تركيا وإسرائيل: هل فعلا عادت المياه لمجاريها
كتب – سامي مجدي:
قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إنه لم يكن هناك دفء في إعلان تقارب بين إسرائيل وتركيا الأسبوع الماضي؛ فالحكومتان قضت السنوات الثلاث الماضي من ست سنوات من التوتر في التفاوض على اتفاق يحفظ العلاقلات الدبلوماسية.
ووقعت تركيا وإسرائيل الثلاثاء الماضي اتفاقا لإعادة العلاقات بينهما بعد قطيعة استمرت ست سنوات.
وقطعت العلاقات بين إسرائيل وتركيا بعد هجوم جنود من البحرية الإسرائيلية على سفينة تحمل نشطاء أتراك حاولت كسر الحصار المفروض على قطاع غزة في مايو 2010 مما أسفر عن مقتل عشرة منهم.
وبموجب الاتفاق يستمر فرض الحصار البحري على قطاع غزة على الرغم من مطالبة تركيا برفعه مع ضمان استمرار نقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر الموانئ الإسرائيلية.
وأضافت الإيكونوميست أن رئيسا وزراء البلدين، الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتركي بن علي يلدريم عقدا مؤتمرين صحفيين منفصلين. ولم تكن هناك قمة احتفالية، فقط إقرار من القوتين الإقليميتين بأنهما لا يمكنهما تحمل البقاء على خلاف خلال تلك الفترة المضطربة.
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في وقت متأخر الاثنين الماضي أن البلدين قد يتبادلان السفراء ''في غضون أسبوع أو أسبوعين''.
ووافقت إسرائيل على دفع 20 مليون دولار للجرحى وعائلات القتلى.
ويتطلب الاتفاق أيضا أن يقر البرلمان التركي تشريعا يعفي الجنود الإسرائيليين المشاركين في الهجوم من العقوبة.
وقع الاتفاق أمين عام وزارة الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو عن الجانب التركي في أنقرة، كما وقعه مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري جولد في القدس.
ووافقت إسرائيل منذ ثلاث سنوات على الاعتذار ودفع تعويضات عن حادثة أسطول الحرية.
وتقول المجلة العريقة إن المحادثات بين تل أبيب وأنقرة تعثرت بسبب المطالب الإضافية لكل طرف؛ حيث طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحرص على تقديم نفسه حامي الشعب الفلسطيني، بأن ترفع إسرائيل حصارها لقطاع غزة، فيما تصر إسرائيل على أن تغلق الحكومة التركية مقر حركة حماس في اسطنبول التي يزعم مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية أنه يستخدم في توجيه عمليات إرهابية داخل إسرائيل.
وقالت الإيكونوميست إن الطرفين أجبرا في نهاية المطاف على التخلي عن معظم مطالبهم.
الحصار كما هو
وأشارت إلى بقاء حصار غزة، رغم أن تركيا سوف يسمح لها بأن تنفذ العديد من برامج البناء في القطاع المحاصر. وسوف تبقى مكاتب حماس في اسطنبول مفتوحة وسوف مع تأكيدات وضمانات تركية لإسرائيل بأنها سوف يسمح لها بالانخرام في الانشطة ''السياسية'' فقط.
وأكد نتنياهو أن الحصار البحري على غزة سيظل قائما وأن المساعدات الإنسانية قد تستمر إلى غزة من خلال الموانئ الإسرائيلية.
وقال نتنياهو ''هذا من المصالح الأمنية العليا لبلدنا. لم أكن مستعدا لأي تنازل في هذا الشأن. هذه المصالح ضرورية لمنع حماس من حشد أي قوة بحيث تبقى كما كانت وكما هي''.
بيد أن رئيس وزراء تركيا قال إن الحصار ''في مجمله'' على غزة رفع بدرجة كبيرة بموجب الاتفاق لتمكين تركيا من تسليم مساعدات إنسانية وإرسال بضائع أخرى غير عسكرية.
وأضاف يلدريم أن شحنة أولى تزن عشرة آلاف طن سترسل يوم الجمعة المقبل وسيبدأ العمل على الفور في معالجة أزمتي المياه والكهرباء في غزة.
مع ذلك قالت المجلة إن الاتفاق لن يحدث إغاثة فورية للقطاع.
ولفتت إلى أن المواد لإغاثية ومواد البناء من تركيا سوف تمر عبر ميناء أشدود، وتتعرض لتفتيش إسرائيلي. ولدى تركيا خططا طموحة لإقامة محطة كهرباء جديدة ومحطة لتحلية المياه، الأمر الذين سينعكس إيجابيا على سكان غزة البالغ تعدادهم 1.8 مليون شخص والذين يعانون من انقطاع يومي للكهرباء في الوقت الراهن، كما أن تلك المساعدات سوف توفر فرص عامل هناك حاجة ماسة إليها في القطاع.
غير أن هذه الشركات تحتاج إلى صيانة وإمدادات ثابتة، وهو أمر صعب ضمانه في مكان يتعرض لغارات جوية إسرائيلية كل شهرين في المتوسط خلال العقد الماضي، بحسب الإيكونوميست.
وأوضحت المجلة أن هناك عائق اخر يتمثل في انقسام الفلسطينيين: السلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة فتح ترفض التعلاون مع منافستها حركة حماس التي تحكم غزة.
وقالت إنه على الرغم من أن الحكومتين سوف تعينان سفيرين فور التصديق على الاتفاقية إلا أنه من السابق لآوانه أن تأمل إسرائيل وتركيا في أن تعودا مرة أخرى كما كانتا حليفين وثيقين على مدى عقود.
شكوك
وأضافت أن هناك الكثير من الشكوك لاتزال بقاقية – فالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تزال قلقة من العلاقات التي تعززت في السنوات الأخيرة بين الموالين لأردوغان الذين وضعوا على رأس أجهزة الاستخبارات التركية، والمسؤولين الإيرانيين.
وقال مسؤول رفيع في إسرائيل مؤخرا ''من الصعب أن نرى كيف يمكننا استئناف مستوى العلاقة التي كنا عليها فيما لا يزال أردوغان على قمة الهرم''.
وقالت مجلة الإيكونوميست إن القوات المسلحة في البلدين في السابق نفذت تدريبات مشتركة، فيما استخدامت إسرائيل الأراضي التركية للمراقبة وللقيام بعمليات استخباراتية ضد سوريا وإيران. وهذا ليس واردا في أي وقت قريب.
كانت العلاقات بين إسرائيل وتركيا، التي كانت يوما ما حليفتها المسلمة الوحيدة، قد تداعت بعد أن هاجمت البحرية الإسرائيلية قافلة مساعدات في مايو 2010 كانت تسعى لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة الذي تحكمه حماس وقتلت عشرة أتراك ممن كانوا على متنها.
وطردت تركيا السفير الإسرائيلي وجمدت التعاون العسكري بعد أن خلص تقرير للأمم المتحدة في الحادث عام 2011 إلى تبرئة إسرائيل بدرجة كبيرة. وقلصت إسرائيل وتركيا تبادل المعلومات المخابراتية وألغيتا تدريبات عسكرية مشتركة.
فيديو قد يعجبك: