لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحرير سيناء وتحرير النيل

محمد حسن الألفي

تحرير سيناء وتحرير النيل

محمد حسن الألفي
07:04 م الثلاثاء 06 يوليو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الحرب قرار سياسي في المقام الأول، ينهض مطمئنا على استنفاد كل السبل القانونية الدولية، للحصول على الشرعية التي يقبلها المجتمع الدولي والقانون الدولي. بعد استنفاد السبل وبناء قاعدة توافق دولي قانوني تنفذ الدولة المعنية قرار الحرب. بعد اندلاع المعارك تتباين مواقف الدول القريبة والبعيدة، فتتعزز علاقات، وتتبدد علاقات، وتولد علاقات.

هذه مقدمة لازمة للحديث الشائك عن أبعاد ومدى الضرورة في اتخاذ قرار الحرب لضرب سد إثيوبيا لتحرير مياه النيل من الأسر الحبشي .

قرار الحرب في عام ٢٠٢١ يختلف كليا عن قرار الحرب في السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣.

لقد مرت ٤٨ سنة على حرب تحرير سيناء، واليوم يتحدث المصريون لحد الضغط على صاحب القرار السياسي عن الذهاب إلى تحرير النيل.

في حرب أكتوبر، اتفقت القوتان العظميان- بتعبيرات تلك الفترة- وهما الاتحاد السوفيتي الراحل والولايات المتحدة الأمريكية- على سياسة سميت وقتها " "detenteأدت إلى الأخذ بسياسة اللاحرب واللاسلم؛ أي يبقى الوضع في سيناء والجولان والأراضي المحتلة الفلسطينية على ما هو عليه؛ أي استمرار الاحتلال الإسرائيلي.

الوضع الدولي إذن مضاد لصانع القرار المصري، والوضع الداخلي يغلي، ويضغط في اتجاه الحرب، فيما التزم الرئيس الراحل أنور السادات وقيادات الجيش الصمت والسرية المطلقة، مع تنفيذ خطط الخداع الاستراتيجي، والتجهيز لتحرير سيناء، لتحريك المجتمع الدولي.

لم يكن قرار الحرب شاملا تحرير سيناء، بل لإلحاق أفدح الخسائر بإسرائيل وتحرير قناة السويس، وبناء جسور، والتمركز في المرحلة الأولى بعدها، وما يرتبط بذلك من إثارة الاهتمام الدولي.

وهذا كله تحقق، حسب التوجيه الاستراتيجي وقتها الذي راعى القدرات الشاملة للدولة حينئذ: حرب تحريك، لا تحرير.

واليوم ومع الإخطار الرسمي من إثيوبيا لمصر ببدء الملء الثاني لسد النهضة، الذي يعني حبس النيل عن مصر والسودان تجد مصر حتى من قبل وصول هذا الإخطار أن إثيوبيا تريد الدفع في اتجاه التصعيد والابتزاز، وربما الحرب.

هل تريد مصر الحرب؟ بالقطع لا. هل ذهبت مصر إلى أي حرب خارج أراضيها بهدف الغزو؟ بالقطع لا.

الذهاب إلى حرب اليمن كان كارثة استراتيجية. هل تريد إثيوبيا دفع مصر إلى ضرب السد؟

هل بوسع مصر بعد استنفاد السبل الشرعية والعرض على مجلس الأمن إطلاق قدراتها الجوية والصاروخية على جسم السد؟

هل بوسع مصر مواصلة المفاوضات، وتحمل الملاوعات والمراوغات الحبشية إلى ما لا نهاية؟

مصر تعد في حالة دفاع شرعي عن النفس. المسألة هذه المرة ليست قطعة أرض عزيزة تحت الاحتلال. بل المسألة أن يعيش المصريون كلهم أو يجوعون. حياة أو موت. النيل حياتنا. الزراعة والصناعة والثقافة والسياحة والعمران. النيل هو مصر ومصر هي النيل. هذا كله تعلمه القيادة السياسية المصرية، لكنها تستنفد كل السبل، ولن تسمح لنفسها قط أن تتحمل مسئولية أخذ النيل رهينة بيد الأحباش، وتجفيفه ليصير ترعة ضخمة بلا مياه.

فى الوقت ذاته، يبدو الموقف الدولي مرواغا، وبخاصة الولايات المتحدة، ولننتظر جلسة مجلس الأمن بعد الخميس، ولسنا من المتفائلين بما سوف تسفر عنه المكاشفات والمباحثات قبل الجلسة وفي أثنائها، لكن هذا كله ضروري.

هل يفرضون علينا القتال؟ هل الهدف النهائي هو التوريط، ثم العقاب؟

مصر واعية بالتاريخ ودروسه، ومن أبرزها أن مصر القوية جدا لن يقبل الأوغاد في الغرب قوتها.

دروس محمد علي وجمال عبد الناصر وصدام حسين تتراءى في مقدمات الصورة.

لا شك أن هذه الاعتبارات كلها بحذافيرها قائمة وساطعة لدى صانع القرار الوطني المصري.. كان الله فى عونه.

ما بين الضغط الداخلي المشروع، والاستهانة الدولية غير المقبولة، بينما النيل يقبع داخل القفص الإثيوبي - تبقى دواعي الحرب أكثر إلحاحا، مهما تكن التكلفة.

إعلان