الأرجنتين تضع نصب عينيها السيادة على فوكلاند بعد البريكسيت
بوينس آيرس (د ب ا)
يبدو أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بصدد إطلاق العنان لسيناريو جديد بشأن جزر فوكلاند، الأرخبيل النائي جنوبي المحيط الأطلسي، الذي تحتله بريطانيا حاليا، وتطالب الأرجنتين بملكيته تحت اسم "مالفيناس".
ولم يؤيد أهالي جزر فوكلاند خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء جرى في يونيو الماضي، ولكن يتعين عليهم أن يواجهوا النتائج المترتبة على هذا الخروج.
وقال سفير الارجنتين السابق لدى بريطانيا فيسنتي بيراساتيجوي، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، إن "سكان الجزيرة سوف يفقدون حرية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي بدون أي رسوم جمركية أو حصص".
وحذر بيراساتيجوي قائلاً "إن التأثير على التجارة يمكن أن يكون مهما"، مشيراً إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤثر أيضا على برامج الاتحاد الأوروبي الخاصة بالمساعدات الرامية إلى تطوير الإقليم البريطاني فيما وراء البحار.
وتسيطر بريطانيا على جزر فوكلاند منذ عام 1833 عندما طردت المسؤولين الأرجنتينيين منها. وفى عام 1982، تصدت بريطانيا لمحاولة من جانب الأرجنتين لإعادة فرض السيادة على الأرخبيل الذى يقع على بعد حوإلي 400 كيلومتر شرق البر الرئيسي الأرجنتيني.
وأودت حرب فوكلاند التى استمرت 74 يوماً بحياة 649 جندياً ارجنتينياً و 255 جندياً بريطانياً، بالإضافة إلى ثلاثة مدنيين من سكان جزر فوكلاند.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي هو الوجهة الرئيسية لصادرات الأرخبيل، التي تمثل الأسماك معظمها ، وتبلغ قيمتها حوالي 222 مليون دولار سنوياً. ويُعتقد أن ما يقدر بنحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لجزر فوكلاند يعتمد على الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي.
وتقول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي،التي قدمت حكومتها مؤخرا خطابا رسميا للاتحاد الأوروبي بشان الخروج من التكتل، إنها سوف تسعى للحصول على أفضل شروط ممكنة للوصول إلى اسواق الاتحاد الأوروبي ،بالرغم من أنه من غير المحتمل أن تتفاوض لندن من مركز قوة.
وتأمل حكومة جزر فوكلاند في أن تظل تتمتع بالعديد من هذه الامتيازات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويقول مايكل بول ،نائب برلماني في فوكلاند، إنها تعمل مع لندن من أجل "ضمان أن تحمي النتائج، التي تتمخض عنها عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مصالحنا".
وقال بول ، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) "إن هدفنا الرئيسي هو رؤية استمرار التجارة المعفاة من الحصص و الرسوم الجمركية مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الـ 27"، مشيراً إلى الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي ستبقى بعد خروج بريطانيا.
وأضاف بول "نحن نرى فرصا محتملة للجزر فيما يتعلق بأجندة التجارة الدولية، التي سوف تتطلع إليها حكومة لندنٍ في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وتابع "من الواضح، أن هناك أسواقا كبيرة على مقربة منا في أمريكا الجنوبية، نود الدخول في تعاملات تجارية معها".
واستطرد " تركيزنا سوف ينصب على البرازيل لأن لديها ثغرات في انتاجها، نعتقد اننا نستطيع ان نلعب دورا صغيرا في المساعدة على سد هذه الثغرات ، وخاصة فيما يتعلق بصادرات اللحوم".
وأشار بول إلى أن حكومة جزر فوكلاند تهدف إلى تعزيز "علاقات حسن الجوار مع جميع دول المنطقة" وتوسيع رقعة العلاقات الاقتصادية أينما يكون ذلك ممكنا.
ولكن مسألة السيادة يمكن أن تثبت أنها صعبة بشكل خاص في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الحفاظ على وصول الجزر إلى الأسواق الأوروبية.
وقال السفير الأرجينتيني السابق بيراساتيجوي "الدول الأوروبية تؤيد حتى الآن موقف بريطانيا كسلطة سيادية عليا فى جزر فوكلاند] لأن الجزر معترف بها باعتبارها إقليماً بريطانياً فيما وراء البحار في معاهدات الاتحاد الأوروبي، ولكن، من ناحية أخرى، لاتريد هذه الدول أيضا خلق مشاكل في العلاقات مع الأرجنتين ".
ودفع الخبير الأرجنتيني بقوله إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يضعف الدعم الأوروبي لموقف لندن بشأن جزر مالفيناس.
وذكر بيراساتيجوى "إنهم (دول الاتحاد الأوروبي) سيرون أنهم لم يعودوا بحاجة إلى إظهار ذلك المستوى من الالتزام، وأن هذا الأمر سوف يتمخض عن عواقب".
غير أنه اعترف بان بريطانيا دولة قوية سواء كانت تنتمي للاتحاد الأوروبى أم لا.
وفي أعقاب الاستفتاء، أكد الرئيس الأرجنتيني موريسيو ماكري أنه سواء خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو لم تخرج، فإن مطالب الأرجنتين المتعلقة بالجزر، التي تسميها جزر مالفيناس، "لن يطرأ عليها أي تغيير أبدا".
وقال ماكري "إنها باقية مع مرور الزمن ، ونأمل أن نتمكن فى يوم ما من الجلوس على طاولة محادثات حتى نستطيع مناقشة هذه المسألة بشكل متعمق".
وطرأ تحسن في العلاقات بين بوينس آيرس ولندن منذ تولي ماكري اليميني منصبه في ديسمبر 2015، خلفا للقومية المنتمية لتيار يسار الوسط كريستينا فرنانديز دي كيرشنر.
وفى ظل حكم ماكري، أبرمت الدولتان اتفاقا لتحديد هوية رفات الجنود الارجنتينيين الذين لقوا حتفهم فى الحرب التي اندلعت في عام 1982 وتم دفنهم فى مقبرة داروين فى الأرخبيل، و اجرتا محادثات لاستئناف الرحلات المباشرة بين جزر فوكلاند والبر الرئيسى الأرجنتيني.
وفي عام 2013، أجرت جزر فوكلاند استفتاء اختارت فيه الأغلبية الساحقة من ناخبي الأرخبيل البقاء إقليماً بريطانياً فيما وراء البحار.
فيديو قد يعجبك: