لغز اختفاء رفات صدام حسين
كتبت- رنا أسامة:
بين أكوام الحجارة والركام التي تجعل مهمة الوصول إلى قبر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أمرًا شاقًا، خاصة بعد 12 عامًا من إعدامه، يتصاعد الجدل حول مصير رفاته مع تضارب الروايات بشأن ما ألمّ بقبره في قرية العوجة، شمال بغداد.
وأُعدِم الرئيس العراقي الذي حكم بلاده بقبضة من حديد، شنقًا، في 30 ديسمبر 2006. وفي الليلة ذاتها أجبرت الحكومة عائلته التي تسلّمت الجُثّة على دفنها سريعًا في قريته "دون تأخير لأي سبب كان"، ليُدفن بالفعل داخل قاعة استقبال بناها بنفسه في العوجة، وفق وثيقة رسمية نقلتها وكالة فرانس برس.
ويقول القاضي منير حداد، نائب رئيس المحكمة الجنائية العليا في العراق، في حديث مع صحيفة الشرق الأوسط، الثلاثاء: "بعد تنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين، طلبت عائلته تسليم جثمانه لدفنه في مسقط رأسه بقرية العوجة في محافظة صلاح الدين، حسب التقاليد الإسلامية. وبعدها حضر اثنان من عشيرته لتسلم الجثة التي تم نقلها إلى العوجة على متن مروحية أمريكية".
منذ ذلك الحين، بدأ اللغط يُحيط برفات صدّام؛ بين روايات تقول إن الجثمان اختفى من القبر الذي أمسى لاحقًا مزارًا لأهل قريته وأقربائه، وأخرى تزعُم أن القبر دمّرته طائرات الجيش العراقي عقب دخول تنظيم (داعش) إلى العوجة في 2014.
الحشد الشعبي: (داعش) فخّخ قبر صدام
لكن قوات الحشد الشعبي، وهي فصائل شيعية تابعة لأحزاب برزت بعد سقوط نظام صدام حسين، أعلنت في وقت سابق أن (داعش) هو من فخّخ القبر وفجّره، وفق فرانس برس.
وفي هذا الشأن، يُعلّق حداد: "لا علم لي على وجه التحديد بتفاصيل ما يُشار عن اختفاء جثمانه أو تفخيخ قبره، أو نقله من قبل ابنته، حيث إن دورنا انتهى عند تنفيذ الحكم وتسليم الجثة إلى عائلته، بُناءً على طلبهم"، مُستدركًا بالقول: "لقد كنا أكثر تسامحًا منه حيث سلّمناه بعدما أعدمناه، بينما هو حين أعدم أقربائنا كان يدفنهم في مقابر جماعية".
شيخ بعشائر صلاح الدين: عائلة صدام نقلت رفاته لمكان سري
ومع توارد تقارير تُفيد بنقل الجثمان إلى مكان سري، تنقل الصحيفة عن الشيخ أحمد العنزي، من مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين قوله إن "المعلومات التي لدينا أن عائلة صدام نقلت جثمانه إلى مكان سري قبيل دخول (داعش) واحتلاله محافظة صلاح الدين".
وحول ما إذا كان السبب هو الخوف عليه من (داعش) أو لأسباب أخرى، يقول العنزي: "لم يكن ذلك واضحا؛ لكن هناك مجموعة عوامل أدت إلى اتخاذهم هذا القرار الذي يبدو لم يعرفه إلا عدد قليل جدا من عشيرته". وأشار إلى أن "المكان الذي تواجد فيه قبر صدام كان للمناسبات وتحول إلى مزار، لكن القبر فخخه (داعش) بالفعل فيما بعد؛ لكن لم يكن فيه رفات صدام".
زعيم عشيرة صدام حسين: القبر نبش وتم تفجيره
ويؤكّد رواية التفجير، الشيخ مناف علي الندى، زعيم عشيرة البوناصر التي ينحدر منها صدام، والمقيم حاليا في أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان العراق، فيقول إن "القبر نبش، ثم تم تفجيره"، من دون أن يوضح المسؤولين عن عملية التفجير "لأننا لا نعرف شيئا عن العوجة مذ غادرناها".
ويذكر الندى أن العوجة، قرية صدام حسين، فارغة تماما من سكانها اليوم، يحرسها مقاتلون من "الحشد"، ويُمنع الدخول إليها إلا بإذن خاص. ويوضح أن عشيرة وأقرباء صدام بالقرية غادروها "قسرا". ويضيف: "كنا نُظلم وما زلنا نُظلم؛ لأننا أقارب صدام، هل يجوز أن ندفع الثمن جيلا خلف جيل لأننا أقارب صدام؟".
مسؤول أمن الحشد: أحد أقاربه نبش قبره ثأرا لعمه
من جهته، يقول مسؤول أمن "الحشد" في تكريت، جعفر الغراوي: "سمعنا روايات أن أحد أقربائه جاء بسيارات رباعية الدفع ونبش القبر، للثأر لعمه وأبيه اللذين قتلهما صدام. أحرق الجثة وسحلها، ولا نعرف إذا أعادها أم لا". ثم لا يلبث أن يتدارك: "نعم، نعتقد أن الجثة لا تزال هنا".
في الباحة خارج الضريح، كان يفترض أن توجد قبور نجلي صدام، عُدي وقصي، وأحد أحفاده، إضافة إلى ابن عمه علي حسن المجيد، الذي كان مستشارا رئاسيا ومسؤولا في حزب البعث؛ لكن لا أثر لذلك.
مقاتل حشدي: رواية تقول "حلا ابنة صدام نقلت رفاته إلى الأردن"
هذا الغموض يولد شائعات كثيرة. فخارج الضريح، يهمس أحد مقاتلي "الحشد" قائلا: إن "هناك رواية تقول بأن ابنة صدام، حلا، جاءت على متن طائرة خاصة إلى القرية وسحبت جثة والدها، ونقلتها إلى الأردن" حيث تعيش حاليا. لكن أحد العارفين للقضية في المنطقة يقول، طالبا عدم كشف هويته، إن "هذه الرواية عارية من الصحة ولا أساس لها. أصلا حلا لم تأت إلى العراق".
ورغم ذلك، يؤكد المقرب من العشيرة التي كانت يوما حاكمة بأمرها، أن "جثمان صدّام نقل إلى مكان سري، ولا يمكن معرفة المكان أو الأشخاص الذين نقلوه". ويلمح إلى أن القبر لم يقصف بل تم تفجيره، لافتا إلى أن "قبر والده، في مدخل تكريت، تم تفجيره أيضا".
فيديو قد يعجبك: