فرقتهما السياسة وجمعتهما مواجهة ميليشيات إرهابية ... واشنطن ودمشق
كتبت – سارة عرفة:
بينما يشن الجيش الأمريكي غارات على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، كثفت قوات الرئيس السوري بشار الأسد بشكل كبير حملتها التي تستهدف معاقل التنظيم الإرهابي في سوريا، إذ شنت عشرات الغارات الجوية على مقار التنظيم على مدار اليومين الماضيين – بحسب وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
وأشارت الوكالة إلى أنه بينما غضت حكومة دمشق الطرف لوقت طويل عن توسع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، حتى أنها في بعض الأحيان سهلت هجماته على الثوار، يهدد التحرك السريع للتنظيم في البلدات والقرى بشمال وشرق سوريا حاليا بنكوص المكاسب التي حققتها القوات الحكومية السورية.
من ناحية أخرى قالت الوكالة إنه في حين يكثف مسلحو التنظيم هجماتهم على مقاتلين مدعومين من الغرب سعيا إلى الإطاحة بالرئيس الأسد، نفذوا في الماضي هجمات شرسة على منشآت تابعة للجيش النظامي السوري في شمال سوريا، واعتقلوا وذبحوا مئات من الجنود السوريين وعناصر الميليشيات الموالية للحكومة في هذه العملية.
ويوم أمس الاثنين، ضيق مقاتلو التنظيم الخناق على آخر قاعدة عسكرية تابعة للحكومة في محافظة الرقة بشمال شرق سوريا، وهي مطار الطبقة العسكري، ما دفع القوات الحكومية إلى شن ست عشرة غارة على الأقل في المنطقة، سعيا إلى وقف تقدم المقاتلين.
وفي مدينة حلب شمالا، هناك شعور في صفوف الثوار بهزيمة وشيكة، إذ تمكن مسلحون إسلاميون من طردهم بشكل ممنهج الأسبوع الماضي من بلدات وقرى تبعد كيلومترات قليلة عن شمال المدينة.
وأضافت الوكالة أنه من شأن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء من حلب بعدما كانت تحت سيطرة الثوار أن يمثل كارثة بالنسبة للقوات الحكومية التي ظلت تستعيد السيطرة على أراضي في المدينة على مدار الأشهر الماضية.
وفي السياق، قال أندرو تابلر، الباحث زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ''أعتقد أنهم (القوات الحكومية)أدركوا أخيرا أن استراتيجيتهم المكيافيلية الخاصة بالعمل مع تنظيم الدولة الإسلامية ضد المعتدلين لا تسير على ما يرام، ولهذا بدأوا قتاله''.
ولكن لحكومة الأسد مأرب آخر من ضربها التنظيم بيد من حديد، فالقصف الجوي الذي تقوم به القوات الحكومية السورية ضد معاقل المسلحين في سوريا يعد بطريقة أو بأخرى انعكاسا لتلك الغارات الجوية التي تشنها القوات الأمريكية على متطرفين على طول حدود العراق.
ويرى محللون أن الغارات التي تشنها قوات الأسد تهدف إلى بعث رسالة مفادها أنه على نفس الجانب مع الأمريكيين، معززا زعم الحكومة السورية القديم بأنها شريك في الحرب على الإرهاب وقوة توازن في مواجهة المتطرفين. ويأتي هذا بعدما كادت الولايات المتحدة نفسها تقصف سوريا عقب اتهامها لقوات الأسد بشن هجوم بأسلحة كيميائية على مناطق خاضعة لسيطرة الثوار قرب دمشق في أغسطس المنصرم.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السوري آرون لوند إن ''الأسد سوف يحب بالتأكيد استعادة القبول الدولي عن طريق الحرب على الإرهاب وربما هذه هي خطته طويلة الأمد''.
وحتى بينما يواجهون تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، أظهر مسؤولون أمريكيون قليلا من الرغبة في استهداف المسلحين أنفسهم في سوريا. ويعرف الأسد أن الإدارة الأمريكية ليس لديها كثير من الخطط بالنسبة لسوريا، باستثناء تدبر أمرها وسط الفوضى التي خلقتها حرب أهلية مستمرة هناك منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.
لكن الأهم من ذلك كله أن الأسد ببساطة لم يعد بمقدوره تجاهل التهديد المتزايد لتنظيم ''الدولة الإسلامية'' بعد أن بدأ الآن في مهاجمة قواته – بحسب الوكالة.
وفي أعقاب اجتياحهم أجزاء من العراق وإعلان ما يسمى ب ''الخلافة'' على جانبي الحدود العراقية السورية، عمد مقاتلو الدولة الإسلامية بشكل منهجي إلى تعقب القواعد الحكومية المعزولة في شمالي وشرقي سوريا وقاموا بقتل وقطع رقاب قادة عسكريين وأفراد ميليشيات موالية للحكومة.
بدأت الهجمات بهجوم مدمر على حقل غاز ''الشاعر'' في محافظة حمص والذي قتل فيه أكثر من 270 جنديا سوريا وحارس أمن وعامل. وفي الشهر الماضي، اجتاح الجهاديون مقر ''الفرقة 17'' في محافظة الرقة، مما أسفر عن مقتل خمسة وثمانين جنديا على الأقل. وبعد أسبوعين سيطر مقاتلو الدولة الإسلامية قاعدة اللواء 93 القريبة بعد أيام من القتال العنيف.
وذكرت الوكالة أن الجهاديون باتوا الأن على مقربة من مطار الطبقة العسكري. وأفاد نشطاء يوم الاثنين باندلاع اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي الدولة الإسلامية على أطراف قريتي عجيل والخزنة قرب مطار الطبقة. وقال المركز الإعلامي في الرقة، وهو جماعة ناشطة، إن تنظيم الدولة الإسلامية استولى على أربع قرى بالقرب من القاعدة الجوية، بما في ذلك قرية عجيل.
وقال أبو ثابت، وهو أحد قادة الثوار في حلب ''لن يوقفهم أي شيء، وإذا استمرت الأمور بنفس الطريقة فسيصبح الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يستولى تنظيم الدولة الإسلامية على حلب''. أضاف أن الجهاديين يتطلعون الآن للاستيلاء على معقل الثوار في ماريا ثم على معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، والذي سيكون بمثابة جائزة كبرى ومصدر أموال لهم.
ووصف أُبي شهبندر، مستشار قيادة الائتلاف السوري المعارض، الضربات الجوية التي شنها الأسد ضد تنظيم الدولة الإسلامية بالسطحية، قائلا إن مقاتلي المعارضة المدعومة من الغرب هم القوة الوحيدة التي تواجه الجهاديين حقا.
ورفض أي إشارة إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية عدو لكل من الأسد والغرب.
وقال إن ''الخيار بالنسبة للغرب واضح. الأسد حول سوريا إلى قاعدة انطلاق للإرهاب، في حين تقود المعارضة المقاومة المناهضة للدولة الإسلامية''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: