إعلان

الثقافة الجديدة للجمهورية الجديدة

د.غادة موسى

الثقافة الجديدة للجمهورية الجديدة

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م السبت 01 أكتوبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

يستدعي الحديث عن جمهورية جديدة التفكير في ثقافة جديدة. فاصطلاح الجمهورية الجديدة مُحمّل بمعانٍ ومفاهيم فكرية وثقافية أكثر من الاعتبارات والمتطلبات المادية.

وكما نعلم تشمل الثقافة التقاليد والأعراف والقيم والدين والعقائد الفكرية؛ لذلك عندما يتم الإعلان عن جمهورية جديدة نكون إزاء الحديث عن ثقافة جديدة سواء بوعي أو بدون وعي. فأي بداية جديدة لابد أن تكون مصحوبة بأفكار جديدة.

وفي الآونة الأخيرة تعددت اللقاءات والندوات والمؤتمرات التي حملت عنوان "الجمهورية الجديدة" في محاولة للبحث في خصائص الجمهورية الجديدة وما إذا كانت حدودها الزمنية والمكانية مرتبطة فقط بوجود العاصمة الإدارية الجديدة أم تتعداها إلى كافة أنحاء جمهورية مصر العربية بما في ذلك العاصمة الإدارية الجديدة. وسبب هذا التساؤل هو أن الذين سيفكرون في الثقافة الجديدة من أجل الجمهورية الجديدة هم من عاصروا الجمهوريات القديمة. أي هم من خبروا وعايشوا الروافد الفكرية السياسية والاقتصادية والثقافية لجمهوريات مرت بها مصر منذ حصولها على الاستقلال.

وعلى الرغم من محدودية الكتابات التي تناولت موضوع الثقافة الجديدة للجمهورية الجديدة، فيمكن استثمار هذه المساحة للتفكير في محددات الثقافة الجديدة ومكوناتها.

فالثقافة الجديدة لا تنشأ من فراغ لأنها قراءة أخرى ونقد بنّاء للثقافة القديمة أو الحالية. فمحددات الثقافة القديمة تختلف عن محددات الثقافة الجديدة بحكم الزمن والمتغيرات المتنوعة. ولنبدأ باستعراض مبسط لمحددات الثقافة القديمة أو السائدة حتى مطلع الألفية الجديدة والتي تمثلت في تحقيق الاستقلال والاستقرار وتحقيق التنمية بشكل رئيسي. وكانت مكوناتها التراث العربي الإسلامي بأبعاده الفكرية والسياسية والاجتماعية، بالإضافة للهوية المصرية الفرعونية التي تشتبك من حين لآخر مع البعدين العربي الإسلامي. وتمثلت القيمة السياسية للثقافة القديمة الممتدة في ترسيخ التوجه المحافظ الذي يحفظ للدولة وجودها وسلطتها مع فاعلين آخرين متمثلين في القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني على اتساعها.

وعند الانتقال للبحث في الثقافة الجديدة للجمهورية الجديدة لا نجد مكونات واضحة لها إلى الآن، وهو الأمر الذي يحفزنا على التفكير في محدداتها ومكوناتها تمهيداً لصياغتها. وتبدو إشكالية صياغة ثقافة جديدة للجمهورية الجديدة في الوقت الراهن في صعوبة محدداتها، خاصة وأنها قد تكون انعكاساً ونتاجاً لبيئة عالمية وإقليمية ومحلية تتسم بعدم اليقين والارتباك ووجود مخاطر وسيولة كبيرة. ومن الصعب أن تكون تلك محددات لثقافة، لأن الثقافة - بشكل عام - من المفترض أنها مستقرة وتتسم بقدر من اليقين.

لذلك، لا مفر من الحديث عن مرحلة انتقالية لبناء ثقافة جديدة متوجهة أكثر نحو الداخل أو نواتها الداخل بروافدها الدينية والفكرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحافظة من جهة، ومتعايشة مع التيارات الثقافية الخارجية في أبعادها الإيجابية كالحرية المنضبطة والحقوق الفردية الأساسية وتحقيق الامن الإنساني واستقرار المجتمع الدولي وتنمية الموارد المشتركة والعمل على استدامتها.

إعلان