لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف أصبح شاب مصري ملاذًا للعرب في أوكرانيا؟

04:59 م الثلاثاء 26 أبريل 2022

إسلام العشيري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- سلمى سمير:

في خضم الحرب الأوكرانية التي أتت عكس توقعات روسيا باجتياح البلاد خلال ساعات معدودة، انتشرت قصص عدة عن لاجئين لبلاد أجنبية ونازحين بعيدا عن الصراع وعالقين يريدون الخروج من بؤر النزاع، لكن قليلاً ما نسمع أن شخص قرر البقاء لمساعدة الناس وهو الشاب المصري إسلام العشيري، الذي لم يغادر إلى أوروبا رغم توافر الفرصة أمامه.

شهد إسلام اللحظات الأولى للحرب مع عمله كمرشد سياحي يستقبل السائحين في المطار ويأخذهم لعدة وجهات سياحية، فأثناء انتظاره لإحدى الوافدين ضرب الصاروخ المطار مباشرة أمام عينيه "كنت عند مطار بوريسيبل الشرقي ورأيت الطائرة على وشك الهبوط لكن مع ضرب المطار غيرت وجهتها وحلقت مرة أخرى".

حاول أصدقاء إسلام إقناعه بضرورة المغادرة خاصة مع وجود عمه في النمسا والذي قرر الذهاب إليه، وبينما كان على الحدود البولندية رأى فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لاستغاثة عائلة عراقية في مدينة "بيلاتشيركس"، ووجد صديق له يخبره بأن الأم وأطفالها، ليس معهم مال فتحدث مع الأم وأخبرته بمكانها على بعد 600 كيلومتر، وهنا غير إسلام خطته " أخبرت أصدقائي أني ذاهب لمكان ما لكن لم أخبرهم خطتي الحقيقية" يحكي العشيري لمصراوي، والذي استغرقت رحلته يومين إلى بيلاتشيركس، بعد التوقف مرات عدة عند اللجان الشعبية الأوكرانية المتواجدة في عدة نقاط لتفتيش المارة، تمكن بعدها من الوصول إليهم بسلام دون أي أذى.

ربما لم يدري إسلام ٢٧ عاما أن تلك الخطوة كانت حلقة من سلسلة بطولات بطولية خاطر فيها بحياته، وتيار سحب إليه تلقائيا "لم استطع الذهاب بينما هناك أشخاص آخرين يحتاجون للمساعدة"، فبينما يوصل العشيري العائلة العراقية إلى الحدود وجد فيديو آخر لعائلة يمنية تستغيث في مدينة "كاماروفكا"، لمس نداء الأب الذي سافر لليمن قبل الحرب وترك أسرته قلب الشاب الذي لم يستطع تجاهل إحساسه بالمسئولية تجاههم، بعد أن فشلت عدة جهات في إخراج العائلة المحاصرة وطالب حقوقيون بضرورة التحرك لإخراجهم.

توجه إسلام 27 عاما من لفيف غربا إلى قرية " كاماروفكا" شرقاً، وسط طريق خطر ووعر، في انتشار للقوات الروسية وحظر تجوال يجوب فيه بسيارته واجه فيه القوات الأوكرانية، فبينما يقود إسلام أوقفه الجنود وأخرجوه من سيارته بطريقة غير لائقة لأنهم اشتبهوا فيه وقاموا بلوي ذراعه وإشهار السلاح في وجهه، "الأماكن كانت متشابهة وأنا تائه بسيارتي لا أعرف العنوان لتشويش الروس على شبكة الانترنت فمررت على كمين الجيش عدة مرات ذهابا إيابا لذلك أوقفوني".

لم يتراجع إسلام بسبب هذا الموقف بل أصر على إكمال رحلته، وبعد أن قارب على الوصول للقرية أطلقت القوات الروسية النار على سيارته فهرب منها إلى الغابة "رأيت السيارة تنفجر أمامي وهربت لكن الجنود الروس ظلوا يلاحقوني قرابة ٥ساعات حتى اختفيت من أمام ناظريهم" خلال تلك الرحلة فقط أُطلقت القوات الروسية الرصاص ٣ مرات على إسلام خلال محاولته دخول القرية.

بعد أن وصل عشري لمكان آمن، أخبر صديقه بما حدث، والذي لم يتردد في إرسال سيارة أخرى له، قام بعدها بالاستمرار في مهمته التي استمرت 7 أيام، بقي فيهم داخل سيارته وسط جو بارد وبلا منزل "ظللت 3 أيام محاصر من قبل الروس لا أستطيع دخول القرية كنت أبات أحيانا عند أناس أوكران لا أعرفهم فقط أخبرهم أني جئت لأساعد البعض وبعيدا عن المنزل وكانوا يسمحوا لي بالبقاء".

تخللت محاولات إسلام لإنقاذ الاطفال مشاهد قاسية غير معتادة، حيث نفد وقود السيارة فاضطر للبحث عنه في أي سيارة مجاورة في ظل نفاد البنزين، وصدور قرارات حينها بمنع بيعه في المحطات لتجنب حدوث كارثة، "وجدت سيارة بها أناس مقتولين وسط الطريق كان من أصعب المشاهد التي لا تُنسى لكن لم يكن أمامي خيار آخر" يحكي عشري.

دب اليأس في نفس والد الأطفال ليخبره بالعودة وأن لا فائدة من ذهابه في ظل سيطرة القوات الروسية على المدينة تقريبا، لكنه أخبره أنه سيستمر في طريقه، وفي آخر يوم يقول إسلام "قررت الدخول للقرية مهما كلفني الأمر حتى إذا كنت سأموت لكني فوجئت بعدم وجود القوات الروسية لسبب لم أعرفه لذا تمكنت من إنقاذهم".

بمجرد دخول القرية وجد العشيري القرية خاوية تماما وسط قتلى على الطريق، ودخل للمنزل وأخذ الأم وأطفالها في سيارته، " لم تصدق أنني حي أخبرتني أنها كانت متأكدة من موتي" يحكي إسلام عن رد فعل الأم حين رؤيتها له.

لكن حتى طريق عودتهم لم يكن آمن فأطلق الروس الرصاص على السيارة مما أدى لتدمر سيارتين في تلك الرحلة.

انتشرت قصة العائلة اليمنية بشكل واسع واتصل عدة مسئولين ليشكروا إسلام أولهم رئيس الحكومة اليمني معين عبدالملك، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وأيضا وزيرة الهجرة المصرية الدكتورة نبيلة مكرم والتي اتصلت به في أوكرانيا لتشكره على مجهوداته، وتابعت معه رحلته في إنقاذ الآخرين، "تابعت معي الوزيرة كافة التفاصيل وعندما علمت بعودتي لمصر حجزت لي السفارة الطيران، واستقبلوني في المطار عند عودتي".

في اليوم التالي لوصول إسلام العشيري، استقبلته الوزيرة نبيلة مكرم في مقر وزارة الهجرة في القاهرة، مثمنة جهوده في إنقاذ العشرات من مختلف البلدان العربية، ومحنته درع شركاء النجاح الذي يندرج تحت مبادرة بنفس الاسم الهادفة لمساعدة العرب لبعضهم البعض بغض النظر عن الجنسية والدين.

pic 1

لم يردع الخطر الذي شهده إسلام في إنقاذ العائلة اليمنية عن إكمال مسيرته، فأنقذ أيضاً الشاب المصري بسام والذي انتشر خبر اختفائه وسط الحرب، " أخبرني شباب أنشأوا مجموعة من مصر لمساعدة الناس في أوكرانيا عن اختفائه كما تواصل معي أهله أيضاً لإنقاذه فذهبت للبحث عنه قرب المنطقة التي وُجدت سيارته بها قرب منطقة بوتشا".

ذهب العشيري قرب المنطقة التي فيها سيارة بسام وتواصل مع عائلة زوجته في أوكرانيا، " في تلك الأحيان كان الشاب فقد هاتفه وكل شيء واستعار هاتف من شخص آخر وأخبرني عن مكانه والتي كانت نقطة صعبة مع انتشار القناصة الروس لكني تمكنت من الالتقاء به قرب بوتشا"، جدير بالذكر أن بوتشا هي منطقة نددت أوكرانيا والدول الغربية بارتكاب جرائم حرب فيها مع نشر فيديوهات لمدنيين مقتولين بطرق غير إنسانية.

pic 2

غير هؤلاء ساعد إسلام الكثيرين يقدروا بالعشرات من عدة بلدان عربية في الخروج من المناطق المحاصرة منهم أناس من الإمارات ولبنان والسعودية والعراق والأردن، وآخرين لم يستطع مساعدتهم كالشيخ المصري الذي انتشر خبر اختفائه في إربين وهو إمام مسجد من بني سويف يدعى إسلام، " وصلت إربين وحاولت الدخول له أكثر من مرة لكن المدينة كانت محاصرة بشدة من قبل القوات الروسية ولم استطع".

هذه هي حياة إسلام طوال الحرب لكن ما قبل ذلك أحلام أخرى نسجها، فهو كان يستعد لدراسة طب الأسنان في إحدى الجامعات الأوكرانية، لكنه قرر العمل كمرشد سياحي أولا لتحصيل مصاريف الدراسة بعمله على سيارته واستقباله للسائحين وتعريفهم على الوجهات السياحية المميزة في البلاد، كما أراد عشري وصديقه توسيع عملهم مع دفع صديقه قبل ٣ أشهر كل أمواله لشراء مجموعة سيارات استعداداً لموسم السياحة لكن كل ذلك تغير" تدمرت في الحرب خلال إنقاذ الناس ٣ سيارات منهم سيارة لي واثنين لصديقي الذي تبرع بهم لمساعدة الآخرين".

فيديو قد يعجبك: