لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لو قالوا لك: البيت... سيقع !

محمد حسن الألفي

لو قالوا لك: البيت... سيقع !

محمد حسن الألفي
09:37 م الثلاثاء 28 يوليو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هل جربت أن تنام والبيت يطقطق ثم يسكت؟ هل جربت أن تنام وأنت ترى شرخًا في عمود، أو حتى في جدار بين العمودين؟

ما بالك لو هبطت الأرض تحت العمارة، ونزلت بك ربع سم أو ربع مللي؟

قلبي، بل قلوبنا، مع جميع سكان وشاغلي عمارة الشربتلي في الزمالك، وأي شربتلي أخرى في أي مكان في مصر. الاهتمام الشعبي والرسمي الذي حظيت به هذه العمارة، ليس لطبيعة موقعها في حي راقٍ، أو مشهور بأنه راق، الزمالك، فحسب؛ بل لأنها مصيبة حقا تقع على رأس أي إنسان أن يتهدد من بيته الذي يؤويه، ويوفر له السكن والطمأنينة والشخير العميق.

من أجل هذا تعاطف الناس مع كل السكان الذين تضرروا، ويتوجعون، جراء الهبوط الأرضي الذي زعزع أساسات العمارة الهائلة وبجوارها سفارة البحرين، أضرارها طفيفة وخارج المباني.

والحقيقة أن الدولة تحركت بسرعة للبت الهندسي في صلاحية العمارة من عدمه، وأظهر تقرير اللجنة الهندسية المؤلفة من أساتذة جامعة عين شمس برئاسة الدكتور مهندس عمرو عبدالرحمن أن الأضرار يمكن ترميمها.

كان وزير النقل الإنسان كامل الوزير طمأن السكان، وانتقل إلى موقع الضرر، إلا أن الخوف يراودهم، وسيغلف حياتهم تحت أسقف شقق هذه العمارة.

طرح الوزير بدائل عديدة. التسكين في شقق بنفس المستوي في نفس الحي، وهدم العمارة بالكامل وتحويلها إلى جراج متعدد الطوابق لخدمة المرور المخنوق أصلا في حي الزمالك. أو إعادتهم بعد الترميم إلى شققهم.

الضرر طبعًا بسبب مرور الحفار تحت الأرض عابرًا من تحت نيل ماسبيرو، لإنشاء محطة طلب الرئيس أن تكون باسم المذيعة الراحلة السيدة صفاء حجازي وفق تصريح الفريق كامل الوزير. والحق أن الرأي العام تعجب وتضرر، من إطلاق اسم السيدة الراحلة، لا انتقاصًا من قدرها رحمها الله، بل لأن هنالك أسماء أكبر وأحق، مثل الدكتور عبدالقادر حاتم الأب الشرعي للتليفزيون المصري، فضلاً عن أسماء أخرى تتجاوز عطاء وتاريخ السيدة الراحلة. أساتذة لصفاء نفسها الله يرحمها.

وقع إذن ضرر مضاعف بسبب حفار المترو، وبسبب اختيار اسم غير مناسب للمحطة المثيرة للجدل. والظاهر من حوار الفريق كامل مع سكان في العمارة تحت الترميم، ورغم أنه وعد بأن يقضي العيد مع السكان في شققهم داخل العمارة لكي يبث الطمأنينة في صدورهم، إلا أن الخوف عامل نفسي متشعب لا يمكن إغفاله. مهما حاول الإنسان أن يغمض عينيه، فإن الوسواس سيشتغل على أعصابه، وسيجافيه النوم، وستظل أعصابهم مشدودة، وسيصير لهم رد فعل عصبي سلوكيًا ولفظيًا.

لقد سقط الشعور بالأمان... والسكن.

هناك نقطة أيضًا يجب وضعها في الاعتبار... أن شاغلي العقار المضرور سكان بالإيجار، وإيجارات قديمة، في موقع طبقي، وبالتالي فهي جنيهات زهيدة. السعيد الوحيد في هذه المأساة صاحب أو أصحاب أو ورثة العقار.. ما لم تهده الدولة بموافقة السكان، والمالك، وتحوله إلى جراج مع دفع التعويضات المناسبة وبالأسعار السائدة.

القضية صعبة فعلا، والقرار فيها عسير، وتتدخل فيه اعتبارات عديدة... السكن الجديد، والأجر الجديد. والعلاقات الجديدة. أو النوم في عقار لست مطمئنًا له أو فيه !

العزال تحت قهر الخوف رعب مضاعف.

لكن.. هذا كله في كفة... وأن أنام وعيوني تحدق في السقف ترقب سقوطه فوق رأسي ورؤوس أولادي وزوجتي وأمي...

يبجثون عنا تحت الأنقاض....

كلا

لو أنا منهم...وكنت منهم ذات يوم في عمارة بـ١٥ مايو الحي الخامس... هبطت في الرمل وعملوا لها شدة وأساسات... ما قبلت العودة وهو ما فعلته، ولقبلت اقتراح الوزير كامل بالانتقال إلى سكن جديد في نفس الجو مع التعويض المرضي للجميع، وهدم العمارة وتحويلها إلى جراج عمومي.

الخوف إذا سكن القلب والعقل... طارت كل التطمينات... هندسية أو رسمية.

إعلان

إعلان

إعلان