إعلان

مركز "الشهيد محمد مبروك" لدراسات الإسلام السياسي

د. أحمد عمر

مركز "الشهيد محمد مبروك" لدراسات الإسلام السياسي

د. أحمد عبدالعال عمر
08:02 م الخميس 22 أبريل 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أعيدوا المساجد لله

والقمح للمنحنين وراء محاريثهم في الحقول

ولا تجمعوا بين جوع جماجمكم

والجياع المساكين تحت جنى الجنتين الظليل.

بتلك الكلمات الرائعة أنهى الصديق الشاعر محمد زايد الألمعي قصيدته "حارس السنبلة" التي كتبها في رثاء المفكر والسياسي اليمني "جار الله عمر" الذي اغتالته في صنعاء يد الغدر الجاهلة المتأسلمة في 28 ديسمبر 2002.

وقد كان القاتل المهووس دينيًا مجرد أداة في يد قيادات الإسلام السياسي، وحزب الإصلاح الإخواني المتحالف -في ذلك الوقت- مع نظام حكم علي عبد الله صالح، الذي أطلق له العنان في السيطرة على المساجد والشارع، وتخريب العقول وتسميمها، والتجهيل بنشر أفكار وأوهام الحاكمية والخلافة.

ثم التكفير وقتل الخصوم والمعارضين باسم "الإسلام الحركي" الذي لا يقبل فصل الدين عن الدولة، وأن يكون الإسلام عبادات ومعاملات، والذي يُوظف في الباطن الدين لمصالحه المالية والسياسية، ويدعي "الطهرانية" وخدمة مصالح وثوابت الإسلام في الظاهر.

وقد تذكرت تلك الأبيات، واستشهاد "جار الله عمر" وأنا أتابع من خلال مسلسل الاختيار (2)، الحلقة التي نفذت فيها جماعة الإخوان المسلمين وأدواتها من جياع العقول الجهلاء المغيبين المهووسين دينيًا، عملية اغتيال المقدم محمد مبروك، ضابط الأمن الوطني الخبير في نشاط الجماعة، والشاهد الأول في قضية التخابر التي أُتهمت فيها قيادات الجماعة بتسريب وثائق ومعلومات رسمية سرية تضر بالأمن القومي المصري لأجهزة مخابرات دول عربية وأجنبية.

وقد كشف لنا هذا العمل الدرامي المميز الكثير من شخصية ودور الشهيد المقدم محمد مبروك في مكافحة الأنشطة التخريبية لجماعات الإسلام السياسي، ومدى رصانة معرفته وخبرته بخفايا جماعة الإخوان المسلمين خاصة، وأفكار وسلوكيات قياداتها وقواعدها، ومدى خطورتها على الأمن القومي المصري، وعدائها الفكري والتنظيمي لمفهوم ومؤسسات الدولة الوطنية المصرية، وحجم وتنوع مخططاتها للاستيلاء على السلطة وحكم مصر.

وهي المعرفة والخبرة التي دفعتهم للتخلص منه باغتياله يوم 17 نوفمبر 2013، ليرحل عن دنيانا فداء لأداء واجبه الوطني الذي تصدى للقيام به بكل شجاعة ونكران ذات، تاركًا خلفه زوجة وثلاثة أبناء، كانوا في ذلك التوقيت أطفالًا صغارًا.

وقد نجح المسلسل في تجسيد دوافع وتفاصيل ولحظة الاغتيال بشكل نُصب معه سرادق عزاء من جديد للشهيد محمد مبروك في قلوب المصريين قبل بيوتهم، بعد مرور سبع سنوات على رحيله؛ وجعل من الشهيد محمد مبروك بطلًا وطنيًا جديدًا سيعيش في وجدان المصريين لعقود طويلة قادمة.

ولكن كم أتمنى ألا يتوقف تكريم الشهيد محمد مبروك عند هذا الحد، وأن يكون اسمه عنوانًا في قادم أيامنا لمعركة في ميدان الوعي والعقول في مواجهة جياع العقول من دعاة الإسلام السياسي؛ للتخلص من هذا الداء الذي أبتلينا به بشراسة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وسمم عقول البسطاء والمغيبين، وصار خنجرًا مسمومًا في ظهر الدولة الوطنية، وأداة في يد أعدائها لإضعافها وإفشالها وتعويق مسيرتها.

وهذا لن يكون إلا بتفكيك خطابات ومشاريع الإسلام السياسي بأشكاله وتوجهاته المختلفة وبدراسة ماضيه وحاضره ومستقبله، وحدوده ومخاطره وارتباطاته الخارجية، وعلاقته بمشروع الدولة الوطنية، عبر تأسيس مركز لدراسات الإسلام السياسي يحمل اسم "الشهيد محمد مبروك" كوحدة ذات طابع خاص، يتم إنشاؤها في جامعة القاهرة أو في أكاديمية الشرطة.

وبهذا يمكن أن نُكرم "الشهيد محمد مبروك" أفضل تكريم، وأن نُعيد من خلال الدراسات الرصينة الجادة للمركز الذي سيحمل اسمه ويواصل مسيرته، المساجد لله، والدين لله، ونحرر البسطاء والمساكين المغيبين من سطوة جياع العقول تجار الدين، ونجعل الوطن للجميع، ونحافظ على ثوابت ومؤسسات وهوية الدولة الوطنية المدنية المصرية.

إعلان

إعلان

إعلان