لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ليبيا.. إلى أن تنضج!

عصام شيحة

ليبيا.. إلى أن تنضج!

عصام شيحة
09:00 م الثلاثاء 18 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يميل الجمهوريون إلى عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية؛ كسبيل لفرض النفوذ الأمريكي وتوجيه الأحداث صوب المصالح الأمريكية. إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشعبويته الفجة، أضاف جديداً في هذا الشأن؛ إذ سيطر عليه فكر استثماري رأى من خلاله أن العالم يستغل بلاده أكثر مما ينبغي؛ ومن ثم فهو يرى ضرورة مساهمة الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر في ميزانية حلف الناتو، مثلما حان وقت دفع دول الخليج تكلفة مساندة الولايات المتحدة لها ضد إيران وطموحاتها في الهيمنة على المنطقة.

والتزاماً بالاستراتيجية الأمريكية يرى ترامب أن انسحاباً أمريكياً من منطقة الشرق الأوسط يزيح أعباء مالية عديدة على بلاده؛ فلم تعد المنطقة جاذبة بثرواتها النفطية، كما كانت أيام الحرب الباردة، بعد تراجع الأهمية النسبية للنفط الخليجي، خاصة في ظل إمكانية التحول نحو النفط الصخري، فضلاً عن التقدم الهائل في الاعتماد على بدائل للطاقة.

حتى أمن إسرائيل، وهو ركن ركين في الاستراتيجية الأمريكية على مدى عقود طويلة، أظلمت فيها الحقوق العربية لصالح إسرائيل؛ فإن ترامب رأى أن يُسلم إسرائيل- إلى جانب الدعم المالي الكبير- مفتاح المنطقة بأسرها؛ إذ اعتمدها كسبيل متاح أمام العرب لمجابهة عدوهم الإيراني، ثم كانت صفقة القرن التي منحت إسرائيل كل شيء، ولم يعد هناك ما يحتاج إلى المساومة مع الفلسطينيين، لتظل اليد الأمريكية جاهزة للوصول بسرعة إلى المنطقة دفاعاً عن إسرائيل، أما غير ذلك، فمطلوب دفع تكلفة تحرك القطب الأوحد.

على هذه الخلفية، ترددت الخطوة الأمريكية كثيراً في الانخراط بجدية في الأزمة الليبية، تاركة الصراع بين تركيا والاتحاد الأوروبي والدول العربية المحيطة التي تتهددها مخاطر جمة جراء استمرار الأزمة الليبية وتحركها من خانة الصراع الداخلي على السلطة إلى ملجأ للإرهابيين، ومنصة لتهديد أوروبا بما تبثه من هجرة غير شرعية تستهدف الشواطئ الأوروبية.

وفي ذلك، يرى بعض الخبراء أن واشنطن تأخرت في رسم سياسة واضحة لها في ليبيا، وباتت تتعاطي مع الأحداث بشكل متأخر أتاح تميزاً للنفوذ الروسي المنافس. ولم يكن اتصال ترامب بالجنرال خليفة حفتر قائد الجيش الليبي إلا محاولة لذر الرماد في العيون الباحثة عن دور لواشنطن. فقيل إن واشنطن تدعم حفتر، وتداعت الضغوط الداخلية على ترامب لتذكره بأن حكومة السراج معترف بها، وإن حفتر يستعين بقوات مرتزقة روسية، وإن تركيا تسعي لاقتسام النفوذ في ليبيا مع روسيا، استكمالاً لتفاهماتهما في سوريا، ونمو علاقاتهما الاستراتيجية، خاصة أن تركيا استبدلت منظومة الصواريخ الروسية إس 400 بالمنظومة الأمريكية باتريوت، فيما شكل هاجساً أمريكياً دفعها لوقف التعاون الاستراتيجي مع تركيا فضلاً عن تأجيج الخلافات الأوروبية التركية.

غير أنني أرى أن الرهان يصلح على رغبة واشنطن في رؤية أنقرة تغرق في ليبيا، وتتصاعد الخلافات بشأن ليبيا داخل الاتحاد الأوروبي، وتتأزم المواقف بين موسكو وأنقره؛ ومن ثم تدخل أمريكا إلى المعركة متأخرة، ولكن بعد أن تكون كل الأطراف قد أصابها الإرهاق، وبات الحل الأمريكي مرغوباً من الجميع، وإلى حين ذلك، ينشغل ترامب بهمومه في الداخل إلى أن تنضج الأزمة الليبية، وتنتظر السكين الأمريكي، مع ولاية رئاسية جديدة لترامب.

Eshiha@yahoo.com

إعلان