لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عن هندسة النخبة "الجديدة"

عن هندسة النخبة "الجديدة"

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:01 م الإثنين 20 أغسطس 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بعد مرور خمس سنوات على فض اعتصامي رابعة والنهضة والذي أكمل التغيير الذي أتت به ثورة 2013، لا يزال السؤال المتعلق بمن هي النخبة في مصر يشغل مساحات من النقاش، خاصة في ظل تكرار الحديث عن "عدم قيام" النخبة بوظائفها، وعن الحاجة لـ"تجديد النخبة".

حدد باريتو، أحد علماء السياسة، نوعين للنخبة، وهما النخبة الحاكمة، والنخبة غير الحاكمة، وميز باريتو أيضا بين نوعين أعضاء النخبة الحاكمة، النوع الأول هو من سماهم "الأسود" الذين يعكسون ثقافة العامة في المجتمع، ويعتمدون على القوة والتقاليد والقهر من أجل ممارسة الحكم.

ويعبر عن النوع الثاني "الذئاب" والذين يعتمدون على الأفكار الجديدة والخلاقة من أجل ممارسة الحكم بفاعلية، ويرى باريتو أن هذا النوع الأخير هو من يقود الدول في المراحل الانتقالية، وبعد استقرار الأوضاع يتولى الأسود إدارة الدولة.

وعادة ما تعتمد النخبة الحاكمة على نخب فرعية تتكون من المفكرين والمثقفين والمديرين التكنوقراط والبيروقراطيين، وتتولى هذه النخب الفرعية التسويق السياسي لأفكار وسياسات النخبة الحاكمة والتأثير على النقاش العام في الدولة على نحو يعزز من شرعية النخبة الحاكمة.

وبالعودة إلى النخبة في مصر، فإن المناقشات السابق الإشارة إليها ترتبط بصورة رئيسية بالنخبة الفرعية، وفي هذا السياق فإن هناك فريقا يرى أن هناك نخبة جديدة تضم الإعلاميين الموجودين على الساحة الآن والشباب الذين تخرجوا في البرنامج الرئاسي ورجال الأعمال الذين استفادوا من التغيير الذي أتت به ثورة 2013.

وهناك تيار آخر يرى أن النخبة التي تشكلت منذ ثورة 1952 لا تزال هي الموجودة حتى الآن، والجديد فيها هو تصدر جيل "جديد" منها للمشهد، ولا يعني كون هذا الجيل "جديدًا" صغر سنه، وإنما يعني كون اسمه جديدا على الساحة؛ فما حدث أنه قد تحرك من الصفوف الخلفية للصفوف الأمامية.

ومراقبة التغيرات التي تحدث في بلدنا طوال السنوات الخمس الماضية تكشف عن ثلاث ظواهر:

الأولى أن النخبة الجديدة لم يستقر شكلها بعد، فإذا نظرنا للإعلام مثلا نجد أن حالة السيولة التي يتعرض لها تفرز مقدمي برامج من نوع معين، يعبرون عن نخب إعلامية جديدة قد لا يستمر عمرها طويلا.

والظاهرة الثانية أن من يطلق عليهم "النخبة" اليوم هم فئات مخضرمة عاشت في عهود سابقة، وترغب في الاستمرار في المرحلة الحالية، ودون أن تفسح المجال لنخب جديدة أكثر تعبيرا عن المرحلة الحالية.

والظاهرة الثالثة هي أن هناك تضخيما لأدوار فئات معينة على حساب أخرى، تم تهميش أدوارها، مثل مراكز الأبحاث والمثقفين والتكنوقراط، على نحو سينتج عنه عدم تنوع النخبة وعدم قدرتها على القيام بوظائفها.

باختصار: لم تتشكل نخبة جديدة بعد في مصر، فهي في مرحلة انتقالية شأنها شأن بلدنا، ومن المهم أن تعاد هندسة النخبة الجديدة، خلال المرحلة المقبلة، من خلال ضخ دماء جديدة تضمن تنوعها، وكذلك تطوير قنوات تضمن تجدد النخبة وعدم تجمدها.

إعلان