لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وجهة نظر: الدليل الشامل للحرب النووية القادمة وكيفية إيقافها

01:37 م الثلاثاء 15 نوفمبر 2016

0

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

ترجمة - محمد جمال:

يبدو أننا على أعتاب واحدة من تلك المراحل الغبية التي تفرضها الإنسانية على نفسها مرة كل حقبة، هذا المقال يستند على معلومات وحقائق، والفرضية التي يقدمها قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، الهدف من الأفكار الواردة هنا هي أن تتحدى أفكارك، وتدخل معك ومع المجتمع في حوار أعمق.

ولأن خلفيتي الأكاديمية في مجالات الأثار والتاريخ وعلوم الإنسان، فباستطاعتي اكتشاف أنماط تتكرر عند النظر بشكل عميق وواسع إلى التاريخ. وفرضيتي تعتمد على أن أغلب الناس أفقهم مقيد بشدة بما وصلهم فقط عن آبائهم وأجدادهم، نظرتهم للتاريخ محدودة ليما حدث فقط خلال الـ 50 سنة إلى الـ 100 سنة الماضية، ولكي يذهب أي شخص إلى أبعد من ذلك ليرى الصورة كاملة؛ فعليه أن يدرس بعمق ويقرأ باتساع ويتعلم كيف يواجه البروباجاندا التي تملي علينا طول الوقت نسخ معينة ومزيفة من التاريخ.

"الموت الأسود"
عند النظر للتاريخ من بعيد، نجد أننا كبشر لدينا عادة متكررة للدخول في مراحل للتدمير الشامل، نفرضها على أنفسنا غالبا بشكل أو بآخر. هنا ستجدون قائمة مفزعة للحروب الكبرى التي خضناها عبر التاريخ. الحرب هي شئ معتاد في عالم البشر، لكن يأتي معها شئ كبير مفزع من حين لآخر. يأتي على سبيل المثال "الموت الأسود"، وباء الطاعون الذي عصف بأوروبا في القرن الرابع عشر وحصد أرواح تقدر ما بين 75 مليون إلى 200 مليون شخص، هذا أمر لا يمكن تصور بشاعته على الإطلاق ولا تأثيره على التجربة الإنسانية وقتها، هذه كارثة أكبر بكثير في الحجم من الحرب العالمية الأولى، وقصف هوريشيما بالقنبلة الذرية، ومعسكرات التطهير العرقي النازية. تخيل شخص كان يعيش في زمن الوباء، بالتأكيد كان يعتقد أنها نهاية العالم.. لكن خمنوا؟ استكملت البشرية طريقها.

taon

واحدة من أعظم صفاتنا كبشر هي "المرونة"، عندما ننظر للوباء الآن نرى أنه من الواضح إن الإنسانية استطاعت النجاة منه، لكن بالنسبة للناس الذين عاشوا هذا الوقت بدا لهم الأمر مدهشا ومعجزا أن المجتمع استطاع استكمال الحياة والمضى قدما. الحقيقة أن الكثير من الباحثين يجدون في "الموت الأسود" تأثيرا إيجابيا على المجتمع على المدى الطويل. فلأن الطاعون كان يصيب الضعاف من جميع الأعمار، فقد استطاع عبر قتل ملايين منهم خلال فترة زمنية محددة أن يمثل قدرة الطبيعة على الانتخاب الطبيعي، وأن يزيل العناصر الأضعف على نطاق واسع في أوروبا، محتفظا بالعناصر القوية، كما أنه غير شكل البناء المجتمعي في بعض المناطق الأوربية أيضا، وللتوضيح فقد تسبب الوباء في نقص في الأيادي العاملة، هذا النقص أدى إلى تصاعد الأجور نتيجة الندرة، بينما هبط سعر المنتجات (لا يوجد مستهلكين، أغلبهم هلكوا)، وبالتالي تحسن مستوى معيشة أغلب من نجوا من تلك الحقبة. بدأ الناس يستهلكون طعام أكثر، متوفر بجودة أكبر (وللتقريب، تخيل أنك استيقظت صباحا لتجد عدد سكان مصر 1 مليون فقط بدلا من 90 مليون. وأن السكان الحاليين لديهم نفس الموارد التي كانت موجودة ويتشاركونها من 89 مليون شخص آخر! تخيل التحسن الذي سيطرأ على حياتهم).

لكن بالنسبة للبشر الذين عاشوا هذه المهالك لم يكن أحدهم ليصدق أن البشرية ستقوم مجددا. كان الجميع مقتنعنا أن تلك نهاية العالم. هل تشعر بذلك الآن بعد ترامب وداعش وبريكسيت وصعود اليمين؟ الآخرون شعروا بنفس ما تشعر به أثناء انهيار الإمبراطورية الرومانية، وأثناء وباء الموت الأسود، وخلال فترة محاكم التفتيش الأسبانية، وعبر حرب الثلاثين سنة في أوروبا في القرن السابع عشر، وحرب الوردتين في انجلترا في القرن الخامس عشر، وخلال الحرب الأهلية في إنجلترا أيضا.. أوه، إنها قائمة طويلة للغاية. نتعلم درسا، دائما ما نجد وسيلة لننجوا من فترات الدمار الشامل.. بل ودائما ما نخرج –بشكل جمعي- أفضل حالا.

في أوقات مبكرة من الأزمات الكبرى، يظن الناس أن الأمور تمضى على ما يرام، وأن خطرا كبيرا لن يهددهم. ثم تبدأ الأشياء في الانفلات بسرعة شديدة وتخرج تماما عن السيطرة ولا يتمكن أحد من إيقاف قطار الدمار. يصعب على الناس وقتها فهم تسلسل الأحداث التي أدت إلى نقطة الانفجار الحرجة، لكن علماء التاريخ والباحثين بعدها يستطيعون رؤية الأمور بوضوح أكبر، وكيف تحول كل حدث إلى سبب مباشر للحدث الذي يليه وهكذا. وعندما أنظر الآن إلى الحرب العالمية الأولى التي تعلمنا أنها اندلعت بسبب اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فريدناند في البوسنة، لا أصدق أن الناس وقتها كانوا يعتقدون أن اغتيال أحد أفراد العائلة الملكية سيؤدي إلى موت 17 مليون شخص آخر!

"الأمر يحدث مرة بعد أخرى"
فرضيتي تقوم على أن الأمر يحدث مرة بعد أخرى، لأن معظم الناس محدودين بنظرة تاريخية للوراء لا تتعدى الـ 50 إلى 100 سنة، فلا يمكنهم رؤية أن الأمر يحدث مجددا. قبيل قيام الحرب العالمية الأولى، لاحظ مجموعة من النابهين ذوي العقول النابغة أن شيئا كبيرا سيحدث في أوروبا، وبدأوا في التحذير من ذلك، وأشاروا بشكل واضح إن شبكة المعاهدات الأوروبية التي هي من الضعف وتضاد المصالح مما سيدفع إلى حرب كبرى قادمة. لكن أحدا لم يعرهم انتباها.. سخروا منهم واعتبروهم مجانين، كما يحدث دائما وكما يحدث الآن مع الأشخاص القلقين من سلوك بوتين وانتخاب ترامب وتوابع البريكسيت.

وبعد الحرب العالمية الأولى التي قيل أنها ستنهي جميع الحروب.. بعدها بعشرين سنة فقط، بدأنا حرب عالمية أخرى! ولمرة ثانية توقع المؤرخون أن البشر في سبيلهم لكارثة دمار شامل جديدة.
 
الأمر بسيط والسيناريو يتكرر بنفس الشكل: اجعل الناس يشعرون أنهم فقدوا التحكم في مصيرهم وبلادهم, سيبحث عن الناس عن كباش فداء يحملونها كل الأخطاء ومسئولية كل الكوارث، سيظهر زعيم ذو كاريزما يكون الأنسب على الإطلاق ليركب موجة توتر الناس وشعورهم بعدم الأمن، ويشير بأصابع لا ترتعش إلى كباش الفداء، يلقي على الناس خطب عامة مهيجة للمشاعر ليس فيها اي تفاصيل محددة، ويلعب طوال الوقت على مشاعر الغضب والكراهية. لا يمضي وقت طويل حتى تبدأ الحشود في التحرك كفرد واحد غائب عن الوعي, بلا أي منطق يبرر أفعالهم, وتصبح تلك الكتلة عصية على الإيقاف.

ذاك كان هتلر. لكنه أيضا موسوليني وستالين وبوتين وموجابي, وآخرين بلا عدد. الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي يشكل مثالا جيدا هنا لتوضيح مقصدي. جاء موجابي ليقاوم الرجل الأبيض في بلاده الذي يتحكم في المزارع (وفي نفس الوقت كان يديرها بشكل جيد)، لعب على مشاعر الغضب وشحنها في شعبه من أجل القضاء على الأقلية البيضاء. انتزع الأرض ووزعها على الشعب في حركة قومية مثيرة للمشاعر لم تؤدى إلا إلى انهيار الاقتصاد وتدمير صناعة المزارع.. الناس أصبحوا يمتلكون الآن الأرض لكنهم لم يعرفوا كيف يديرونها. كانوا يموتون جوعا. نفس الشيئ حدث أثناء المجاعات السوفيتيه في الثلاثينات (من 2 لـ 7 مليون ضحية) والمجاعة الكبرى في الصين الاشتراكية في نهاية الخمسينات (من 15 لـ 30 مليون ضحية). يبدو عصيا على التصديق كيف بإمكاننا خلق موقف يموت فيه حرفيا ملايين البشر دون أي مبرر! لكننا نفعلها مجددا مرة بعد مرة.

ثلاثة أسباب
لكن في هذه العصور لم يكن الناس يعرفون أنهم في سبيلهم لاتخاذ طريق سيؤدى إلى حقبة جديدة من الدمار الشامل. كانوا يعتقدون أنهم على حق. كانوا يبتهجون لقدرتهم على حشد الغوغاء.

وكانوا يسخرون من أي أراء تنتقدهم. هذه الدورة من الأحداث، التي شاهدناها على سبيل المثال في زمن معاهدة فرساي (معاهدة إنهاء الحرب العالمية الأولى) وعند صعود هتلر وفي زمن الحرب العالمية الثانية، يبدو أنها تعود مجددا، لكن –وكمثل العادة السابقة- يبدو أن كثير من الناس لا يراها قادمة، وهذا في رأيي يرجع لثلاثة أسباب:
1-  لأن الناس ينظرون فقط إلى الحاضر ويلا يلقون بالا للماضي.
2-  لأنهم ينظرون فقط لما حولهم، ولا يدركون كيف أن هناك اتصالا وتشابكا بين الأحداث حول العالم.
3-  لأن معظم الناس لا يقرأ ولا يفكر ولا يدخل في تحديات فكرية, ولا يريد أن يسمع الأراء المخالفة لرأيه.

هذا ما يفعله ترامب في أمريكا حاليا. من تعلم فينا شيئا من التاريخ سيدرك أن الدورة تحدث مجددا. يقول ترامب أنه سيجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، لكن في الحقيقة أمريكا حاليا عظيمة بالفعل؛ إنها أكبر قوة اقتصادية وعسكرية وثقافية في العالم! لكنه يستخدم خطابه الشعبوي ليثير الغضب والكراهية ونعرات القومية بنفس الشكل الذي استخدمه سابقوه. شخص لديه كاريزما، يشحن الجماهير من حوله ليتحولوا لكتلة واحدة غاضبة. يمكنك أن تلوم المجتمع الأمريكي والساسة الأمريكيين والإعلام الأمريكي عن الوصول لهذه النقطة الحرجة حيث الناس أصبحت جاهزة لترامب. لكن النظرة الأوسع تعلمنا أن التاريخ ينحى ناحية تدميرية بعينها إذا ما ظهر زعماء على شاكلة ترامب.

لو نظرنا أبعد من ذلك، سنجد أن دكتاتورا ذو كاريزما يحكم روسيا ويستخدم التخويف وإثارة العواطف ليخلق من شعبه طائفة تخضع له وتطيع أوامره. كذلك الأمر في تركيا وفي المجر وبولندا وسلوفاكيا وفي أماكن كثيرة في أوروبا سنجد المزيد من أشباه ترامب والمزيد من أشباه بوتين (بتمويل ودعم من بوتين) ينتظرون اللحظة المناسبة التي تأتي فيها الموجة ليصعدوا على متنها.

متى ستحين اللحظة؟
يجب أن نسأل أنفسنا متى ستحين لحظة "الأرشيدوق فريدناند" الخاصة بعصرنا؟ كيف سيتمكن حدث صغير من قدح زناد حقبة جديدة من الدمار الشامل؟ بعضنا يرى البريكسيت وترامب وبوتين في معزل عن بعضهم. لكن العالم لا يعمل بهذا الشكل. كل الأشياء متصلة وتؤثر على بعضها البعض. بعض الأصدقائ يلومونني: "الآن ستلوم البريكسيت عن هذا أيضا؟؟" لكنهم لا يعلمون أنني محق؛ فالمشتغلين بالتاريخ مثلي يراقبون خيوط الأحداث الدقيقة التي تبدو لا علاقة لها ببعضها ويتتبعون مسبباتها ليصلوا بها إلى التحولات السياسية والاجتماعية الكبيرة والجذرية مثل البريكسيت.

البريكسيت –حيث مجموعة كبيرة من الناس الغاضبين يغلبون في خناقة- يمكن بسهولة أن يلهم مجموعات أخرى غاضبة من الناس لأن يبدئوا خناقات أخرى، منتشين بأنهم قادرين "أن يغلبوا" مثلما "غلب" البريطانيين الغاضبين. هذه الفكرة وحدها قادرة على خلق تفاعل متسلسل؛ فالافنجارات النووية لا تعتمد فقط على انشطار ذرة واحدة لكن الذرى الأولى تنشطر فتتسبب في انشطار ذرات أخرى وكل ذرة تتسبب في انشطار ذرات أخرى ويتصاعد الانشطار بمنحنى أسى مرعب وسريع وتكون قوة القنبلة هي محصلة الطاقة الناجمة عن كل تلك الذرات المنشطرة. هكذا اندلعت الحرب العالمية الأولى (وللسخرية) هكذا انتهت الحرب العالمية الثانية.

وكمثال للكيفية التي يمكن فيها للبريكسيت أن يؤدى إلى حرب نووية، إليكم هذا السيناريو:
يشجع انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي دول أخرى مثل فرنسا وإيطاليا على احتذاء حذوها. تفوز الزعيمة اليمينية مارين لوبين في الانتخابات الفرنسية. الآن لدينا اتحاد أوروبي مشروخ (وعلى الرغم من مشاكل الاتحاد الأوروبي، فإن مجرد تماسكه كان قد منع الكثير من الحروب من قبل، وكان له دورا كبيرا في كبح طموحات بوتين العسكرية). ترامب يفوز بالانتخابات الأمريكية وتؤدى سياساته لعزل الولايات المتحدة مما يضعف حلف الناتو (ترامب قال من قبل أن اتفاقيات الناتو ليست بالضرورة ملزمة له إذا قررت روسيا مهاجمة منطقة البلطيق). الآن أوروبا منقسمة والناتو ضعيف وبوتين يحتاج لذريعة أخرى ليصرف نظر الشعب الروسي عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، يقرر دعم جناح يميني في "لاتفيا" يسعى للانفصال عن الاتحاد الأوروبي مما يخلق حركات احتجاجية من مواطني لاتفيا ذوي الأصل الروسي في الجانب الشرقي من البلاد المتاخم لروسيا. ترسل روسيا تعزيزات عسكرية وقوافل إغاثة لمساعدة أصدقائها المحتجين (مثل تلك التي أرسلتها في كل من أوكرانيا وجورجيا). يضم بوتين شرق لاتفيا إلى روسيا (مثلما فعل مع القرم). ينقسم رد فعل الاتحاد الأوربي بين دول التي لا تزال داخله وتطالب بعقوبات وتحرك عسكري ضد بوتين، وبين الدول المنفصلة والتي في طريقها للانفصال والدول المناهضة للاتحاد في الأصل ومساندة لبوتين. رد الفعل من الناتو بطئ. ودونالد ترامب لا يريد أن يتدخل في تلك المسألة. بوتين لا يرى تحركات مضادة جدية يلتهم لاتفيا ثم ينتقل إلى إستونيا وليتوانيا. تعلن دول بحر البلطيق الحرب على روسيا وتبدأ في المقاومة (لقد تم غزوهم. ليس لديهم خيار آخر!).

 نصف أوروبا معهم. بعض الدول تبقى محيادة، والبعض الآخر مساند لبوتين. أين تقف تركيا من هذا كله؟ كيف سيكون رد فعل داعش للحرب الجديدة المشتعلة في أوروبا؟ من سيضغط على الزر النووي أولا؟

عدد الاحتمالات لا نهائي، بعضها قد يؤدي إلى لا شئ لكن المؤشرات الحالية والدلائل التاريخة تدل أننا ذاهبون ناحية الاحتمالية التي تتضمن "الدمار الشامل" نحن ندخل نفس الحقبة الجهنمية من جديد.

ستأتي تلك الاحتمالية من حيث لا ندرى وبشكل لا نتوقعه وستخرج عن السيطرة بشكل لا يمكن لأحد حينها أن يوقف مسارها. سينظر المؤرخون إلى الوراء بفزع ويلومون أنفسهم: كيف كنا على هذه الدرجة من السذاجة التي تمنعنا أن نرى ما سيحدث. كيف يمكن أن أظل جالسا على مقعدي هذا في هذا المقهى اللندني اللطيف أكتب هذا المقال بهذا الهدوء دون أن أهرع على الفور لأهرب من هذا كله؟ كيف يمكن للناس أن تقرأ هذا المقال ويطلقون تعليقات ساخرة وينسون الأمر برمته مشفقين على هذا الكاتب المسكين المتأثر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والذي يزعم أن ترامب مثل هتلر!

تجاهل الخبراء الذين يحذرون من ترامب والبريكسيت والسخرية منهم بالضبط يشبه تجاهل شخص لطبيب يخبره أن عليه التوقف عن التدخين ثم يكتشف هذا الشخص لاحقا أنه قد أصيب بسرطان غير قابل للعلاج! الانتباه لبعض الأشياء الصغيرة وأخذها على محمل الجد قد يمنع اندلاع دمار لا يمكن إيقافه. لكن الناس لا تتوقف عن التدخين ولا يتوقفون عن الموت بسرطان الرئة. هذه هي الطبيعة البشرية.

أشعر أن الأمر محتوم ولا فرار منه لا أدري بالضبط ما سيحدث لكننا دخلنا بالفعل حقبة سيئة ستكون فترة كارثية على من يعاصرها، قد تكون جحيما فوق ما نتخيله. لكن في النهاية سينجو الجنس البشري ويخرج سالما وربما سيتغير قليلا للأفضل. لكن لهؤلاء الذين بدأوا في المعاناة المباشرة من تلك الحقبة، مثلا عشرات الآلاف من المدرسين الأتراك الذين أجبروا على ترك وظائفهم، وكل هؤلاء الصحفيين والمحامين الأتراك الذين وضعوا في السجون، وكل المعارضين الروس المعتقلين في معسكرات العمل، وكل هؤلاء الفرنسيين ضحايا الهجمات الإرهابية والذين لا يزالون يرقدون في المستشفيات، لكل أولئك وللمزيد ممن يسقطون وسيسقطون، هذه بداية الحرب العالمية الأولى بالنسبة لهم.

ماذا يمكننا فعله؟
إذا ماذا يمكننا فعله؟ حسنا، ومرة أخرى ليس هناك الكثير لفعله. المثقفون الليبراليون دائما ما ينتمون للأقلية. الأشخاص الذين يؤمنون بالمجتمعات المفتوحة الأشخاص اللطاف مع الآخرين الذين يبتعدون عن التصرفات العنصرية ولا يخوضون حروبا، هؤلاء الذين يؤمنون أن تلك هي الطريقة الأفضل للحياة غالبا ما يخسرون معاركهم. لأنهم لا يلعبون اللعبة القذرة ولا يستطيعون الحديث بالخطاب الشعبوي. هؤلاء الأقل عنفا نهايتهم دائما ما تكون في السجون والمعسكرات والقبور.

يجب علينا ألا نسمح للانقسام والشقاق أن يجد طريقه إلينا. يجب علينا ألا ننجرف في الجدال في أمور هي أساسيات العقل والمنطق. يجب علينا أن نواجه الخطاب الشعبوي القائم على الخوف والتهييج بخطاب مضاد. يجب علينا أن نفهم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد وأن نستخدمها بكفاءة, يجب أن نستفيد من الخوف بشكل آخر, الخوف من إندلاع حرب عالمية أخرى كان على وشك منع قيام الحرب العالمية الثانية. لكنه لم فشل في ذلك. أتباع ترامب وبوتين لا يقرأون الجارديان (الصحف الليبرالية وصحف المثقفين). لذلك فالكتابة في هذه الصحف هي وسيلة لكي نطمئن أصدقائنا فقط ومن هم على شاكلتنا. يجب علينا أن نجد طريقة نخرج بها من مجموعاتنا المنغلقة لمجموعات أخرى منغلقة وأن نحاول عبور الهوات الاجتماعية الواسعة فيما بيننا.
(وربما أكتب هذا المقال لمجرد أن يتم ذكري في التاريخ أنني من الأشخاص الذين توقعوا قدوم الكارثة!)
----------------------------                  
(ترجمة بتصرف لمقال بعنوان History tells us what may happen next with Brexit & Trump للكاتب والأكاديمي ورائد الأعمال توبياس ستون, نشره على حسابه على موقع Medium)

فيديو قد يعجبك: