لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إياكِ أعني واسمعي يا جارة!

سليمان جودة

إياكِ أعني واسمعي يا جارة!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 28 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا بد أن نتوقف أمام العبارات التي قالها بيتر سيارتو، وزير خارجية المجر، خلال زيارته التي قام بها إلى القاهرة ٢٣ من فبراير!

الوزير سيارتو قال في أثناء مؤتمر صحفي عقده مع وزير الخارجية سامح شكري ما يستحق أن يكون مانشيتات عريضة في صدر كل صحيفة مصرية؛ لعل الذي لم يسمع بما قاله الرجل يسمعه، ولعل الذي لم يتوقف أمامه يتوقف، ويتأمل!

مما قاله إن مصر قدمت معروفاً كبيراً للقارة الأوروبية كلها، عندما أوقفت الهجرة الشرعية من شواطئها إلى شواطئ أوروبا عبر البحر.

وأن القاهرة استطاعت على امتداد ست سنوات وقف الهجرة كاملاً إلى أوروبا، ثم قال: على العالم تقديم الدعم المالي لمصر، لأن الهجرة غير الشرعية إلى الشواطئ الأوروبية لو لم تتوقف، لكانت القارة العجوز تواجه وضعاً صعباً في اللحظة الحالية.

وفي ختام تصريحاته قال: كثيرون في قارتنا كانوا يتحدثون عن صعوبة وقف الهجرة غير الشرعية، ولكن المصريين أثبتوا أن ذلك غير صحيح، عندما استطاعوا التحكم في شواطئهم بكفاءة، وعندما منعوا المهاجرين غير الشرعيين من التدفق في اتجاه القارة الأوروبية.

ليس هذا وفقط، ولكن الوزير المجري دعا المفوضية الأوروبية من مقرها في العاصمة البلجيكية بروكسل إلى تقديم الدعم المالي إلى الحكومة المصرية.

هذا بعض من كل، وهذا شيء من أشياء قالها وزير خارجية المجر على مسمع من وكالات الأنباء العالمية التي كان مندوبوها حاضرين يسمعون، والتي كان على مندوبيها أن ينقلوا ما سمعوه إلى أنحاء العالم؛ لعل هذا العالم يعرف كيف تتصرف مصر بمسئولية في ملف الهجرة على سبيل المثال.

ونحن نعرف أن الرئيس السيسي كان قد أعلن في أكثر من مناسبة أن مهاجراً واحداً لم يخرج من الشواطئ المصرية إلى الشاطئ الآخر من البحر المتوسط منذ عام ٢٠١٦، وأن الأجهزة المصرية المعنية كانت ولا تزال تتعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية بجدية كاملة.

ولم تخرج تصريحات سيارتو عن المعنى الذي كان الرئيس يؤكده في مناسبات كثيرة، ولكن الفارق أن شهادة كهذه تأتي من وزير أوروبي وعلى أرض القاهرة نفسها، ولو شئنا عنواناً جامعاً لتصريحات الوزير المجري لكان هذا العنوان هو آية القرآن الكريم التي تقول: "وشهد شاهد من أهلها".

وليس هذا هو الفارق الوحيد، ولكن فارقاً آخر أهم يبقى في الموضوع، إذا ما عقدنا مقارنة بين موقف تركيا في هذا الملف، والموقف المصري الذي تكفل الوزير سيارتو بإظهار معالمه الأساسية.. فأوروبا لم تتعرض للابتزاز، كما تعرضت له في ملف الهجرة غير الشرعية من جانب حكومة أردوغان الذي حصل على أموال كثيرة من الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لحجز المهاجرين فوق أرض بلاده ومنعهم من الوصول إلى أوروبا.

كان يحتفظ بالمهاجرين من سوريا ومن غير سوريا على أرض تركيا، وكان يستخدمهم ورقة في علاقته مع القارة الأوروبية، وكان يمارس بهم كل ما يستطيعه من ابتزاز مع الأوروبيين.. كان يفعل ذلك ولا يزال، وكان يفعله على الملأ رغبةً في المزيد من المال الأوروبي، وكان كلما أراد المزيد من هذا المال، هدد بإطلاق المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود.

وأظن أن ما عاش أردوغان يمارسه تحت لافتة المهاجرين غير الشرعيين كان حاضراً في ذهن الوزير سيارتو حتى وإن لم يصرح به في العلن.

لقد كان يذكر ما قاله مع نظيره المصري، ولسان حاله يقول: إياك أعني واسمعي يا جارة.

إعلان