إعلان

أفريقيا بين الحزام والطريق وممر لوبيتو

د.غادة موسى

أفريقيا بين الحزام والطريق وممر لوبيتو

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

12:51 م الأحد 02 مارس 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

حصلت معظم دول القارة الإفريقية على استقلالها من الاستعمار الغربي خلال القرن العشرين بعد أن تكالبت عليها الدول الأوروبية في مؤتمر برلين في القرن التاسع عشر لتقتسم أقاليمها وتمزق أراضيها وتبعثر قبائلها عبر حدود مصطنعة راعت مصالح الدول الاستعمارية على حساب مصالح المجتمعات الأفريقية.

وقد تمكنت الدول الغربية بعد استقلال دول قارة أفريقيا من الإبقاء على تواجدها داخل القارة السمراء من خلال شركات تعمل في الدول الأفريقية الغنية بالموارد الطبيعية في جنوب ووسط وشرق القارة تحديداً. فعلى سبيل المثال استمرت شركة " مرتفعات كاتنجا" البلجيكية في العمل في استخراج الماس من خلال امتيازات منحها لها رئيس الكونغو الديمقراطية آنذاك مقابل أسهم للرئيس في الشركة.

كما اتخذت تلك الروابط أشكالاً أخرى من خلال ربط خطوط الملاحة الجوية لبعض الدول الافريقية بدولة الاستعمار. فعلى سبيل المثال من أجل السفر إلى أنجولا تعتبر الخطوط الجوية البرتغالية والاسبانية هي الأكثر تواجداً في مطار لواندا بأنجولا الذي يقع على ساحل المحيط الأطلنطي.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد إذ تطلبت بعض الصناعات كثيفة التكنولوجيا والسباق المحموم على الهيمنة على كل ما هو حديث في مجال التقنية استمرار الأطماع في ثروات القارة الأفريقية. وقد مثل مشروع الحزام والطريق أحد المبادرات التي تهدف إلى اختراق القارة الإفريقية من خلال ابرام اتفاقات مع حكومات دولها لتنفيذ مشاريع تنموية بهدف الحصول على المعادن النادرة والنفيسة مثل الليثيوم المتوافر بغزارة في الكونغو الديمقراطية وغانا ومالي وزيمباوبي. حيث يستخدم هذا المعدن في صناعة بطاريات الليثيوم التي تستخدم في السيارات الكهربائية. بالإضافة إلى معدن الكروم الذي يستخدم في صناعة المنتجات الحديدية ومعدن البلاتين المستخدم في صناعة الأدوات الكهربائية والأدوية. كما تنتج كل من جنوب أفريقيا وناميبيا والنيجر حوالي ١٨٪ من الإنتاج العالمي لليورانيوم المستخدم في التسليح النووي!

وإلى جانب مبادرة الحزام والطريق يعتبر ممر " لوبيتو" أو " منطقة حزام النحاس" الذي يعبر عبر أنجولا وزامبيا والكونغو الديمقراطية أحد أهم الممرات الاقتصادية الاستراتيجية الهامة للولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على معدن النحاس ثم معدن الكوبالت. ويهدف مشروع الممر تعزيز الاستثمار والتجارة في النحاس والكوبالت في المنطقة والتقليل من حجم الاعتماد على ميناء دار السلام في تنزانيا. كما ترى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في ممر لوبيتو بديلا ً عن مبادرة الحزام والطريق الصيني.

لذلك يمكن القول إن الألفية الثالثة تشهد تكالباً ثانياً وواضحاً على دول القارة الإفريقية للاستحواذ على ثرواتها النفيسة. وقد يرى بعض الخبراء في ذلك فرصا ً للتنمية والاستثمار والتشغيل لأبناء دول القارة، وهو الأمر الذي قد يكون صحيحاً من الناحية النظرية ما لم تقترن تلك المبادرات والمشاريع بزيادة تبعية دول القارة لدول غربية أو آسيوية ومالم تتحول القارة الأفريقية إلى ساحة للحروب التجارية والتنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

إعلان

إعلان