- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في الحكمة اليونانية القديمة يتكون الكون من أربعة عناصر، هي الماء والهواء والنار والتراب. واحد من هذه العناصر يغلب على كل بلد من البلاد. هناك بلد مائي، يعيش أهله على الشواطئ وفوق الجزر؛ وهناك بلد هوائي، يعيش أهله فوق المرتفعات؛ وهناك بلد ناري يعيش أهله في مناطق قاحلة حارة. مصر بلد ترابي، فالتربة الطينية الزراعية تتحول ترابا بمجرد انحسار الماء عنها وجفافها، والرمال التي تملأ صحارينا ما هي إلا تراب ذو حبيبات كبيرة بعض الشيء، لكنها لا تستعصى على الرياح تحملها ترابا تقذفه في وجوهنا، حتى التلال المحيطة بالقاهرة، تتكون من صخور رسوبية، تتحول بسهولة إلى تراب تذروه الرياح، وتقذفه في وجوهنا وداخل بيوتنا.
هذه هي الطبيعة، ولا يلوم الطبيعة إلا معتوه؛ لكننا لا نرحم أنفسنا، ونصر على مضاعفة مشكلتنا مع التراب بطريقتنا في التصرف معه، أو في الحقيقة إساءة التصرف معه. الطبيعة، مهما كانت، جميلة. فالصحراء جميلة؛ والجبال جميلة؛ وكثبان الرمال المكدسة في الصحراء جميلة؛ وعندما تحمل الرياح كثبان الرمال هذه في كل موسم، فتنقلها من مكان إلى مكان، تكون النتيجة دائما جميلة. الأرض في وادي النيل ودلتاه جميلة منذ الأزل، وكم خلب مشهد الأرض الخضراء الخصبة ألباب العربان الرحل والبحارة القادمين من بلاد اليونان القاحلة. كانت أرض الوادي جميلة عندما يغمرها الفيضان، وجميلة عندما ينحسر عنها الماء، وجميلة عندما يزرعها الفلاحون، وجميلة أيضا عندما يتركونها بلا زرع لتنمو فيها الحشائش والهيش.
الطبيعة جميلة، فأينما نظرت في بقعة لم تصلها يد الإنسان إلا ووجدتها جميلة. خلق الله الإنسان لإعمار الأرض، ومن أوجه الإعمار الحفاظ على الجمال الذي منحه الله لنا في الطبيعة، أو تبديله بجمال مستحدث عندما يكون الحفاظ على الجمال الرباني مستحيلا. الفارق بين تعمير الأرض وتخريبها، هو الفارق بين الجمال والقبح؛ فلا يكفي أن نبني بيوتا وطرقا ومدنا، ولكن يجب أن يكون ما نبنيه جميلا حتى يستحق أن نطلق عليه تعميرا. مشكلتنا أننا لا نحرص على الجمال ونحن نبني المدن ونزرع الحقول، فتجدنا وقد بدلنا الجمال قبحا، ثم نشكو من الخنقة والضيق والزهق، دون أن نلاحظ أننا فعلنا هذا بأنفسنا، عندما اخترنا استبدال القبح بالجمال.
مصر بلد ترابي، وفي كل مرة نحاول فيها تعميرها فإننا نخلق مزيدا من التراب، ولكن بدلا من التراب الجميل الموجود في الصحراء والحقول وفوق الجبال، فإننا نخلق أتربة، نكومها بشكل عشوائي على جوانب الطرق، وفي المساحات الخالية بين البيوت، وفي أي متر مربع لم نبنيه أو نزرعه. وزارة التعمير والإسكان تبني المدن والبيوت، ووزارة النقل تشق الطرق وتبني الكباري، ووزارة الري تشق الترع وتطهرها؛ ولأن كل وزارة من هؤلاء تقوم بمهام وظيفتها بالضبط، ولا تتعداها إلى أي شيء آخر يزيد عنها، فإن التراب المتخلف عن عمليات البناء والحفر والتشييد والري يبقى بلا أحد مسئول عنه، فتجد مخلفات البناء ملقاه بالقرب من المساكن، ونواتج تطهير الترع وحفرها مكدسة على جانبي الترع، ونواتج شق الطرق ملقاة بمحاذاة الطرق الجديدة. والنتيجة المترتبة على ذلك هي مشهد سيريالي شديد العبثية، فالمباني والعمارات الجديدة الجميلة تطل على مخلفات الحفر والبناء؛ والطريق الناعم كالحرير تشوه جماله أكوام التراب والأسفلت القديم المكسر المحاذية له؛ وإذا كتب عليك أن تعيش في بيت يطل على ترعة أو مجرى مائي، فلابد أن تقع عينك على أكوام مخلفات التطهير التي تضيف إليها وزارة الري طبقة جديدة كل موسم. فإذا كان لدينا كل هذه الوزارات والإدارات التي تنتج كل هذا الكم من التراب، فلماذا لا ننشئ وزارة واحدة مسئولة عن التخلص من التراب ومعالجته وتجميله.
إعلان