرسخ لديمقراطية جديدة في الأرجنتين.
حاول الفونسين خلال فترة حكمه إرساء قواعد الديمقراطية المدنية في البلاد وتحقيق العدالة الاجتماعية، بل وقام بمحاكمة كل من تسبب في تدهور أوضاع البلاد في فترة الحكم السابقة، ولكنه تراجع عن هذه الخطوة بعد ضغط عسكري عليه ليصدر بعدها قانون بالعفو عن العسكريين الذين حكموا البلاد في فترات سابقة.
كان الرئيس الأرجنتيني يتمتع بشعبية هائلة في بلاده لكونه أول رئيس مدني منتخب للأرجنتين، ولكن قانون العفو عن العسكريين كان بمثابة الضربة القاضية لحكمه، حيث تراجعت شعبيته وشعبية حكومته في الشارع الأرجنتيني.
لتغرق بعدها البلاد في أزمة اقتصادية طاحنة، حيث ارتفعت معدلات التضخم التي بلغت 1470 في المئة أثناء 12 شهر، كما تراكمت الديون الأجنبية حتى وصلت إلى 60 بليون دولار وانخفضت الأجور بنسبة 25 في المئة، وحاولت الحكومة آنذاك السيطرة على هذا التدهور الاقتصادي الحاد الذي شهدته الأرجنتين، ولكنها فشلت وشهدت البلاد آنذاك موجة شديدة من الاضطرابات.
واضطر ''الفونسين'' في ذلك الوقت إلى إعلان رحيله عن الحكم وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة عام 1989، ليسلم السلطة آنذاك إلى الرئيس الأرجنتيني المنتخب كارلوس مينيم والذي ظل في الحكم ما يقرب من 10 سنوات واستطاع أن يصلح الوضع الاقتصادي.
ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي قامت فيها الأرجنتين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة حيث قامت في الفترة ما بين عام 2001 إلى عام 2003 بإجراء عدة انتخابات رئاسية مبكرة اعتراضاً على أداء النظام الحاكم.
البرازيل 1992
تولي الرئيس البرازيلي فرناندو دي كولور ميلو رئاسة دولة البرازيل عام 1989 كأول رئيس مدني منتخب من قبل الشعب بعد انتهاء الحكم العسكري للبلاد.
وبعد توليه رئاسة البلاد قام فرنادو دي كولور بعمل خطة إصلاح اقتصادي بهدف تخفيض معدلات التضخم التي ارتفعت، وعرفت تلك الخطة باسم ''خطة كولور''.
واعتمدت الخطة الاقتصادية على تعويم سعر الصرف وزيادة الأسعار على السلع والخدمات، وتشجيع سياسة الخصخصة، وبعد 9 أشهر من ولايته اتهم ''كولور'' ووزيرة ماليته بالفساد واستغلال النفوذ.
وسرعان ما فقد أول رئيس مدني منتخب في البرازيل شعبيته أمام أداء حكومته الذي أدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، ولتحسين الأوضاع أقالت الحكومة وزيرة المالية صاحبة ''خطة كولور''، وجاء وزير المالية الجديد لإصلاح الوضع الاقتصادي فوضع ''خطة كولور الثانية''.
''خطة كولور الثانية'' عملت على رفع أسعار الفائدة ووضع سياسات محددة لتقييد الانفاق العام، وقامت بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 2 مليار دولار لسد العجز في احتياطي النقد الأجنبي.
وبعد فشل جميع خطط الاصلاح الاقتصادي تدهورت أوضاع البلاد الاقتصادية ووصلت معدل التضخم إلى 1000 بالمئة عام 1992، وفي نفس العام شهدت البلاد احتجاجات عارمة حيث خرج الشعب البرازيلي إلى الشارع يهتفون ضد الرئيس فرناندو دي كولور وحكومته.
الاحتجاجات ضد الرئيس البرازيلي المنتخب، جعلته يعلن استقالته رسمياً في ديسمبر 1992، ليتولى إدارة البلاد نائبه إيتامار فرانكو حتي أجريت انتخابات رئاسية عام 1994.
فنزويلا 2000
بعد انتخاب الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز عام 1998، سعى لوضع الدستور الجديد للبلاد، وقام المجلس التأسيسي للدستور بعمل تعديلات واسعة وتغيرات جذرية في الدستور الفنزويلي، ليتم إقرار الدستور الجديد عام 1999.
الدستور الجديد لفنزويلا أحدث نوعاً من التغيير في وضع رئيس الجمهورية، حيث قلص عدد مرات ترشح الرئيس للانتخابات الرئاسية لتصبح مرتين فقط، كل فترة تتكون من 6 سنوات رئاسية.
وبناءً على هذه التعديلات، تمت الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة عام 2000 خاضها شافيز وحصل فيها على نسبة أعلى من نسبته في الانتخابات الأولى.
ووفقاً للدستور الفنزويلي فإن من حق الشعب طرح الثقة في رئيس الجمهورية بشرط مرور نصف فترته الرئاسية أو تظلم 20 في المئة من شعبه من سياساته، وهو ما واجهه شافيز خلال فترة حكمه عام 2004، وقرر إجراء استفتاء شعبي على بقاءه في الحكم، وكانت النتيجة لصالح بقاءه رئيساً لفنزويلا.
يذكر أن مركز ''بصيرة'' لبحوث الرأي العام كان قد أجري استطلاعاتً للرأي بشان شعبية الرئيس محمد مرسي ورؤية المصريين للانتخابات الرئاسية المبكرة، وقد أظهر الاستطلاع تراجع شعبية الرئيس، وتأييد 45 في المئة ممن شملهم الاستطلاع لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بينما أكد 50 بالمئة منهم أنهم لن يعيدوا انتخاب الدكتور محمد مرسي مرة أخرى.
فيديو قد يعجبك: