إعلان

التعليم العالي والجودة

د.غادة موسى

التعليم العالي والجودة

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م السبت 21 يناير 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

امتدت سياسات الجودة إلى سياسات التعليم العالي وشملتها منذ أكثر من عقدين. وبالطبع، فإن انتشار ثقافة الجودة في مؤسسات التعليم العالي أمر مهم ومحمود في ذات الوقت.

وتشمل سياسات الجودة؛ جودة التخطيط وجودة المحتوى العلمي والمقررات الدراسية والبحث العلمي وجودة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة وجودة القيادة وعمليات الحوكمة. كما تشمل سياسات الجودة؛ بناء القدرات على تطبيق ومتابعة نظم وعمليات الجودة في المقام الأول.

ولكن تتعدى الجودة في التعليم العالي إعداد وتنظيم وثائق الجودة التي تحصل عبرها الجامعات والكليات على اعتماد الجودة إلى بناء ثقافة الجودة.

ويتطلب وجود ثقافة الجودة توافر النزاهة والشفافية والمشاركة والتضمين والمساءلة. ومما لاشك فيه أن هذه الثقافة باتت موجودة ومُستوعبة من قبل الأكاديميين والاداريين القائمين على الشأن التنفيذي في الجامعات المصرية. غير أن الواقع يشير إلى أهمية وجود دافع نحو الاهتمام بالجودة من أجل تحقيق التنافسية بين الجامعات. فمع إنشاء الجامعات الخاصة والأهلية باتت الجودة متطلباً رئيسياً حتى يمكن للجامعات الحكومية التي تملك تاريخاً أكاديمياً وتراثاً ومدارس علمية وفكرية راسخة من المنافسة مع الجامعات الخاصة والأهلية التي تملك إمكانات مادية ولوجستية ولديها أشكال من التوأمة الدولية.

وتعتبر التنافسية في الحقل الأكاديمي أمراً هاماً لأنها تحفز ليس فقط البحث العلمي الذي يشكل عقل وقلب العمل والمؤسسات الجامعية، ولكن تحفز في المقام الأول تطوير أساليب التدريس والتدريب وبناء المهارات التي تجعل العملية التعليمية شيقة وجاذبة، وتخرج بها من حيز التلقين والحفظ إلى حيز الإبداع والابتكار وتعزيز التدريس بالأنشطة العلمية.

وفي ظل الظروف العالمية الراهنة، وفي مقدمتها التجاء الجامعات الغربية بدورها لجذب الطلاب من كافة أنحاء العالم، فضلاً على التضخم الذي يضرب اقتصاديات العالم- خاصة اقتصاديات الدول النامية- يصبح تطوير سياسات الجودة بكل عناصرها أمراً حتمياً للجامعات الحكومية والخاصة الأهلية في مصر على حد سواء؛ حيث سيكون أمام الطلاب الراغبين في الالتحاق بالتعليم الجامعي خيارات واسعة ومفاضلات بين تعليم أكاديمي صرف وتعليم أكاديمي هجين بين المحتوى العلمي والنشاط التطبيقي وتعليم أكاديمي ينتهج فقط النشاط العملي. كما ستلعب مستويات التضخم دوراً مزدوجاً في تحديد وجهة الطلاب الاكاديمية كمجال وكمؤسسات وبين قدرة الجامعات بشكل عام على توفير التمويل اللازم لتطوير سياسات الجودة وتطوير إمكاناتها العلمية والتدريسية والعملية.

بل يمكن القول بأننا إزاء نوع من "السوق الاكاديمي" المرتكز على الجودة. فطالب الألفية الثالثة يختلف كثيراً عن طالب القرن العشرين. كما يمكننا القول بأننا أمام معضلة الجودة ومعضلة توافر المادة.

ومثل هذه المتطلبات والإشكاليات من الأهمية بمكان مناقشتها وطرحها بنفس درجة الاهتمام والتركيز الذي تُطرح به المحتويات العلمية والدراسية في الفعاليات والمؤتمرات العلمية.

إعلان