لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حوكمة المدن وعاصمة الثقافة الإسلامية ٢٠٢٠

د. غادة موسى

حوكمة المدن وعاصمة الثقافة الإسلامية ٢٠٢٠

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:19 م الأحد 22 ديسمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الحوكمة والثقافة الإسلامية، والحوكمة الحضرية، ثم الحوكمة المستدامة... جميعها يشير إلى تزايد إدراكنا بأهمية سياسات ومنظومات الحوكمة من جهة، وأيضًا سياسات حوكمة المدن والتنمية الثقافية من جهة أخرى.

فحكومة المدن تشير إلى كيفية حكم المدن، وإدارة هذا الحكم من خلال منهج؛ لصنع القرار يتضمن مشاركة الأطراف أصحاب المصلحة والمتأثرين والفاعلين النشيطين كالمبتكرين وأصحاب المبادرات. ويستلزم تطبيق حوكمة المدن أو "الحوكمة الحضرية" إلى جانب الأطر التشريعية والقانونية وجود عمليات تنظيمية وإدارية واضحة، وكذلك آليات وأدوات نشطة حتى تتمكن إدارات المدن من التفاعل والاستجابة لاحتياجات السكان والمقيمين فيها.

ولكن ما نحن بصدد الحديث عنه في هذا المقال لا ينصرف إلى حوكمة سياسات وإجراءات الحصول على ضرورات الحياة في المدن، مثل: الأمن والمسكن الملائم وغيرها من الضرورات الحياتية، وإنما حوكمة النشاط الثقافي، وبعبارة أدق البحث في كيفية حوكمة النشاط الثقافي للمدن كإحدى الخدمات التي يمكن تقديمها للمتواجدين فيها

---

وبالأمس تسلمت مصر شعلة القاهرة كعاصمة للثقافة الإسلامية للعام ٢٠٢٠، وهو خبر أدخل السرور في قلوب العديد منا؛ لأننا كثيرًا ما نصف القاهرة بالقاهرة الإسلامية والفاطمية والمملوكية. وحان الوقت -بهذه المناسبة- أن نشرح للداخل وللخارج ما معنى أن تكون القاهرة "عاصمة للثقافة الإسلامية"، وكيفية حوكمة الخدمات الثقافية بشكل عام، وتلك المرتبطة بالحدث ذاته. وفي هذا الصدد أستدعي الهدف الحادي عشر (١١) من الخطة الأممية للتنمية المستدامة ٢٠٣٠، والتي تشير إلى "جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الاستدامة.

جدير بالذكر أن هذا الهدف لا يشير فقط إلى المدن في شكلها التقليدي المتعارف عليه، كما أن عبارة "الثقافة الإسلامية" لا يجب أن تجرنا إلى الاتجاه التقليدي لفهم المدن بصورتها التقليدية، إنما يشمل الحديث عن حوكمة المدن - أيضًا- المدن الذكية. والمدينة الذكية - وفقًا للاتحاد الدولي للاتصالات "هي المدينة المبتكرة التي تقوم على استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها من وسائل تحسين نوعية الحياة وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية مع القدرة على المنافسة، مع ضمان تلبية احتياجات الأجيال الحاضرة والمقبلة فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية". والثقافة تشتمل على الجوانب الثلاثة السابقة.

وحتى تلعب القاهرة - كمدينة قديمة/ حديثة - دور العاصمة الثقافية لا بد لها من بنية تحتية تكنولوجية ثقافية، وإدارة وإتاحة لمعلومات وبيانات كثيفة وغزيرة عن مكونات الثقافة الإسلامية من؛ منشآت ومتاحف وكتب ومخطوطات وأحداث". وهذا الجهد يتطلب تصويب المفاهيم حول طبيعة المنتجات الثقافية للمدن. فالشائع أن المنتجات الثقافية ذات الخصائص "الإسلامية" هي إنتاج المسلمين في هذه الحقبة الزمنية أو تلك.

فالثقافة نبت (كالنبات) تشمل أسلوب حياة الفرد والمجتمع بعاداته وتقاليده وتوجهاته ومشاعره وفنونه، فضلاً عما تتضمنه قيم هذا المجتمع من علم وتهذيب وفطنة.

ويذكر الكاتب عباس محمود العقاد "أن الثقافة العربية هي أقدم من الثقافة اليونانية والعبرانية". والثقافة العربية تعتبر أحد مكونات الثقافة الإسلامية. والثقافة الإسلامية أسهم في تنميتها روافد غير مسلمة وغير عربية من علماء ومفكرين وكتاب. ومن ثم فهي ملك للعالم ونتاج عن تقاطع عوالم مختلفة. فهي إذًا ليست خاصة بالمسلمين والشعوب الإسلامية فقط!

---

وحوكمة المدن (القاهرة) فيما تقدمه من حقائق وخدمات مرتبطة بالثقافة الإسلامية فرصة ذهبية لتصحيح المغلوط، وإبراز المشترك الذي ساهم فيه الجميع: مسلمين وغير مسلمين .

ويعنينا أيضًا في هذا الأمر الترتيبات المؤسسية لحوكمة القاهرة كمدينة تقدم خدمة التعريف بالثقافة الإسلامية التي أسهمت في حفظها وتنميتها واستدامتها. وهذا يتطلب التعاون والتنسيق والتفاهم بين جهات عديدة كوزارات وهيئات الثقافة والآثار والأوقاف والأزهر الشريف والاتصالات والمكاتب الثقافية لسفاراتنا بالخارج والأهم الإعلام المصري.

فحوكمة السياسات والتنظيمات وإدارة كافة الخدمات الثقافية الإسلامية التي تقدمها القاهرة فرصة ذهبية لتصويب المفاهيم، ونقل المعارف والمعلومات السليمة وإبراز العقول المفكرة في العصور الذهبية للحكم الإسلامي التي ساهمت في خدمة البشرية وتطويرها.

إعلان