لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الثقوب السوداء

نهاد صبيح

الثقوب السوداء

نهاد صبيح
07:30 م الجمعة 03 يوليو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تعيش البشرية فترة عصيبة من العزل الصحي والترقب الآمل في الانفراج، وهذا ما جعلنا بشكل شبه جماعي نقترب من أجهزتنا الذكية حد التصاقها بأيدينا من فرط التعلق، وجعلنا أيضًا -غصبًا- نطلع على أخبار ومعلومات كثيرة وغزيرة، منها ما هو مفيد، ومنها ما هو مسلٍ لملء الفراغ فقط، ومنها -أيضًا- ما ندعو الله أن يحفظنا منه.

ومع وفرة هذه المعلومات والأخبار لنا وقفة تأمل مع هذا الخبر:

العاشر من أبريل 2019 هو التاريخ الذي تم فيه التقاط أكثر الصور وضوحًا لثقب أسود، وأعلن فريق دولي عن أول صورة تم التقاطها له بواسطة شبكة عالمية من التلسكوبات تمتد من الصين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مرورًا باليابان وتشيلي وبلجيكا وتايوان.

هذا عن الحدث أما عن المتحدث عنه أي الثقب الأسود، فقد عرّفه العلماء بأنّه منطقةٌ في الفضاء تتمتّع بجاذبيّة قويّة جدًا، لا يستطيع حتى الضوء الهروبَ منها؛ لأنّ المادة في هذه المنطقة تتمتّع بكثافة عالية، أي أنه بكل بساطة عبارة عن نجم عملاق فقد طاقته ثم انهار وأصبح منطقة معتمة.

وهذه المعلومات تعد مهمة للمتخصصين، أما عامة البشر فهل يعنيهم وجود ثقوب سوداء بالفضاء؟ أو بمعنى أكثر وضوحًا، ما هو أثر وجود ثقوب سوداء على كوكب الأرض؟

الثقوب السوداء بعيدة جدًّا عن كوكب الأرض، فأقرب ثقب إلينا يبعد عن الأرض 1600 سنة ضوئية، علمًا بأنّ سرعة الضوء تعادل 300 ألف كم في الثانية الواحدة، لذا فإنّ الأرض لن تتأثّر بالثقوب السوداء.

ولأن الطبيعة متناغمة ومتناسقة وتحاكي بعضها البعض فوجود الثقوب السوداء ليس مقتصرًا على الفضاء الكوني، إنها موجودة في فضاء الأنفس أيضًا، فكم من نفس كانت مضيئة كنجوم السماء وتحولت بفعل يدها إلى ثقوب سوداء مظلمة، بل أشد إظلامًا من ليل معتم، ليل حالك السواد.

ولم ينتهِ الأمر عند ذلك، بل إن هذه الأنفس حاكت الطبيعة تمامًا، فأصبحت تجذب إليها كل ما حولها، سواء كان معتمًا أو مضيئًا دون ذنب منه، إلا أنه اقترب منها.

وقد نرى هذا واضحًا في حجم التشاؤم الذي نراه فيمن يحاول تجميع كل الأفكار والأخبار السوداء وإعادة نشرها على نطاق أوسع من حيز نفسه المظلمة.

وللخالق القدير في خلقه شؤون قد نعرفها، وقد تخفى علينا رحمة بنا وفضلاً منه، ولكنه أيضا سبحانه وتعالى أمرنا بالتدبر في أنفسنا أولاً وفيما حولنا فيما بعد، وهنا يأتي السؤال: لماذا يفعل البعض هذا؟!، لماذا لا يرى النور والجمال في الحياة، ويسلط الضوء على كل ما هو سيء وبشع؟! لماذا يتمنى البعض أن تكون (ضلمة وخرابًا).!

أهو الصراع حول البقاء، بقاء النجم بضوئه كان أو بعتمته؟

وفقاً للطبيعة البشرية، كلنا نتمنى أن نبقى ولكن...نبقى ونحن على يقين بحقيقة واحدة وأكيدة، وهي أنه لا دوام لحال لا استمرار لشيء لا كمال إلا لوجه الله، فالحياة نفسها جبلت على النقصان، فلماذا يتوهم البعض أن عليه أن يعيش حياة كاملة، ليس فيها أي نقصان؟!.

وهل بث كل ما هو مسيئ خبيث مفزع هو ما سيعدل ميزان الحياة؟!، وهل بتفزيع الناس وترويعهم وتعتيم عيونهم عن كل ميزة يعيشون فيها هو الخير والحق للبشرية جميعًا، إنهم من وجهة نظري يسلكون سلوكاً لا يحق أن يكون في البشر إنه فقط سلوك الثقوب السوداء.

إعلان