إعلان

ما بعد مؤتمر المناخ...

د.غادة موسى

ما بعد مؤتمر المناخ...

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

08:15 م السبت 12 نوفمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

يعتبر مؤتمر المناخ المنعقد حالياً بمدينة شرم الشيخ، الحدث الأكبر ليس فقط في مصر، وإنما على مستوى العالم.

وخلال هذا المؤتمر -وحتى وقت كتابة المقال- تعهّدت مصر بالامتثال وتطبيق عدد من الالتزامات المتعلقة بسياسات الحفاظ على البيئة ومجابهة مخاطر ومواءمة سياساتها مع التغير المناخي والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.

وجميعها التزامات محمودة وجيدة وتعكس وعياً سياسياً وقومياً بخطورة القضية محلياً وعالمياً.

ولكن، حتى تتمكن مصر من الوفاء بتعهداتها لابد من عدد من التحركات على مستوى وضع الخطط وقياس التقدم فيها، وعلى المستوى التنفيذي على أرض الواقع، وعلى المستوى التنظيمي الحكومي وأخيراً وليس آخراً على المستوى المجتمعي.

ولو بدأنا بمستوى الخطط وقياس التقدم لابد من التركيز على إتفاقية الشراكة الوطنية للتمويل الأخضر، حيث يمكن اعتبارها خطة عمل واضحة ومتعددة الجوانب الحيوية على المستويين الاستراتيجي والأمني وعلى مستوى اهتمام المواطن. وتتضمن الخطة أبعاد انعكاس التغير المناخي على الأمن الغذائي وعلى المياه وعلى تحسين النقل الأخضر الآمن. وتتضمن الخطة مشاريع محددة مثل المشروع الطارئ لدعم الأمن الغذائي والتنمية الريفية وإنشاء محطات لتحلية المياه ومشاريع لإدارة أثر التغير المناخي على دلتا نهر النيل. ويتضح من عناوين المشروعات أنها ملحة وطارئة ولا يمكن أن تؤجل. ولمتابعة تنفيذ تلك المشاريع لابد من وجود مؤشرات لقياس التقدم المحرز فيها. وهو ما يتطلب فريق عمل متعدد التخصصات ولا يقتصر على جهة حكومية أو مؤسسة واحدة لتطبيق مؤشرات الأداء البيئي، وبصفة خاصة جودة وصحة مياه الشرب وتحسين وتطوير مصادر المياه باستخدام التكنولوجيات المتطورة.

أما على المستوى التنظيمي فلابد من إعادة النظر في موقع وزارة البيئة في الهيكل التنظيمي، حيث صارت القضايا البيئية ذات أولوية، كما أنها قضايا متداخلة مع القضايا الاقتصادية والاستثمار والزراعة والصناعة والتجارة والأمن القومي. كما أن الوعي السياسي المتنامي من قبل الدولة المصرية بأهمية القضايا البيئية وخطورتها لابد وأن ينعكس تنظيميا على المؤسسات المعنية بهذا الملف وطبيعة العلاقة بينها.

أما بالنسبة للمستوى المجتمعي، فلابد من البدء في تشجيع تأسيس منظمات مجتمع مدني تهتم وتناصر قضايا البيئة، كما لابد من تشجيع إنشاء أحزاب سياسية تكون قضايا البيئة محور عملها السياسي والفني. ولدينا بالفعل حزب الخضر، ولكن يفتقر للكوادر السياسية وللتمويل، على الرغم من الدور الهام الذي تلعبه أحزاب البيئة في تحقيق التوازنات السياسية وتشكيل الحكومات في دول العالم المتقدم. كما لابد وأن يتم تشجيع المبادرات المجتمعية من الشباب أو من المتخصصين لإيجاد حل للمشكلات البيئية، وتسهيل الإجراءات أمام تلك المبادرات من خلال ربطها بالمشاريع سالفة الذكر واعتبارها مصدرا للدخل الفردي والقومي.

فلا يكفي أن ينعقد المؤتمر وينتهي بدون استثماره والانطلاق منه نحو وضع سياسات بيئية حقيقية، وتشكيل منظمات معنية.

إعلان