لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هاني شنودة المُجدّد

محمود رضوان

هاني شنودة المُجدّد

محمود رضوان
07:02 م الخميس 09 مارس 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

القاهرة بعد حليم 1977.

أفرزت الموجة الثانية من الأغنية البديلة، بعد رحيل عبدالحليم حافظ، جيلاً جديداً من المطربين أصحاب المشاريع، وكانت الموجة الأولى، كما وصفها شاعرنا الكبير سيد حجاب، موجة "مستغربة"؛ إذ كانت الأغاني تقدم بالإنجليزية فلم يتقبلها الشارع المصري، على الرغم من استقبالها الجيد في بعض الطبقات الاجتماعية وسرعان ما تلاشت، إلا أنها أهدت لمصر عدداً كبيراً من النوابغ؛ من بينهم عمرو خيرت وهاني شنودة وعزت أبو عوف وطلعت زين وصبحي بدير وآخرون. حاول منتجو الكاسيت الاستفادة من هذه الموجة، بشرط أن تكون على الأقل الأغاني مصرية الكلمات، فلجأ أصحاب الفرق إلى شعراء الجيل الثاني من العامية المصرية؛ كإبراهيم رضوان وسيد وشوقي حجاب وعبدالرحيم منصور ومجدي نجيب، ولاقى العديد من الفرق وقتها استحسان الشارع، وكانت البداية عند محمد نوح في فرقة النهار، وفرق المصريين والفور إم وأصدقاء عمار الشريعي، لكن هذه الموجة لم تستطع سدّ احتياج المصريين من شغف الغناء وشبعه؛ إذ كان الشارع وقتها يسمع بقوة لعدوية، وللأغنية السعودية، نعم السعودية قبل أن تسمى بالخليجية، وكان هذا هو اللون السائد حتى في شارع الهرم، والسبب في ذلك يعود إلى سياحة العرب في مصر، في مقابل هجرة المصريين في الخليج وعودتهم يحملون أجهزة الكاسيت ومعها أغاني لطلال مداح ومحمد عبده ومن بعدهما عتاب.

على الجانب الآخر، عانت الأغنية الكلاسيكية من الترهّل وتحوّلت لخناقة "ستات" على من يقف على المسرح أطول وقت ممكن، فبدت الدخلات الموسيقية والفواصل طويلة جداً لإعطاء مساحة للمطربة أن ترتاح بين الفواصل، ولمع في هذه الفترة عازفو الصولهات العظام، وكانت النجمات وقتها كوردة وفايزة وشادية ونجاة وصباح وغيرهن في المرحلة الأخيرة للنهر ما قبل المصبّ، وكان السميعة في مصر يبحثون بشغفٍ عن بديل.

أطلق وقتها بليغ صوت على الحجار بأغنية "على قد ما حبينا" لعبد الرحيم منصور، والتي كانت وغيرها من الأغنيات المعدّة سلفاً، تمهيداً لظهور الحجار ومطرب آخر رفيق لمشوار الحجار وهو محمد منير، الذي ضاق بوعود بليغ وبانتظاره وبمزاجيته وانشغاله مع وردة وصباح ونجاة وعفاف راضي، وقتها طُرح بقوة على منير اسم أحمد منيب ليكون البديل لبليغ، وكان لعبد الرحيم منصور دور الراعي في ذلك، واستعد منير ولكن كان لابد من موزع موسيقي وأب آخر لتجربة منير التي ستعتمد في المقام الأول على المزج ما بين الثقافات الموسيقية المختلفة، كالخماسي والجاز في بدايتها، فكان هاني شنودة الذي رحب بعبدالرحيم منصور وأحب كاريزما منير ليولد على يديهم ألبوم "أمانة يا بحر" الذي لقي نجاحاً معقولاً وقتها، ثم "بريء" الذي عرّف الناس أكثر بمنير، ثم "شبابيك" الذي أطلق صوت هذا الجنوبي إلى عنان السماء، فأعادت الشركة المنتجة وقتها نشر ألبوم أمانة يا بحر تحت عنوان جديد "علموني عينيكي" فعاد الألبوم للصدارة من جديد.

أصبح لتيار "الوعي"، كما أسميه، درع وسيف، على الرغم من فتور القنوات الرسمية وقتها لاستقباله، لكن الشباب في الشارع فرضوا رأيهم على الجميع.

بعد سنوات من رسوخ الأغنية الجديدة، عاد هاني ليطلق صوتاً جديداً مهماً هو عمرو دياب؛ ليكون بديلاً عن منير الذي استغوته التجارب المختلفة، وكان لتمرّده منذ البداية على كل المدارس التي دخلها وضوح الشمس، دون أن ينكر فضل الآخرين، لكن عمرو لم يجد نفسه فيما تبقى من رؤية هاني ومنصور لمشروع منير، فسرعان ما انسلخ هو الآخر ليذهب إلى ما يليق عليه من أغنيات.

كان هاني شنودة وقتها منغمساً في موسيقاته التصويرية وعالمه السينمائي الفذّ، فابتعد قليلاً، إلا أن منير ظل لا ينسى الأغاني التي غناها بصوته في مطبخ هاني شنودة تمهيداً لعرضها على مطربين آخرين فاقتنصها منير فيما بعد غنوة غنوة، على رأسها أنا باعشق البحر وحاضر يا زهر ومسألة السن، ومعظمها من كلمات عبدالرحيم منصور.

وظل نجاح هاني شنودة مع السينما تعويضاً عن المشروعين؛ إذ قدم مع عادل إمام وحده أكثر من 15 فيلماً ما بين التجاري كالمشبوه، وشديد الخصوصية كالحريف، لكن ظل شنودة مغرماً بمشروعه الرئيس؛ وهو فرقة المصريين، فأعاد تكوينها من جديد مع بعض الأصوات الجديدة، ونالت حفلاته في ساقية الصاوي نجاحات جديدة، وأقام علاقة مع شباب الأندرجراوند الصغير بدا فيها كعرّاب لهذه النوع من الغناء.

إعلان