- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
حين فازت البرازيل بمونديال 1970 أهدى ديكتاتورها الجنرال مديتشي اللاعبين نقودا، ووقف أمام المصورين حاملا الكأس بيديه، بل ضرب الكرة برأسه، ثم مضى في خطوة عسكرية إلى الأمام تصحبه أغنية: "إلى الأمام أيتها البرازيل" التي وضعت خصيصا للمنتخب، ليتحول إلى الموسيقى الرسمية للحكومة، فيما كان التليفزيون يعرض صورة بيليه وهو يطير فوق العشب، وتحته عبارة "لم يعد بإمكان أحد وقف البرازيل".
وفي الأرجنتين، استخدم الجنرال فيديلا صورة كيمبس المندفع كإعصار للهدف نفسه، بعد أن أنفق مئات الملايين من الدولارات حتى تكون المناسبة أسطورية، لعلها تحسن صورته.
وحين فازت بلاده بمونديال 1978، وكان على بعد كيلو مترات قليلة من الملعب الذي شهد المباراة النهائية مركزًا للتعذيب والإبادة في إحدى المدارس العسكرية، وكانت الطائرات تلقي بالمعتقلين المعارضين أحياء في البحر، ويتم اغتيال آلاف مؤلفة من الأرجنتينيين دون أن يتركوا أثرا، لكن كل هذا تمت التعمية عليه مؤقتا في ضجيج انتصارات الفريق، وتصفيق المعلقين الذين كانوا مجبرين على هذا، وسيل تصريحات مجاملة لحسن الضيافة من كبار رجال الفيفا ومن سياسيين مدعوين من بينهم وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.
وعين ديكتاتور شيلي بونشيه نفسه رئيسا لنادي كولو كولو ذي الشعبية الكبيرة. وفعل الجنرال جارسيا ميزا في بوليفيا الأمر نفسه، حيث صار رئيسا لنادي ويليسترمان.
وفي أوج حرب الاستقلال الجزائرية، وتحديدا عام 1958، شكلت الجزائر منتخبا ارتدي فانلة بلون العلم الوطني، لكن الحصار لم يمكنه من اللعب سوى مع المغرب، التي عاقبها الفيفا بالحرمان من اللعب عدة سنوات، فاضطر الفريق الجزائري إلى اللعب مع بعض فرق الجمعيات الخيرية في العالم العربي وأوروبا الشرقية، وكان من بين أعضاء الفريق لاعبون محترفون في فرق فرنسية عاقبتهم بقسوة، ولم ترفع العقوبة إلا بعد استقلال الجزائر عام 1962.
ولم تقتصر استعارة كرة القدم في السياسة على الواقع، بل ذهبت إلى توظيفها في تخيل المستقبل السياسي، أو التنبؤ به، ففي عام 2015 صدرت رواية في القاهرة لكاتب سياسي مصري هو أحمد الصاوي، توسل فيها بلعبة كرة القدم ليطلق الخيال حول حدث سياسي كبير قد يقع حين تجد مصر نفسها في يوم من الأيام في مواجهة إسرائيل من أجل العبور إلى المونديال، ليتخذ من هذا الحدث فرصة لسرد التأثير النفسي والاجتماعي والسياسي على اللاعبين والمدربين والجمهور المتحمس للعبة، أي موقف كل هؤلاء من التطبيع مع إسرائيل عبر كرة القدم.
ويتعلق الاعتبار الخامس بدخول كرة القدم في حيز التصورات والأفكار والأوهام التي تطرحها بعض الأيديولوجيات. فعلى سبيل المثال يرى الفيلسوف البريطاني سايمون كريتشلي أن الاشتراكية هى الاتجاه السياسي الذي يليق بالكرة، نظرا لأنها تربط الحرية الفردية بمصلحة المجموع، وهى مسألة تمضي عليها اللعبة فوق البساط الأخضر، إذ إن اللاعب يتصرف ويبدع بحرية لكن ضمن الفريق، ويعتمد النجم الكبير على بقية رفاقه، ومن دونهم ليس بوسعه أن يكون فعالا. وقد كان بيل شانكلي المدير الفني لفريق ليفربول خلال ستينيات القرن العشرين يتبني فكرة الاشتراكية الإنسانية بمفهومها الأشمل في طريقة إدارته للفريق، وعلاقته أيضًا بالجمهور، وكان يتصرف ليس كسياسي بالطبع ولكن وفق منظومة قيم أو أسلوب حياة يقوم على الإيمان بأن الفوز أو النجاح لا يمكن إدراكه إلا في إطار المجموع.
لكن الأمر لم يقف عند القيم العامة أو طريقة العيش، على نحو ما يعتقد شانكلي، بل دخلت الأيديولوجيا لتشكل طريقة اللعب، وتشكيل الفريق. فالنموذج السوفيتي أخضع المنتخب الوطني لتنوع واختلاف القوميات واللهجات، بحيث يأتي الفريق ممثلا لكل القوميات التي يتكون منها الاتحاد السوفيتي متسع الأرجاء. في المقابل كان هناك محاولة كي تعكس طريقة اللعبة الأيديولوجية الشيوعية، عبر الإيمان بشمولية أدوار اللاعبين في الملعب، وإعطاء مفاهيم جديدة لاستغلال المساحات، وتنوع المهارات التي يمكن لأي لاعب القيام بها في إطار المجموع.
وتماهت كرة القدم مع بعض التصورات النسوية، وهو ما تطرحه اللاعبة الأمريكية السابقة جويندلن أوكسنهام في كتابها "تحت الأضواء وفي الظلام"، التي تشرح فيه ما يدور في العالم السري لكرة القدم النسائية في الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والبرازيل، وكيف تعاني اللاعبات في مواجهة نظام ذكوري قاسٍ، وتفرقة واضحة بين الجنسين، إلى جانب صور ذهنية تقلل من شأن النساء، وقبلها منظومة قوانين مجحفة بالسيدات، وقواعد مغايرة للعبة، لا تعطي وزنا للكرة النسائية.
وتمت استعارة كرة القدم برمتها مجالًا للتعبير عن التعصب السياسي والاجتماعي، أو مثلت تكئة لهذا، وهى حالة نراها في بلدان عديدة، حيث يحقر مشجعو كل فريق من مشجعي غيره. ويمكن هنا عرض مثلين صارخين، ففي إيطاليا نجد أنه عندما بدأ فريق نابولي يلعب أفضل كرة قدم استعاد سكان شمال البلاد صورا قديمة للتعصب والعنصرية ضد الجنوبيين فكانوا يرفعون لافتات مهينة لهم في ستادات ميلان وتورين تقول: "أيها النابوليون، أهلا بكم في إيطاليا" أو" إننا نعتمد عليك يا بركان فيزوف"، أي ينتظرون من البركان أن يجرفهم ويميتهم جميعا، ثم ينشدون:
"يا للرائحة الكريهة
حتى الكلاب تهرب
النابوليون قد وصلوا
آه للملونين للمزلزلين
لا يمكن حتى للصابون أن ينظفهم
نابولي أيتها البراز، نابولي أيتها الطاعون
أنت عار على إيطاليا كلها".
ويحدث الأمر نفسه مع فريق بوكا جونيورز الأرجنتيني، الذي يشجعه الريفيون والسود، فيتأفف منهم سكان بوينس أيرس، ويطلقون عقائرهم بغناء كريه في المدرجات:
"الكل يعرف أن البوكا في حداد
فجميعهم سود، جميعهم عاهرات
لا بد من قتل هذا الروث
لا بد من رميهم إلى نهر ريتشاويلو".
لكن استعارة كرة القدم مجالًا للتعصب وبث ثقافة الكراهية دخل إلى مساحات أشد قتامة، حيث ارتبط بالنزوع العنصري ضد السود. ففي سنة 1921 أصدر الرئيس البرازيلي إيبيتاسيو بيسوسا مرسوما يقضي بعدم إرسال اللاعبين السود للمشاركة في بطولة كأس أمريكا اللاتينية حتى لا يسيئوا إلى البلاد. لكن رغم أنف السلطة فرضت مهارة اللاعبين السود والخلاسيين أنفسهم مع تقدم السنين، وصارت كرة القدم وسيلة للحراك الاجتماعي لديهم، بل وحيازة ثروات هائلة، والتحول إلى نجوم عالميين.
ووقع الأمر نفسه في أوروبا، فبعد أن كان هناك انحياز للاعبين بيض البشرة، أخذ الأجانب يزحفون على الأندية الأوربية، حتى وجدنا فريق تشيلسي تحت إدارة الإيطالي جيانلوكا فياللي ينزل إلى أرض الملعب خاليا من أي لاعب بريطاني. ووضع فريق أرسنال قائمة لاعبين أساسيين واحتياطيين كاملة من غير البريطانيين عام 2005، تحت قيادة الفرنسي آرسين فينجر. وصولًا إلى مشاركة 27 لاعبًا من 22 جنسية مختلفة من الفريقين في مباراة واحدة بين بلاكبيرن ووست بروميتش في يناير 2011.
إن هذه الاعتبارات الخمسة، تجعل الاستعارة المتبادلة بين كرة القدم والأفكار والممارسات السياسية قائمة، ولها ما يبررها، حتى لو كان هناك من يعتقد أن العلاقة واهية بين المجالين. وتبقى الكرة أشبه بتمرين، يمكن أن نطبقه على مجالات أخرى، لقيام الاستعارة السياسية في أنشطة وممارسات لا حصر لها، وأن هذا أمر لا فكاك منه، مهما حاول البعض أن يضيق الخناق على السياسة لتصير مقتصرة على المعاني والمفاهيم والتصرفات المرتبطة بالسلطة العليا، والعلاقات بين الدول.
إعلان