إعلان

الانفلات التشريعي!‏

محمد حسن الألفي

الانفلات التشريعي!‏

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 23 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

كما أن الانفلات الإعلامي الجاري خطر على الأمن والاستقرار، ‏وأدى، من قبل، إلى انفلات أمني في عام ٢٠١١، فيمكن القول بنبرة ‏تحذيرية حزينة إن الانفلات التشريعي سيقود البلاد إلى دائرة ‏الغضب.

المقصود بالانفلات التشريعي هو التسابق المحموم نحو ‏تشريعات توجع الشعب، على الرغم من أن المشرّع هو ممثل الشعب، لا ممثل ‏الحكومة.

مجلس النواب "الموقر" أدخل تعديلات على قوانين الشهر ‏العقاري، بهدف تسجيل العقارات، وبناء قاعدة بيانات ضخمة، تمثل ‏هوية كاملة لكل عقار في مصر، بدونها، لا يمكنه التمتع بالخدمات: كهرباء، وماء وغاز... ألخ، وتقل قيمته السوقية عند البيع وعند الشراء. ‏

بالطبع، هذا تشريع لا يجوز النيل منه ولا رفضه، لكنه تشريع ‏أصاب الوقت الخطأ والوطن الخطأ. لا الوقت مناسب للمصريين ولا ‏هو مناسب لمصر. والقياس على ما سبق من قرار تعويم الجنيه ‏والشروع في عملية الإصلاح الاقتصادي، وأن المصريين صبروا، ‏وتحملوا، هو قياس سياسي خطأ.

لقد أقنع الرئيس عبد الفتاح ‏السيسي الشعب بأن تلك الجراحة الاقتصادية العميقة كانت ضرورة ‏حياة. اليوم يرى الشعب أن التشريع العقاري الأخير هو ضرورة ‏جباية.

ستذهب الحكومة بعيدا في التبرير، والتفسير، وربما ستقسم ‏بالمصحف إن الهدف ليس الجباية. نميل إلى تصديقها.

لكن حين ‏يضع المواطن سلسلة من المطالبات المالية الضاغطة على جيبه ‏وأعصابه وحياته اليومية، حين يضعها جنبا إلى جنب، سينفجر ‏متسائلا: هو في إيه بالضبط؟!‏

الجباية سيدة الفلسفة القائمة. وما نقوله ليس بجديد، ولم يئنّ أحد من ‏قبل حتى في عز ارتفاع الأسعار في أعقاب تعويم الجنيه في مواجهة ‏الدولار، لأن الناس رأت حسن النية والتفهم والرغبة الحقيقية في ‏الأخذ بيد البلاد نحو الاقتصاد العالمي ودمج اقتصاد مصر به، ‏وهو ما آتى ثماره، ونجحنا فيه.‏

على الرّغم من الآلام تحمل الشعب مع الرئيس والحكومة.‏

اليوم يشعر الناس أن الحكومة والبرلمان اجتمعا عليهم.

هل عارض ‏نواب من الشعب إصدار هذا التشريع؟

هل كانت معارضة مؤثرة؟

‏هل شرح أحد لبقية المتحمسين لإصدار تشريع جباية جديد أن الوقت ‏خطأ مائة في المائة؟

حين يضيق صدر المصريين تراهم ينزعون إلى ‏إطلاق النكات. ليالي الخميس كانت ليالي إصدار قرارات تصفها ‏الحكومة بالصب في مصلحة المواطن. وسخر المواطن من عمليات ‏الصب المتوالية، لكنه واصل التحمل.

اليوم لم يعد بوسع ظهور ‏المصريين التحمل؛ لأن الحمل ثقيل ومؤلم. وباتت الدخول الإضافية ‏على الرواتب هباءً منثورا بفعل قوانين التحصيل وفرض الرسوم.‏

أصلا الخدمات، من كهرباء، ومياه، ومرور، وتعليم ... إلخ - كرابيج ‏لاسعة، وحين يطرق محصل الكهرباء باب البيت، وتراه من العين ‏السحرية ينقبض قلبك! وتتمنى لو ينصرف قبل أن يدفع إليك بكعب ‏الإيصال، ويصدمك..!‏

لا يا برلمان الشعب، الإحساس بالشعب والتعبير عن مصالحه ‏أولوية.

الموافقة على تشريعات تطلبها الحكومة ينبغي ألا تكون بلا ‏تريث، ولا حسابات ولا مواءمات. عند الضرورة القصوى نقبل، ‏ونتحمل، لكن عند ضرورات العكننة على الناس وملء صدورهم ‏بالزعل والاحتقان، فإن هذا البرلمان يناصب الشعب الذي ‏اختاره التناقض. بحذر وتحسّب، اخترت اللفظ الأخير (التناقض)؛ ‏لأنه لا يمكن أن يعادي مجلس الشعب – الشعب!‏

الحكمة التي أبدتها القيادة السياسية طيلة السنوات التي مرت، واتخذت ‏فيها قرارات صعبة، وتحملها الناس حبا وثقة واقتناعا بالرئيس ‏ووطنيته - تبدو غائبة تماما عمن يتعجل، ويعمل بقصد أو بدون- ‏ونميل للأخيرة- على إشعال الصدور.

موازنة تقوم على الجباية المتصلة، وتتفنن في التحصيل هي موازنة ‏مخلوطة بدموع الناس وآلامهم.

وحين نقرأ التاريخ القريب سنرى أن سياسة الملتزم أدت إلى انفلات وعدم التزام.‏

شيء من السباب اللطيف..! ربما يغنى عن متعة الضرب العنيف..! في ‏ميّت أو محتضر.

إعلان