لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تقسيم سوريا وتغيير خريطة المنطقة

د. أحمد عبد العال عمر

تقسيم سوريا وتغيير خريطة المنطقة

د. أحمد عبدالعال عمر
07:01 م السبت 30 نوفمبر 2024

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مع احترامي للضعف الإنساني، والرغبة في الحفاظ على النفس والشعور بالأمان، اللذين دفعا الإخوة السوريين بالملايين لترك بلادهم وأرض أجدادهم، وتحولهم إلى لاجئين في بلاد الآخرين، فإني أظن اليوم أن تهجيرهم وتيسيره مع بداية الحرب الأهلية السورية كان مؤامرة تهدف لتفريغ المدن السورية لتصبح الأرض مسرحا لتنفيذ مخطط تمزيق وإسقاط وتقسيم الدولة السورية، مع التقليل بقدر الإمكان من حجم الخسائر البشرية حتى يظل ضمير العالم في الثلاجة.

ومع تجدد الصراع في سوريا بالريموت كنترول من الخارج مؤخرًا، بعد إعلان فصائل المعارضة السورية بدء عمليات عسكرية ضد قوات نظام الأسد في منطقة حلب وسيطرتهم على العديد من القرى والبلدات في محيط مدينة حلب، واحتلال بعض أحياء المدينة، ومع تجدد انقسام السوريين المقيمين فيها أو الفارين منها، حول دعم وتأييد أطراف الصراع، يتأكد لنا أن بعض الشعوب في منطقتنا شريكة في جريمة تقسيم بلادها، وهدم مؤسساتها الوطنية بسبب ضعف انتمائها وولائها الوطني، وبسبب تقديم انحيازاتها الطائفية والقبلية والعشائرية على انحيازاتها الوطنية..

كما يتأكد لنا أن من ينتظر خيرًا من جماعات الإسلام السياسي، والجماعات الإرهابية المدعومة من الخارج لاسقاط الدولة السورية مثل جبهة النصرة، وأحرار الشام، والجيش السوري الحر، وجند الإسلام، والدواعش، وغيرهم، هَو إنسان واهم أو غافل أو عميل؛ لأن الوضع في سوريا ذاهب لخراب أكثر، ولتقسيم سوريا إلى ثلاث دول بعد هدم مؤسسات الدولة وتمزيق وحدة الجيش السوري، بالضبط كما حدث في العراق وليبيا واليمن.

وأنا على يقين تام بأن هذا الخراب والتمزيق والتقسيم، بعد هدم مؤسسات الدولة والجيش الوطني، هو ما كان يُراد له أن يحدث في مصر بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، ونجونا منه بفضل عناية الله، وبفضل وعي المصريين وقوة جهاز مناعتهم الحضاري والوطني، وبفضل وحدة وتماسك وقوة جيشنا الوطني ومؤسساتنا الوطنية.

والوعي بذلك اليوم قضية وجود وأمن قومي؛ لأن الاستهداف لن يتوقف، ولأن الأعداء الظاهرين والمخفيين الطامحين لتحقيق ذلك المخطط لم ييأسوا بعد؛ لأنه مخطط قديم، كشف لنا بعض ملامحه وأهدافه الكاتب الصحفي اللبناني الراحل ميشال أبو جودة، في مقال نُشر بجريدة النهار اللبنانية يوم 13 سبتمبر 1974، عندما قال:


"إنّنا نواجه عمليّة تغيير كاملة لخريطة المنطقة؛ دول كاملة ستزول، ودول جديدة ستقوم.

لقد تمّ الاتفاق على الحدود، ووضعت خطط القسمة، لكنّ النيّات غير صافية ولا بدّ من تعديلات طفيفة هنا وهناك، وسيجري التعديل بالسكين والقنبلة والمسدّس الكاتم للصوت والسيّارة ذات الرقم المزوّر التي تسير عكس السير فلا يخالفها أحد.

وكلّ هذه التعديلات ستجري في الجسم الحيّ لكلّ الذين يقاومون أو يعترضون أو حتّى يشكّ في أنّهم يعرفون.

إنّها لحظة موت عالم قديم، لكنّه موت بلا ميلاد.

إنها عمليّة اغتيال سيرث فيها القاتل تركة القتيل، ويُذبح القّصّر والأيتام.

ستكون حروب ليس لها شرف الحرب، وثورات تشين سمعة الثورات.

صلّوا من أجل أن يكون عبورنا لذلك اليوم العظيم سريعًا وخفيفًا. اللهم لا أسألك رد القضاء، ولكن اللطف فيه".

إعلان