من الوداع إلى شعراوي.. مساجد المنيا الأثرية كنوز تاريخية في قلب الصعيد -صور

المنيا- جمال محمد:

مرت قرون كثيرة، وتبدلت معها أحوال الزمان من وقت لآخر، ولازالت مساجد المنيا التاريخية شامخة وعلى عاتقها مآذن عريقة تروي حكايات الصمود، لتشهد على أحداث دينية وسياسية مختلفة، دون أن تتأثر أو تغلق أبوابها للعبادة طوال العام، وخاصة في شهر رمضان المبارك.

وتجمع مدينة المنيا بين التراث الإسلامي والوطني، فتجد مسجد الوداع الذي شهد قرونًا من التاريخ وتعاقب عليه نحو 600 شهر رمضان، لتصل إلى مسجد اللمطي الذي يعود إلى العصر الفاطمي، وأخيرًا مسجد علي باشا شعراوي الذي يجسد نضالًا وطنيًا، وتُظهر هذه المساجد كيف كانت المنيا مركزًا للعلم والسياسة والثقافة عبر العصور، وتُعد شواهد حية على تاريخ غني بالثقافة والسياسة والدين، فهي ليست مجرد مبانٍ تاريخية، ولكنها جزء لا يتجزأ من هوية المدينة وذاكرتها، تستحق الحفاظ عليها للأجيال القادمة.

مسجد الوداع

على مدى ما يقرب من 6 قرون، ظل مسجد الوداع، أو "العمراوي" كما يُطلق عليه أثريًا، شاهدًا على تاريخ مدينة المنيا الإسلامي، إذ بُني المسجد عام 843 هجريًا في العصر المملوكي الجركسي، ويُعد أقدم مسجد مسجل أثريًا في المحافظة، واشتهر المسجد بتشييع الجنازات، وكان الموتى يُصلَّى عليهم فيه قبل نقلهم إلى مدافن زاوية سلطان شرق النيل.

تصميم فريد ومئذنة تاريخية

ينقسم المسجد إلى قسمين: ساحة مكشوفة كبيرة في الوسط، وجزء مغلق، يتميز بعمدانه التي تشبه أعمدة الكنائس القديمة، ومئذنته الفريدة المكونة من 3 طوابق، الأول مربع الشكل، والثاني والثالث مثمنين.

المزولة: أداة قديمة لتحديد مواقيت الصلاة

يضم المسجد واحدة من أقدم أدوات تحديد مواقيت الصلاة، وهي "المزولة"، المصنوعة من الرخام ومرسوم عليها خطوط ونقاط لتحديد أوقات الصلاة بناءً على ظل الشمس.

مسجد اللمطي

من جانب آخر يُعد مسجد اللمطي ثاني أقدم مسجد أثري في المنيا بعد الوداع، ويعود تاريخ بنائه إلى أواخر العصر الفاطمي عام 549 هجريًا، وتم تجديده عام 578 هجريًا على يد الأمير نجم الدين أبو اللمطي، من أمراء العصر الأيوبي، ويقع على ضفاف نهر النيل.

تشابه تخطيط المسجد مع مسجد الرسول

جاء تخطيط المسجد متأثرًا بتخطيط مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث يتكون من صحن مكشوف وأربع مظلات. أضيفت إليه لاحقًا مئذنة ومقصورة أثناء التجديدات العثمانية.

ضريح الشيخ سعد دياب

يُعرف المسجد أيضًا بمسجد الشيخ سعد، نسبة إلى ضريح الشيخ سعد دياب، أحد رموز الصوفية بالمنيا، ونُقل الضريح إلى المسجد بعد أن تعرض للفيضان في عهد الخديوي إسماعيل.

مسجد علي باشا شعراوي

وبعد إغلاق دام 5 سنوات لأعمال الترميم، أعيد افتتاح مسجد علي باشا شعراوي، أحد أبرز المساجد الأثرية في مدينة المنيا وذلك قبل شهر رمضان الحالي بيوم واحد.

بُني المسجد في الربع الأول من القرن العشرين بنمط العمارة العثمانية، ويضم ضريح علي باشا شعراوي، أحد أبرز السياسيين الوطنيين في مصر.

كان علي باشا شعراوي من أبرز المناضلين ضد الاحتلال البريطاني، وشارك في ثورة 1919، كما لعب دورًا كبيرًا في جمع التوكيلات لدعم استقلال مصر، مما أكسبه وزوجته هدى شعراوي مكانة وطنية كبيرة.

اقرأ أيضًا:

أرض البهنسا بالمنيا.. قرية الـ 500 ألف بردية و"البقيع الثاني" تبوح بأسرارها -صور