لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الفتنة الطائفية تطل برأسها من جديد في العراق

12:34 م الإثنين 30 ديسمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لقاهرة - (أ ش أ):

في خطوة يمكن أن تطلق موجة جديدة من الفتن الطائفية بالعراق، أقدمت قوات الجيش العراقي مدعومة من قوات محلية فجر اليوم الاثنين، على اقتحام ساحات الاعتصام القائمة منذ ما يقرب من عام في كبرى المحافظات السنية "الأنبار"، الواقعة غربي البلاد، وذلك على الرغم من عدم انتهاء المهلة التي حددها شيوخ العشائر، والتي كانت تسير وفق محاولات لنزع فتيل الأزمة التي أثارها اعتقال النائب أحمد العلواني ومقتل شقيقه أول أمس السبت.

وكان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي رئيس ائتلاف "متحدون"، الذي يضم قوى سنية، قد هدد باتخاذ موقف حاسم من العملية السياسية على خلفية الأحداث التي أشعلها اعتقال النائب عن الائتلاف أحمد العلواني، في وقت توالت التهديدات من رئيس الوزراء نوري المالكي، باقتحام خيام ساحة الاعتصام من مكانها الحالي قرب الطريق الدولي على خلفية اتهامه لقادة الاعتصام، بإيواء العناصر المشبوهة، على حد قوله.

وتبدو محاولة من رئيس الوزراء العراقي نورى المالكي، الذي يقود أحد أكبر الأحزاب الشيعية "حزب الدعوة"، لقطع الطريق على المعتصمين "السنة"، الذين يطالبون بالعدالة ويعترضون على أسلوب الإقصاء والتهميش، الذي تمارسه الحكومة ضدهم في كافة المجالات، ربط المالكي بين المطالب المشروعة للعرب السنة وما يجري من أعمال عنف وسطو مسلح، تمارسه بعض المجموعات المتشددة المرتبطة بالقاعدة في بادية الأنبار.

واعتبر المالكي، الذي رفض كل محاولات تقريب وجهات النظر وإنهاء الأزمة، ساحات الاعتصام مقرات لتنظيم القاعدة وأن "المعتصمين" الذين لا يريدون أن يكونوا جزءا من تنظيم القاعدة لديهم مهلة قليلة بهدف الانسحاب من ساحات الاعتصام، وهو ما اعتبرته القيادات السنية ازدواجية في المعايير، ومحاولة من جانب المالكي للظهور بمظهر القائد البطل للشيعة، كورقة انتخابية تصب في خانة إزكاء الصراع الطائفي باتجاه الضغط لتعزيز توليه رئاسة الوزراء لفترة ثالثة، وهو ما ترفضه أطراف شيعية كثيرة.

ولم يلتفت المالكي إلى تصريحات قادة اللجان التنسيقية لتظاهرات الأنبار، التي اعتبرت تصريحاته "غير مقبولة"، وهو ما حدا ببعض القيادات أن تحذر من استخدام الحكومة حادثة مقتل العسكريين في الأنبار لاقتحام ساحات الاعتصام، خاصة بعد أن تأكد مع الوقت أن المتظاهرين سلميين، وأنهم لن يرفعوا خيامهم وينهوا اعتصامهم حتى تحقيق المطالب، وأن محاولات اقتحام ساحات الاعتصام بالقوة كما جرى في منطقة الحويجة جنوب كركوك قبل شهور لن يمر بسلام.

ويبدو أن رئيس الوزراء العراقي، الذي يقود إئتلاف دولة القانون المنافس بقوة في الانتخابات القادمة، يصر على معاداة أهالي الأنبار، بدلًا من الاستماع لمطالبهم، وذلك على الرغم من خطورة الموقف في تلك المناطق التي حاربت تنظيم القاعدة وكبدته خسائر فادحة، صبت في صالح كفة نوري المالكي الذي أطلق ما عرف بـ "خطة فرض القانون"، وتمكن خلالها من فرض أمن نسبي على مختلف مناطق العراق.

وتأتي دعوة رجل الدين السني البارز عبدالملك السعدي، أهالي الأنبار إلى الدفاع عن مدينتهم في حال تعرضوا لاعتداء، كمؤشر خطير على إمكانية انطلاق موجات جديدة من العنف بعد اقتحام ساحات الاعتصام بالرمادي "عاصمة محافظة الأنبار"، خاصة في ظل الاجتماعات المزمع إجراؤها بين قادة ائتلاف "متحدون"، و"المجمع الفقهي" وهو أعلى مرجعية سنية، وقادة الاعتصام في الأنبار لاتخاذ موقف نهائي وحاسم من العملية السياسية.

وكان السعدي، قد اعتبر أن "الحكومة لا تستسيغ المطالبة بالحقوق، لتبقى متمادية في إجراءاتها التعسفية والتهميشية مع هذا المكون من العراقيين" -ويقصد أهل السنة-، وإن "من يطالب بحقه أو حق المظلومين مصيره الموت على أيدي ميليشيات الحكومة التي تقوم بالإرهاب".

وتتهم القيادات السنية، الحكومة المركزية، بالتخطيط لإفساد الأوضاع، وجر البلاد إلى حرب طائفية جديدة، مدللين على ذلك بما جرى من توافد حشود عسكرية على محافظة الأنبار، على خلفية اتخاذ قرار مسبق بفض الاعتصامات بالقوة، خاصةً وأن اجتماعًا عقد بين محافظ الأنبار ورئيس مجلسها، مع وزير الدفاع سعدون الدليمي، تم الاتفاق خلاله على منح فرصة أخيرة للتوصل إلى حل سلمي لرفع الاعتصامات في الأنبار أو نقلها إلى مكان آخر لحفظ دماء الطرفين، إلا أن الاقتحام جرى دون سابق إنذار مما أدى إلى سقوط ضحايا.

ولعل ما يرج احتمالية تطور الصراع واشتداد دمويته، هو أن عشائر البوعلوان التي ينتمي إليها النائب العلواني قطعوا مسافة عشرة كيلو مترات، للوصول إلى ساحة اعتصام الفلوجة وهم في حالة غضب، في الوقت الذي حشد أبناء العشائر في المحافظة مئات المقاتلين رافعين السلاح، مطالبين بإطلاق سراح العلواني وإبعاد الجيش عن المدينة.

وتشير التقارير الواردة من محافظة الأنبار، إلى احتدام القتال بين قوات الجيش النظامي العراقى وأبناء العشائر والمسلحين، حيث تحول الإعتصام المطلبي إلى ساحة قتال تنذر بدخول أطراف متشددة على الخط، مستغلةً حالة الانفلات التي تشهدها المحافظة بعد اقتحام ساحات الاعتصام، وهو ما يعتبره أهل العشائر تجاوزا لا يمكن قبوله، خاصة بعد إعلان مجلس محافظة الأنبار الحصول على ضمانات من الحكومة بعدم اقتحام ساحة الاعتصام، وإفساح المجال للحوارات السلمية وهو ما لم تلتزم به الحكومة.

ومن خلال قراءة موثقة لتطورات الأوضاع بالمنطقة الغربية بالعراق وهي منطقة يقطنها السنة وتضم "الأنبار ونينوى"، يمكن الربط بين ما يجري في سوريا من أحداث واشتعال الموقف في غرب العراق، حيث ترتبط العشائر المحاذية لحدود الدولتين وهى عشائر سنية بروابط القرابة والنسب.

ويرى قادة العراق الذين ينتمون للمذهب الشيعي، ضرورة تحالفهم مع القيادة السورية التي تقترب مذهبيًا منهم، ضد المقاومة التي ينتمي غالبها للمذهب السني، إلا أن دخول التيارات المتشددة مثل الدولة الإسلامية للعراق والشام "داعش" وجبهة النصرة وغيرها، أدى إلى تحول دفة الصراع ضد المقاومة السنية بعد تلوث سمعة مقاتليها وشيوع الاتهام بانتمائهم للقاعدة.

وكان مقتل قائد الفرقة السابعة للجيش العراقى العميد محمد الكروي في كمين لتنظيم القاعدة مع عدد من الضباط غرب محافظة الأنبار أثناء مداهمتهم وكرًا تابعًا لتنظيم القاعدة في منطقة الحسينيات في وادي حوران، نقطة تحول مناسبة أطلقت ما عرف بعملية "ثأر القائد محمد" بهدف ضرب ملاذات القاعدة بالمحافظة، حيث اقتحمت قوات الجيش العراقي مناطق صحراوية توصف بالخطرة غرب الأنبار تحديدا واديي "حوران" و "الأبيض"، وهى مناطق معروفة بسطوة تنظيم القاعدة فيها، وكان الجيش يخشى دخولها في السابق.

ويقع وادي حوران في الجزء الشمالي من صحراء الأنبارـ ويمتد نحو 120 كيلومترا من مدينة هيت باتجاه الحدود السورية، فيما يقع وادي الأبيض وسط صحراء الأنبار ويمتد بين القائم ومدينة الرطبة حتى الحدود الأردنية. وبسبب وعورة المنطقتين ووجود تجويفات صخرية مختلفة، شكلتا ملاذًا مناسبًا للجماعات المسلحة على مدى السنوات الماضية.

إلا أن دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي، المتظاهرين في الأنبار إلى إنهاء اعتصامهم، على اعتبار أن خيم المعتصمين "أصبحت مقرات لتنظيم القاعدة"، أطلق مخاوف شيوخ العشائر السنية من خلط الأمور وضرب اعتصاماتهم المطلبية المشروعة ضمن ما يعتبره المالكي حربًا على الإرهاب، وهو ما ينافي الحقيقة، ويصب في خانة الصراع السياسي مع اقتراب الانتخابات.

ويدلل قادة العشائر السنية على حسن نواياهم ومشاركتهم الحكومة في قتالها ضد الإرهاب، على أن مطالبهم للحكومة الاتحادية باتخاذ إجراءات حازمة واتباع خطط لمواجهة تنامي القاعدة في الأنبار لم تتوقف، كما أن تحذيراتهم من إمكانية انهيار الوضع الأمني، بلغت إلى حد المطالبة بفتح باب التطوع لأهالي الأنبار في صفوف الجيش والشرطة لمقاتلة القاعدة.

ووفقًا لما تؤشر إليه تطورات الأوضاع بالمنطقة العربية من العراق، فإن السيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات السيئة وليس أقلها تحول دفة الصراع في تلك المنطقة إلى باقي مناطق العراق، نظرًا للملامسات الطائفية التي تضرب حلقات الصراع، وهو ما يملي ضرورة إعمال المنطق وتغليب لغة العقل لإنقاذ البلاد من موجة جديدة للعنف تنثر المزيد من الدماء في بلاد الرافدين التي اكتوت بنيران الطائفية المقيت، وقاتل سنتها وشيعتها للخروج من نفقها المظلم الذي تنذر الأحداث الأخيرة بالعودة إليه.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج