لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سد النهضة.. قضية شعب

أسامة شرشر

سد النهضة.. قضية شعب

أسامة شرشر
12:23 م الثلاثاء 06 يوليو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الوضع في قضية سد النهضة وصل إلى حافة الهاوية، وإثيوبيا تتلاعب بالوقت وبالألفاظ وبالتصريحات، بل تتلاعب بالاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي.

كل هذا والرأي العام في مصر يتابع لحظة بلحظة ما يجري من تحركات مصرية سودانية في هذا الملف الذي أصبح يهدد الأخضر واليابس في مصر والسودان.

ونتساءل: كيف لدولة، مثل إثيوبيا أن تعبث بقوانين الأنهار والاتفاقيات الدولية والالتزامات القانونية، وترفض وقف الملء الثانى لسد النهضة لحين الوصول لاتفاق ملزم لكل الأطراف، دون رادع؟

وآخر ورقة أكدها سامح شكرى، وزير الخارجية النشط، هي لجوء مصر ومعها السودان الشقيق لمجلس الأمن.. فماذا لو لم يتخذ مجلس الأمن المنوط به فض الاشتباكات ومنع الحروب وإلزام الدول بقراراته - القرار المناسب؟!

أعتقد أننا الآن نلعب في الوقت الضائع، وأن قرارات مجلس الأمن- لو صدرت- فلن تُحترم من قبل إثيوبيا؛ لأنها تعتمد على فزاعة الاتحاد الإفريقي، وتروج أنها مشكلة داخلية، وكأن الاتحاد الإفريقي نفسه لا يتعامل مع مجلس الأمن، ونذكركم بقضية التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا والسنغال وكثير من القضايا الإفريقية.

والتساؤل الذي يدور لدى الرأي العام، أمام هذا التعنت والتطرف الإثيوبى وعدم الاهتمام بالتفاوض:

ما الحل عند إصرار إثيوبيا على الملء الثاني وعدم الانصياع لقرارات مجلس الأمن؟

أعتقد أن الجامعة العربية يجب أن تتحرك بقوة في مجلس الأمن، من خلال أعضائه الـ15؛ حتى تضمن أن يكون هناك قرار دولي، وبعدها يكون لكل حادث حديث.

دعونا نتفق بشكل حاسم على أن العالم لا يحترم إلا لغة القوة، وأن المفاوضات والحوارات تكون مرحلة تالية للحسم الذي يُبنى على احترام الأعراف وقوانين ملء السدود على مستوى العالم.. وهذه ليست بدعة مصرية فهي مطبقة في كل دول العالم.

ماذا تريد إثيوبيا؟!

أن تُصاب مصر والسودان بالجفاف أو الغرق وبما يُسمى «الصدمة المائية»، وأن تتحكم هي في مياه النيل؟!

أم تريد أديس أبابا أن تغطي على ما يجري من أحداث داخلية وانتهاكات إنسانية وإبادة جماعية، في ظل الصمت الدولي المخزي، بدلًا من محاكمة آبى أحمد وحكومته أمام محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب لما فعله، ويفعله حتى الآن بالإبادة الجماعية للسكان فى إقليم (تيجراي) وفي باقي الأقاليم والانتخابات الصورية التى مُنعت فيها أقاليم بعينها من التصويت بعد تأجيلها أكثر من مرة.. ولا أحد يتحدث؟!

هل يتخيل آبي أحمد أو يتوهم أن النيل (هبة الله) - عز وجل- أصبح ملكية خاصة لإثيوبيا، أم أن الغرض هو منع مياه النيل عن مصر والسودان وبيعها لحليفه الاستراتيجي- إسرائيل في حدود 11 مليار متر مكعب، كما يتردد في الكواليس، خصمًا من حصة مصر البالغة 55 مليار متر مكعب؟!

وما موقف الولايات المتحدة التي تصرح تصريحات وردية علنًا وفي الخفاء تصمت عن استمرار ملء السد؟

وأين موقف الدول العربية مع مصر وشعبها في هذه القضية التي تمثل قضية وجود وبقاء للشعب المصري؟ وهم يدركون تمامًا أن قوة مصر دعم لهم وضعفها وبال عليهم، ونحن لا نصدق ما يثار من تسريبات في هذا الموضوع لخصوصية (علاقة الدم) بين مصر ودول الخليج.

وما الدور الذى تم لعبه مع إريتريا في الموافقة على المصالحة مع إثيوبيا والهجوم على إقليم تيجراي؟

المصالح تتصالح نعم. ولكن فى هذه الحالة الأمر ليس مجرد مصالح، بل ضربة في عمق العلاقات (العربية - العربية) إن صحت، وخاصة أن مصر تعتبر دائمًا وأبدًا أمن الخليج من مكونات الأمن القومي المصري.

لا، وألف لا.. لأي مؤامرات على مصر الكبيرة، عربيّة كانت أو إفريقيّة أو دوليّة، وإذا كان التلويح بلغة العقوبات هو سلاحهم، فمصر تمتلك أيضًا ما ترد به على هذه العقوبات.

والشعب المصري بكل مكوناته ابتداء من الفلاح والعامل وحتى النخب السياسية وفي كل مكان من أرض مصر- وراء الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذه القضية.

وإذا كان الشعب المصري قد أعطاه تفويضًا لمواجهة الإخوان، ونجح في حصارهم، فالشعب المصري يؤكد تفويضه في قضية سد النهضة التي هى قضية وجود. والآية القرآنية تقول "... وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ...". فبعد الماء لا حياة ولا وجود ولا بقاء ولا دولة.

وأعتقد أن 110 ملايين مصري الآن جميعًا في خندق الوطن، وينتظرون لحظة الإشارة أو البشارة في قضية سد النهضة. والشعب لن يسمح بالتلاعب الدبلوماسي بهذه الطريقة.

ويا أيها الشعب الإثيوبى، اعلموا أن الشعب المصري يريد لكم التنمية، ولكن على أساس المنفعة المتبادلة وليس الخراب؛ فالقضية ليست في استغلال الموارد المائية وتنميتها فقط، ولكن في تنمية العقول والبشر أيضًا، من خلال الحقائق وتوثيق الثوابت التاريخية.

أما محاولة استغلال القضية ونشر الأكاذيب لتجييش الشعب الإثيوبى ضد ما يسمى بالعدوان الخارجي، فستعلمون قريبًا أن هذه ليست إلا كروتًا سياسية ليبقى آبي أحمد علي كرسي الحكم في إثيوبيا؛ مستغلًا قضية سد النهضة للخلاص من معارضيه ودفن البشر في الأقاليم الحرة التي رفضت الانصياع لهذه المؤامرة الكبرى التى تهدد الشعب الإثيوبي.

فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، والشعب هو صاحب الولاية والقرار الأول والأخير.. ولكن آبي أحمد أعماه كرسي الحكم عن هذه الحقائق.

فانتبهوا؛ لأن مصر لا تريد إلا دعم وتنمية الشعب الإثيوبي بما لا يضر بمصالح شعبها وعدم مخالفة القوانين والاتفاقيات الدولية.

وهذه القضية (سد النهضة) تعادل في خطورتها وأهميتها حرب 73 التي واجهت فيها مصر الغرور الإسرائيلي، مثلما يحدث من غرور إثيوبي الآن.

لقد حانت اللحظة الحاسمة، ولا يجوز بعدها أي حوار أو كلام، ووطني لن يستباح لا بالغرق ولا بالعطش.

وأنا بكل ما أملك، من قلم، وكلماتٍ، ووجودٍ دعمٌ وفداءٌ للدولة المصرية وتحرير المواطن المصري من العبث الإثيوبي، "... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ".

إعلان