لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لو كان أمر الحد الأدنى في يدي..!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

لو كان أمر الحد الأدنى في يدي..!

سليمان جودة
09:00 م الأحد 21 يوليو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في اجتماعه الأسبوعي قبل أيام، وافق مجلس الوزراء، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع قرار بالحد الأدنى الجديد للأجور !

كان الرئيس قد قرر قبل فترة رفع الحد الأدنى للأجور من ١٢٠٠ جنيه إلى ٢٠٠٠ جنيه، وهي الزيادة الكبرى من نوعها في الحد الأدنى للأجور، الخاص بالعاملين والموظفين لدى أجهزة الدولة والهيئات العامة الاقتصادية، من المخاطبين بقانون الخدمة المدنية وغير المخاطبين به !

وما كانت الحكومة ستفكر في زيادة بهذا القدر، ما لم تكن تعرف جيداً أن الغالبية من رعاياها لا تستطيع العيش بحد أدنى ١٢٠٠ جنيه في الشهر، ولا حتى بضعف هذا الرقم !

وفي أيام الرئيس الأسبق مبارك، كان المواطنون كلما ضجوا من ارتفاعات الأسعار، جاء الرد جاهزاً بأن ارتفاعات الأسعار ظاهرة عالمية، وأننا هنا في القاهرة لا ننفرد بها، وأنها محل شكوى من الناس في كل مكان، وأنها قاسم مشترك أعظم بين الدول !

وكان هذا في وقته من نوع الحق الذي يراد به باطل، أو كان مثل إبداء نصف الجملة في الكلام وإخفاء نصفها الآخر !

وكان النصف الآخر هو أن الأسعار مرتفعة في كل عاصمة تقريبا.. هذا صحيح.. ولكن الأصح منه أن المواطن في تلك العواصم المقصودة يحصل على أجر مرتفع، بما يجعله قادرًا على احتمال ارتفاعات الأسعار، وبما يجعل معاناته منها في الحدود المعقولة !

ولو أن أي حكومة في العالم.. بما فيها حكومتنا طبعا.. قد خيرت مواطنيها بين رفع الحد الأدنى في الأجر، وضبط الأسعار والسيطرة عليها، فسوف يكون البديل الثاني في الغالب هو الذي سيقع عليه الاختيار، وسوف يكون الاختيار أن الإبقاء على الأجور كما هي، مع كبح جماح أسعار السلع الأساسية على وجه الخصوص- أفضل بكثير من رفع الحد الأدنى بنسب عالية، ثم ترك المواطن فريسة لارتفاعات تلتهم الزيادة الجديدة في الحد الأدنى وتتجاوزها بمراحل وخطوات!

ولو كان الأمر بيدي لفكرت في الموضوع بشكل مختلف قليلا، ولجعلت الحدد الأدنى الذي على الحكومة أن توفره للمواطنين هو الحد الأدنى للخدمات.. وليس للأجور !

والقصد بالخدمات هنا هو الخدمات العامة التي لا بديل أمام كل حكومة إلا أن تتيحها بمستوى آدمي لكل مواطن يحمل جنسيتها ويعيش على أرضها !

والخدمات العامة كثيرة، ولكن على رأسها خدمتان اثنتان:

أولاهما- الخدمة التعليمية التي تعني حق كل مواطن في أن يتلقى خدمة تعليمية جيدة.

والثانية- هي الرعاية الصحية، وتعني حق كل مواطن- أيضا- في أن يتلقاها على مستوى يليق بآدميته وإنسانيته !

وإلى جوارهما تقف خدمات أخرى طبعا، ليس أولها حق المواطن في سكن كريم، ولا آخرها حقه في أن يجد في بلده شبكة من الطرق تسهل له الانتقال من مكان إلى مكان، وتجعل من عملية انتقاله عملا محببا إلى نفسه، لا عقابا يتلقاه كلما غدا من بيته أو راح !

هذا ما يقول به العقل .. وهذا ما يشير إليه المنطق !

وإلا، فما قيمة أن تظل الحكومة ترفع في حد الأجور الأدنى، وتملأ جيوب المواطنين بالفلوس، ثم لا تهتم بمستوى الخدمات العامة التي لا سبيل لكل فرد إلى العيش الكريم بدونها؟!

ارفعوا الحد الأدنى للخدمات العامة في البلد، واجعلوه محل تركيز في سياسات الحكومة.

واجعلوا الصحة والتعليم على رأس قائمة هذه الخدمات دون منافس.

ولا عليكم بالباقي؛ لأن المواطن سيكون كفيلا بالحد الأدنى للأجور، إذا ما كان الحد الأدنى للخدمات عند مستوى طموحه، ورغبته، وأمله، ومبتغاه !

إعلان

إعلان

إعلان